تيّار المستقبل يغرق في التناقض .. من الفوّار إلى تربل… عبد الكافي الصمد

في 24 تموز الماضي وصل الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري إلى بلدة الفوار، ليعلن من فوق العقار الذي أرادت وزارة البيئة اعتماده مطمراً مؤقتاً للنفايات أنه يعارض اعتماد هذا العقار، ومعه البلدة، موقعاً لاستيعاب نفايات أربعة اقضية شمالية هي زغرتا، المنية ـ الضنية، الكورة وبشري، موضحاً يومها أن موقفه الرافض لوجود المكب ينسجم مع موقف الأهالي الرافض للمطمر، ″حرصاً على صحّتهم وسلامتهم″ كما قال يومها، برغم أن العقار المذكور يملكه المتعهد المعروف جهاد العرب المقرب من آل الحريري.

يوم أمس جدّد الحريري موقفه من المطمر البديل الذي اعتمدته وزارة البيئة في تربل، إذ أعلن أنه ″لن نقبل أن يتحوّل جبل تربل إلى مطمر خبيث للنفايات على حساب ناسنا″، مشيراً إلى أن ″قضية جبل تربل هي قضية بيئية صحية بامتياز، ولن نسمح بتسييسها أو تطييفها، أو محاولة إستغلالها للمزيد من شعبوية البعض في مناطقهم على حساب الناس″.

موقف الحريري الأخير جاء في أعقاب تحركات شعبية على الأرض جاءت معترضة على إعادة العمل بمطمر تربل، بعدما كان رئيس الحكومة سعد الحريري قد طلب منتصف الأسبوع الماضي من وزير البيئة فادي جريصاتي توقيف العمل بإنشاء مطمر تربل لمدة 48 ساعة، من أجل مزيد من الدرس.

مهلة الـ48 ساعة هذه ما كادت تنتهي حتى كانت وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن ترسل وثيقة إحالة″ إلى محافظ الشمال رمزي نهرا، مؤرخة بتاريخ 9 / 8 / 2019، تحمل عبارة عاجل جداً، تبلغه فيها إعتماد موقع تربل كحل مؤقت لتجميع وطمر النفايات المنزلية الصلبة بطريقة صحيحة وسليمة بيئياً، ما دفع نهرا لإبلاغ قائد درك منطقة الشمال الإقليمية بالوثيقة، طالباً منها أخذ العلم بها، وتأمين المؤازرة الأمنية اللازمة للتمكن من السير بالموضوع.

عطلة عيد الأضحى تسبّبت في تأجيل إعادة العمل بالمطمر أياماً، لكن ما إنْ علم أهالي البلدات المجاورة لتربل في المنية وزغرتا والضنية بالأمر، أول من أمس، حتى بادروا إلى الإحتجاج عبر تحركات على الأرض، قاموا خلالها بتنفيذ إعتصامات، وقطع طرقات، واعتداءات على شاحنات كانت تقلّ نفايات إلى موقع المكب، واعتداءات مماثلة على الآليات التي تعمل في موقع الممطر، في ظل حالة هيجان وغضب شعبي عارم، ما دفع الأمين العام لتيار المستقبل إلى تدارك الموقف وركوب موجة الإحتجاج ليعلن وقوفه إلى جانب المعارضين برفضهم مطمر تربل.

مواقف الأمين العام للتيار الأزرق والتطورات المتلاحقة طرحت تساؤلات عديدة، أبرزها:

أولاً: باسم من يتحدث إذا كانت وزيرة الداخلية محسوبة بالكامل على تياره، وكيف يُفسّر أن المتعهدين الذين بدأوا العمل في موقع المطمر، والمحتجين على الأرض هم من مؤيدي تياره، وكيف يبرّر هذا التناقض؟

ثانياً: كيف يشرح الحريري للراي العام موافقة وزيرة الداخلية على اعادة العمل بالمطمر، بعدما كان موافقة تياره ونوابه في المنطقة عليه، ثم ينزل نوابه ومنسقي تياره الى الشارع كي يلتحقوا بموجة الاعتراضات على المطمر، لحسابات انتخابية وشعبية خشية إنقلاب الشارع عليهم، ثم يأتي الحريري ليستنكر “محاولة البعض إستغلال التحركات للمزيد من شعبوية في مناطقهم على حساب الناس”!

ثالثاً: بات واضحاً أن الحريري وتياره باتا محرجين أمام شارعهما، وتحديداً في الشمال، إذ بعدما كان هذا الشارع يسير خلف القيادة الزرقاء في سنوات مضت، باتت هذه القيادة تركض  خلف شارع ينقاد وراء شعارات طائفية وغرائز مذهبية بالغة الخطورة، كانت لمواقف وسياسات تيار المستقبل اليد الطولى فيها.

رابعاً: هذه المرة الثانية التي يجد فيها الحريري وقيادة تياره ورئاسة الحكومة أنفسهم مجبرين على التراجع عن قرارات إتخذوها (الفوّار وتربل مثلاً)، ما سيهدّد “هيبة” و”مصير” أي قرار قد يتخذونه مستقبلاً، سواء في شارعهم السياسي والمذهبي أو في بقية الشوارع، التي ستكون الإحتجاجات فيها، دون ريب، أشدّ وأقسى.


مواضيع ذات صلة:

  1. حسين الفشّيخ: ضريبة جديدة للهجرة… عبد الكافي الصمد

  2. مطمر تربل موضع تجاذب و″الدّعم السّياسي″ للمعارضين آتٍ… عبد الكافي الصمد

  3. أزمة النفايات الشمالية تكتب آخر فصولها: موقع تربل هو الحلّ… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal