هجرة أم تهجير.. بلدات عكارية فرغت من أهلها والوزير عطالله يرفض الاقصاء… نجلة حمود

تروي المنازل المهجورة في عدد من قرى وبلدات محافظة عكار وتحديدا في بلدات: الخريبة، بيت ملات، دير جنين، الهد، السفينة، كفرنون، حكايات سكان باتوا سابقين. وقد مضى زمن على انتظارها عودتهم منذ غادرها بعضهم في الثلاثينيات سعيا وراء لقمة العيش، بينما هجرها البعض الآخر إبان الحرب الأهلية. واليوم، يخيم شبح بيع الأراضي على المسؤولين، بينما يؤكد السكان أنهم لم يكونوا يوما ضمن حسابات دولتهم، ولو وفر لهم الاحتضان اللازم لما آلت أحوالهم إلى ما هي عليه اليوم.

في بلدة بيت ملات لا يتجاوز عدد السكان المقيمين الـ350 شخصا، أما المقيمين في بيروت فهم ألفي شخص في أفضل الأحوال. المنازل المهجورة تروي ماض وذكريات جميلة يحملها مختار البلدة ويتناقلها الأهالي من جيل الى آخر، الا أن تحولت الى موحشة ومهجورة بسبب الحرب الأهلية التي كانت كفيلة بتفريغ البلدة من أهلها من العام 1975 وحتى العام 1980.  

ذاع صيت بيت ملات في المكسيك إذ يبلغ عدد المهاجرين اليه 14 ألفا، يؤثرون في الحياة العامة، كذلك الأمر بالنسبة للمهاجرين الى البرازيل 6 آلاف لبناني من بيت ملات، الجميع يتحدث بفخر عن الطبيب أديب جعيتاني الذي تبوء منصب وزير الصحة في البرازيل وزار لبنان مؤخرا.

ويشير نائب رئيس البلدية سيمون جعيتاني الى “أن عائلات بأكملها غادرت البلدة ولم تعد على الاطلاق، وهناك ثلاثة نواب في البرازيل من بيت ملات، كما أن عائلات هاجرت الى أستراليا ولم يعد لها أي أثر في البلدة، لافتا الى أن النائب الماروني الأول ألبير الحاج هو ابن بلدة بيت ملات التي كانت مركزا لصنع القرار منذ الخمسينات. 

يؤكد رئيس البلدية ملحم خوري “أن الدولة غابت طوال هذه السنين فلم نشعر بوجودها، ما أدى الى تهجيرنا مرتين، مؤكدا أن المنازل رممت بجود الأهالي وأموالهم الخاصة، والطرقات والمباني الرسمية وكل شيء هو بجهود أبناء البلدة ومساعدة بعض المغتربين الذين يزورون بيت ملات صيفا”.

هذه البلدات وغيرها مثل بلدتي منجز وتلعباس، كانت يوم أمس على موعد مع زيارة وزير المهجرين غسان عطالله الذي إطلع ميدانيا على الواقع والتقى الأهالي والفاعليات، بحضور النائب أسعد درغام، عضو المجلس السياسي في التيار جيمي جبور، وفاعليات التيار.

لم يبق أحد في قرية الهد جميع سكانها هجروها، إلى ما وراء البحار حتى قبل الحرب الأهلية، لا يتجاوز عدد سكان البلدة الحاليين 14 فرداً، يقطنون فيها دائما. أما غالبية المنازل فقد تهدمت. ولا شيء في تلك القرية النائية والأرض الخصبة يوحي باستمرار دورة الحياة، إذ لم يشيد بناء في البلدة منذ 30 عاماً، ومن بقي داخلها هم من المسنين.

أما الجارة دير جنين أو “عروسة الدريب”، كما كان يطلق عليها سابقا لأنها كانت مركزا للعلم والانفتاح، (فكان يقصدها أبناء عكار طلبا للعلم في مدرستها الرسمية التي كانت تضم مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط) فقد تعرضت للدمار وهجرها أهلها خلال الحرب الأهلية في العام 1976، إلا أنها تمكنت بإصرار بعض أبنائها ووجود بلدية فيها من النهوض بالبلدة وتأمين الخدمات العامة فيها، لكنها لم تتمكن من استعادة رونقها القديم، إذ أن هناك منازل ما زالت مدمرة ومهجورة، حيث “لم يعد إلى البلدة سوى 15 في المئة من أبنائها”، وفق المختار غورو سعد، الذي حمل الوزير عطالله أمانة الاهتمام بالبلدة والتعويض على المواطنين، لانهاء هذا الملف.

في باحة الكنيسة إستمع الوزير عطالله الى هواجس الأهالي، تماما كما فعل في بلدات منجز وكفرنون وتلعباس، فشدد على “أنه من المعيب بعد 30 سنة بقاء وزارة المهجرين، وقد قلنا ستكون هذه الوزارة آخر وزارة ولكن ليس قبل اعطاء الحقوق لاصحابها واقفال كل الملفات”.

وأضاف: “لقد أصرينا اليوم على الاطلاع ميدانيا على الواقع، لان الصورة الموجودة في الوزارة توحي بأن بعض المنازل لم تكن سكنية وهذا خاطئ، لكم حقوق سوف تحصلون عليها”.

وشدد عطالله على “أننا سنسعى لإنهاء كل الملفات وعكار سيكون لها نصيب من اول دفعة للوزارة بأقل تكلفة واقل عذاب على المواطنين، فنحن اليوم نسير على الطريق الصحيح وسنتابع كل الملفات وسنتواصل مع الأهالي لحل مسألة العقارات غير الممسوحة، وكل الأمور العالقة بأقل كلفة على المواطنين، مشددا على انه من حق الأهالي الحصول على التعويضات ومن دون مساومة، لا بانتخابات ولا غيرها، لأننا نعمل بإطار مؤسساتي، بإطار الدولة، والقانون سيطبق على كل الناس، ومن يظن أن زمن الميليشيات ما زال ممكنا هو خاطئ”.

وختم: عندما نقول حقوق المسيحيين مهدورة لا نكون نتحدث بطائفية، ولكن لن نقبل أن نعيش مواطنين درجة ثانية، وكل شخص يدعو للتفاهم نحن معه نتفاهم بالشراكة والمساواة وليس الاقصاء، فلبنان بلد للجميع وكلنا نرغب بالبقاء به وسوف نبني دولة نسلمها لاولادنا”.


مواضيع ذات صلة:

  1. التعديات أزهقت روح الطفلة ريهام.. فهل من ينقذ القموعة من الفوضى القاتلة؟… نجلة حمود

  2. فوضى المقالع والكسارات بين الشمال والبقاع.. تهدد مهرجانات القبيات.. نجلة حمود

  3. الجامعة اللبنانية الدولية تجمع العكاريين في حفل تخرج طلابها.. نجلة حمود


 

Post Author: SafirAlChamal