أفيوني لـ″سفير الشمال″: وزارتنا ليست ترضية.. وقطاع التكنولوجيا فرصة للبنان وشبابه

لم تكن مهمة الوزير عادل أفيوني مجرد نزهة على طاولة مجلس الوزراء، فالرجل تسلم وزارة قد تكون الأهم في التصنيف العالمي كونها تتعلق بالتكنولوجيا التي تجتاح العالم بكل قطاعاته، لكنها لم تكن موجودة في لبنان، ما تطلب جهدا إستثنائيا من الوزير الشاب الذي نجح في بنائها وتشكيل هيكليتها، وفي وضع تصور واضح لعملها وفقا لخطط تهدف الى تحويل لبنان الى مركز إقليمي رائد في إقتصاد المعرفة، والى منصة إقليمية لاستقطاب عمل الشركات التكنولوجية العالمية، والسعي من خلال الوزارة الى دعم الشباب والأخذ بيدهم نحو سوق العمل ودعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال وتوفير الأرضية اللازمة أمامهم للتقدم والتطور.

بعد مضي ستة أشهر على توليه مهام وزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا، يقيّم الوزير أفيوني عبر “سفير الشمال” مسار عمل وزارته، فيقول: إن إنشاء وزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا في هذا التوقيت وفي ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها لبنان أمر صائب ومهم على حد سواء، لأن إعادة النهوض بالاقتصاد اللبناني تتطلب إصلاحات جذرية وبنيوية ومن أهمها تفعيل القطاعات الانتاجية لتغيير نموذج الاقتصاد اللبناني من اقتصاد يستهلك ويستورد الى اقتصاد ينتج ويصدر، واهم هذه القطاعات الانتاجية في ظل الثورة الصناعية الرابعة هو قطاع إقتصاد المعرفة أو قطاع التكنولوجيا ومن هنا اهمية الحقيبة والمهمة.

لذلك حرصت منذ اليوم الاول على تولي مهامي على وضع خطة عمل لمسار الوزارة، وهي كما تعلمون لم يكن لها وجود ولا هيكلية ولا مهمات سابقة، وأمضيت الأسابيع الأولى في مسح شامل لقطاع التكنولوجيا في لبنان وحاجاته وثغراته واجتمعت بأكبر عدد ممكن من المعنيين في القطاع الخاص والعام، وبناء على ذلك وضعت خطة عمل الوزارة، وقد قررنا ان يكون التحرك ضمن خطين متوازيين، خط القطاع العام وخط القطاع الخاص.

خط القطاع العام من خلال مشروع الحكومة الإلكترونية وهو مشروع استراتيجي وشامل يتم بالتعاون مع وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية والوزارات الاخرى، وقد تم إلى الآن إقرار حوكمة وآلية لتنفيذ مشروع التحول الرقمي برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري واشراف لجنة وزارية وتم تشكيل لجنة تقنية يشارك فيها كل من وزيري الدولة للتنمية الإدارية والاستثمار والتكنولوجيا وتقوم بإدارة المشروع والإشراف على حسن تنفيذه، وهذا موضوع مهم جدا لتفعيل القطاع العام وتسهيل عمل المواطن والشركات ومحاربة الهدر والفساد.

والخط الثاني هو دعم القطاع الخاص في مجال اقتصاد المعرفة وخلق أرضية عمل مشتركة وتعاون لوضع لبنان على سكة الاقتصاد الرقمي، وهدفنا في هذا المجال واضح، اقتصاد المعرفة يشكل رافعة اساسية للاقتصاد اللبناني، ولذلك وعلينا زيادة حجمه في الدخل القومي ومضاعفة حجم الوظائف في هذا القطاع. وما يدعو للطموح هو أن النمو في هذا القطاع لا يحتاج إلى ثروة طبيعية بل الى ثروة بشرية، ونحن نملكها بشكل أكبر بكثير من دول أخرى وهذا ما يجعلنا قادرين على تحقيق طموحنا.

ويضيف: إن الوصول إلى هذه النتيجة يتطلب وضع الاصلاحات والحوافز لتشجيع الكفاءات اللبنانية للبقاء في لبنان، وتشجيع الشركات على العمل من خلال لبنان وتحويله الى مركز إقليمي لإقتصاد المعرفة، ونحن نعمل مع المعنيين مع هذا القطاع لتنفيذ هذه الاصلاحات وإطلاق ورشة عمل طموحة، وقد بدأنا بتحقيق  نتائج منها إنني أدرجت في الموازنة 2019 بندين لتحقيق حوافز لتشجيع التوظيف في قطاع إقتصاد المعرفة، قد تم إقرارهما وانا اعتقد انهما من البنود التحفيزية الوحيدة في موازنة 2019. 

وأهمية هذان البندان أنهما يسهلان على المؤسسات والمشاريع الاستفادة من حوافر مؤسسة “إيدال”، والأبرز اننا أضفنا الى حوافز “ايدال” موضوع أساسي وهو ان تتكفل بتسديد إشتراكات الضمان الاجتماعي على مدى عامين، لأي شركة في قطاع التكنولوجيا تقوم بالتوظيف وهذا ما يوفر نحو ربع كلفة التوظيف على الشركات ونأمل ان يشجع على خلق فرص العمل.

كما أننا في التشريع أطلقنا ورشة مراسيم تطبيقية لقانون المعاملات الالكترونية المعروف بقانون 81، وهذا موضوع مهم جدا من شأنه أن يسهل تطبيق التوقيع الالكتروني على المعاملات اليومية، وأن يفعّل التجارة الالكترونية ويشكل نقلة نوعية في حياة المواطنين والاقتصاد.

ويتابع أفيوني: بعد مرور 6 أشهر أستطيع  القول أننا وضعنا تصوراً واضحاً لعمل الوزارة وخطة عمل باشرنا في تنفيذها وورشة الاصلاحات انطلقت لكن العبرة في التنفيذ وهذا يحتاج الى مزيد من الإمكانات وهذا هاجسي الأهم.

كما اعتقد أننا أثبتنا للبنانيين أن “وزارة الدولة للإستثمار والتكنولوجيا” ليست جائزة ترضية والتفكير بهذه الطريقة خاطىء، لأنه في معظم بلدان العالم اليوم وزارات تعنى بالتكنولوجيا وبإقتصاد المعرفة لما لهذه القطاعات من اهمية اقتصادية وإنمائية في هذا العصر، وهو عصر الثورة الصناعية الرابعة ولا يمكن ان نلحق بركب الحداثة ونواكب التطور، ونحضّر شبابنا واقتصادنا لتحديات القرن الواحد والعشرين، اذا لم نركز على هذه القطاعات، ونستثمر بها فانا اعتبر قطاع التكنولوجيا فرصة للبنان ولشبابه.

سئل: ما هي خطة عمل الوزارة في المرحلة المقبلة؟

أجاب: نحن سائرون في تنفيذ خطة العمل التي وضعناها، لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف وإزالة العوائق أمام نمو القطاع الخاص ومساهمته في التحول نحو الاقتصاد الرقمي، وعملنا سيركز على المحاور الاربعة التالية:

أولا: إطلاق خطة لتسهيل مزاولة الاعمال للشركات الناشئة والصغرى والمتوسطة ورواد الاعمال وتحسين تصنيف لبنان في مؤشرات سهولة مزاولة العمل الدولية عبر إصلاحات وحوافز إدارية وضريبية وتشريعية وغيرها.

ثانيا: تنويع مصادر التمويل للقطاع وخلق حوافز للمستثمرين وخلق سوق عمل مالية فعالة تسهل تمويل الشركات والمشاريع على إختلافها.

ثالثا: تشجيع الشركات على التوسع خارج الاسواق اللبنانية وتصدير خدماتها إلى الأسواق العالمية وتوفير الدعم لتحقيق ذلك عبر إصلاحات جمركية وإتفاقات تجارية وتسويق فعال.

رابعا: تحويل لبنان إلى مركز إقليمي رائد في إقتصاد المعرفة وإستقطاب الشركات العالمية لخلق فرص عمل ومراكز للشركات في لبنان وتحويله إلى منصة إقليمية لعمل هذه الشركات.

وخطة عملنا هذه تتطلب تعاونا مع كل المعنيين والشركاء من الوزارات المعنية مثل المالية والاقتصاد والعمل والاتصالات والتنمية والإدارية ومع لجنة التكنولوجيا النيابية، بالاضافة إلى التعاون الوثيق مع القطاع الخاص ومثال على ذلك ورشة العمل عقدت في السرايا الحكومي الشهر الماضي  وتمحورت حول تحسين مناخ الاستثمار في قطاع التكنولوجيا وجمعنا فيها عددا من الشركات التي يمكن ان تكون داعما وأساسا لخططنا.

سئل: هل من مشاريع أنتم بصدد إطلاقها ضمن خطة العمل، ويمكن الاعلان عنها في هذه المرحلة؟

أجاب: خطة عملنا تتضمن عددا من المشاريع التي نقوم بدراستها للتحضير لتنفيذها، ومن أولوياتنا في هذا المجال دعم الشباب ومساعدتهم على الدخول إلى سوق العمل ودعم الشركات الناشئة ورواد الاعمال ومساعدتهم على النمو، لذلك نحن نقوم بالتحضير لخطة شاملة لدعم رواد الاعمال في المراحل المبكرة من مشاريعهم ماديا وعبر التدريب والتأهيل، ونأمل أن نطلق هذا المشروع قريبا متى أصبحت تفاصيله جاهزة.

كذلك ان التكنولوجيا تلعب دورا أساسياً في تحقيق الإنماء المتوازن وهذا من أولوياتي، ونحن نريد خلق فرص عمل وتشجيع رواد العمل والمشاريع والمؤسسات والشركات في قطاع إقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات، وان يتم ذلك في سائر المناطق اللبنانية في سبيل خلق إنماء متوازن وخلق نمو إقتصادي في كل المناطق، وهذا امر ممكن في قطاع التكنولوجيا نظراً لطبيعة القطاع التي تسمح بإنشاء مشروع في مكان وفي التوسع في الخدمات الى اي مكان في العالم.

وفي هذا الاطار نحن نعمل على إنشاء واحات تكنولوجية في كل المحافظات، وذلك لتوفير بيئة متكاملة حاضنة للشباب ورواد الاعمال للتواصل والعمل والتعاون معا ولتشجيعهم على المبادرة والابتكار. كما أننا سنطلق قريبا حملة وطنية للتوعية الرقمية ولتحسين المهارات في قطاع التكنولوجيا، وهدف الحملة تحضير طاقاتنا الشبابية وكل مواطن لبناني لمشروع التحول الرقمي وللإستفادة من عالم التكنولوجيا والامكانات غير المحدودة التي تتيحها لشبابنا وهذا أمر مهم جدا بالنسبة لي.

سئل: ما هي التحديات والصعوبات التي واجهتكم منذ تشكيل الحكومة؟

أجاب: التحديات التي تواجه وزارتنا شبيهة إلى حد كبير بالتحديات التي تواجه وطننا  لبنان، فكوننا وزارة جديدة لم تكن موجودة سابقا، فهي تعاني من قلة الامكانات المادية وغياب الملاك الاداري الذي يمكننا من القيام بمهامنا كما يجب وإن كنا نتعاون بشكل ممتاز مع مؤسسات حكومية مثل رئاسة مجلس الوزراء ومؤسسة إيدال، ناهيك عن العقبات السياسية التي تحيط بالعمل الحكومي ككل، فعدم إجتماع مجلس الوزراء يؤدي إلى عرقلة لخطوات نسعى إلى عرضها على مجلس الوزراء لتحقيق الاهداف التي نصبو إليها.

سئل: ماذا عن طرابلس وهمومها ومشاريع إنماء الشمال؟

أجاب: أولا أريد التعبير عن سعادتي للزيارة الأسبوعية التي أقوم لطرابلس والاستماع إلى هواجس وهموم أهلها، لأنه لا يجوز ان يلحق هذا الكم من الغبن بمدينة بحجم طرابلس، والاولوية لكل لبنان الان هي تنمية ودعم عاصمة لبنان الثانية، هناك سلسلة من المشاريع لطرابلس من الضروري تفعيلها وتنفيذها، والرئيس نجيب ميقاتي ركّز على هذا الموضوع، وأعد مع كتلة الوسط المستقل لائحة بهذه المشاريع وتمّ الاتفاق عليها مع نواب المدينة مجتمعين ومع رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد دعمه المطلق لهذه الاقتراحات، وهذا يعني أن هناك جهدا مشتركا يبذل لإطلاق هذه المشاريع وتنفيذها ونحن وضعنا آلية لدراستها وتحديد الاولويات وفي المرحلة القادمة يجب أن ننتقل إلى مرحلة التنفيذ وآمل أن تتعاون كل المكونات الاقتصادية والسياسية، كل حسب موقعها، وتشكل جزء من عملية التنفيذ، والاجتماع على هدف واحد هو إنماء طرابلس بغض النظر عن أي إصطفافات سياسية.

وما أريد التشديد عليه هو أن الاعداد لإطلاق المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، هو أحد أبرز المشاريع لجذب المستثمرين المحليين والأجانب، وأنا أعتبره أولوية لي وأعمل مع الهيئة بشكل متواصل للتقدم في هذا المشروع ودعمه.

والمنطقة الاقتصادية هي فرصة ليست فقط لطرابلس بل أيضا للشمال وللبنان، وهدفنا إستقطاب شركات ليكون لبنان منصة لأعمالهم، والمنطقة الاقتصادية تلعب دورا أساسيا في هذا الموضوع، خصوصا أننا نملك الطاقات البشرية والاقتصادية التي تؤمن الحوافز لإستقطاب هذه الشركات والمستثمرين.

كما آمل أن يكون السعي لتحسين المرافق الرئيسية في محافظتي عكار وطرابلس في طليعة المشاريع الانمائية والاستراتيجية للبنان وهذا ما سنبذل جهدا لتحويله إلى حقيقة، بدءا من الأوتوستراد العربي الذي يربط عكار بطرابلس وبالحدود الشمالية إلى مطار القليعات إلى بناء خمس كليات للجامعة اللبنانية إلى توسيع وتطوير مرفأ طرابلس، وهو مرفق إستراتيجي لكل لبنان ينبغي دعمه، وأخيرا وليس آخرا إعادة تطوير معرض طرابلس وتفعيله وهو بنظري يمكن أن يصبح من أهم معالم لبنان والعالم العربي الثقافية.

وختم أفيوني مشددا على أهمية التعاون مع بلديتيّ طرابلس والميناء وغيرها من بلديات عكار والشمال لإطلاق مشاريع البلدية الالكترونية، فهذا أمر حيوي نريد تعميمه على البلديات لما له من أهمية على حياة المواطن وهذا في سلم أولوياتي المقبلة، وقد إتفقنا على مباشرة العمل في هذا الموضوع في أسرع وقت.

Post Author: SafirAlChamal