مكاري مرعوب من الشحن الطائفي.. وهذه نصائحه الى عون والحريري ونصرالله… غسان ريفي

من بعيد، يبدو المشهد أكثر وضوحا بالنسبة لنائب رئيس مجلس النواب السابق فريد مكاري. هو يراقب ويحلل ويعلق وينصح، من باب الحفاظ على صداقاته التي نسجها على مدار أكثر من ربع قرن من العمل السياسي والنيابي والوزراي، ومن باب حرصه أيضا على لبنان واللبنانين وعلى ديمومة هذا الوطن وسلامة أمنه وإقتصاده.

تخلى مكاري من العمل النيابي اليومي والضاغط، وبات يمارس السياسة بكثير من الهدوء، خصوصا أنه لا يريد شيئا لنفسه، أو لأي مقرب منه في الوقت الراهن، لذلك فإنه يتعاطى مع الأمور كما هي، ويسمي الأشياء بأسمائها، من دون محاباة سياسية، أو إختيار كلمات منمقة لارضاء فلان أو علان.

يتمسك الرئيس مكاري بثوابته السياسية، لكن في الوقت نفسه تتملكه ثورة على ما يشهده لبنان من إنقطاع تواصل ومن إبتعاد عن المنطق، ومن تعدد اللغات، حيث يبدو له أن كل فريق سياسي يتحدث بلغة مختلفة، ما يجعل التفاهم والتوافق بينهم أمرا بالغ الصعوبة.

غياب الرئيس مكاري عن العمل النيابي، لم يبعده عن أهله وناسه، فهو دائم التواجد في منزله في أنفه، وكذلك الحضور في قرى الكورة والأقضية الشمالية، من دون أن يقصّر مع أصدقائه في بيروت وسائر المناطق اللبنانية لا سيما المقربين منهم.

في دارته في أنفه يفتح مكاري صالونه للجميع فيأتون إليه من كل المناطق، وتكون جلسات سياسية يتحدث فيها بصراحة متناهية ويرد على كثير من الاستفسارات والأسئلة التي تقض مضاجع الناس بفعل ما تشهده البلاد من توترات سياسية وأمنية ومن ضغوطات إقتصادية.

يرى مكاري ″أننا اليوم في وضع يجب أن نكون بعكسه كليا، فنحن أمام وضع إقتصادي سيء، والمطلوب من الجميع أن يعملوا يدا واحدة لمصلحة البلد بتوجهات وقناعات مشتركة، لكننا نرى أن السياسيين يضعون كل هذه الأمور جانبا، ويتلهون بمحاربة بعضهم البعض″.

لا يستغرب مكاري بعد الحادث المؤسف الذي حصل في الجبل، أن ″تعود التوترات الأمنية، وأن يشهد الجبل مشاكل كبيرة″، داعيا الجميع الى ″التعقل والى التعاطي مع الأمور بكثير من الحكمة لتجاوز هذا القطوع″.

يلفت مكاري الانتباه الى أن ″العهد يطلق كلاما جميلا، ويتحدث عن إحترام الطائف وقناعته به وبتطبيقه، ويدعو الى عدم نبش قبور الحرب الأهليه، لكن الممارسة تأتي عكس هذا الكلام، حيث رأينا كيف تم تعيين قاض للاهتمام بقضية قبرشمون من خارج القضاة المناوبين في العطلة القضائية، ويكفي لعقول الناس إسمه والطريقة التي أتى بها، ليفكروا بأن هناك مسعى لأخذ التحقيقات أو الأحكام لمصلحة طرف ضد طرف آخر″.

يسأل مكاري: ماذا يريد جبران باسيل؟،ويلفت الى أنه ″إذا كان يريد أن يصل الى رئاسة الجمهورية فهذا حق مشروع له، لكن ما نراه أن باسيل يعمل كل شيء لكي لا يصل الى الرئاسة، سواء في خصوماته أو تصريحاته أو عدائيته تجاه أكثر الأطراف ما يجعل الجميع يجهلون مشروع باسيل الشخصي، ويعتقدون أن لديه مشروعا خاصا لا يتعلق لا بالعهد ولا بالرئاسة، علما أن العهد لم يعد ″مقلع″ وإذا إستمر هكذا، فسيكون من العهود التي يشار إليها بالأصابع على صعيد الفشل″.

وعن الحل، يرى مكاري أن ″الأمر يعود الى فخامة الرئيس، وإذا كان يريد أن ينجح عهده أم لا، خصوصا أنه دائما ما يقال أن أهم شيء في عهد رئيس الجمهورية هو أول سنتين، في حين يتراجع الآداء في السنوات الأربع المتبقية، وربما رئيس الجمهورية يريد أن يسير بالعكس لتكون سنواته الثلاث الأخيرة هي المهمة ونحن طبعا نأمل ذلك″.

وعن المناصفة، يتحدث مكاري بعيدا عن الفلسفة، لافتا الى أن ″الطائف″ يقول ″في الفئة الأولى فقط مع مراعاة بعض المؤسسات لا سيما العسكرية منها، لكن من يطلع على نتائج الامتحانات وأنا لا أشكك فيها أبدا، يرى أن الأمور بعيدة جدا عن النسب المئوية التي تحق لكل طائفة، كما أن الفائزين في مجلس الخدمة المدنية لا يمكن لأي كان أن يمنع عنهم الوظيفة الى أي طائفة إنتموا، لكن من المفترض أن يصار الى التفتيش عن طريقة لاصلاح هذا الوضع، سواء من خلال الدستور أو غير ذلك، علما أن أحدا لا يعرف إذا كان المجال مفتوحا اليوم لتعديل الدستور، وما إذا كان ذلك سيفتح أبواب كثيرة علينا، لكن لا بد من أن يكون هناك معالجات، لأن النتائج كانت مزعجة″.

وعن خشيته من الشحن الطائفي، يؤكد مكاري أنه ″مرعوب من الشحن الطائفي″، لافتا الى أنه ″يخاف من أمرين: الشحن الطائفي والوضع الاقتصادي الذي سيحولنا جميعنا الى فقراء″، مشددا على أن ″الشحن الطائفي أخطر، لذلك فقد دعا الى إحالة من يمارس هذا الشحن الى المجلس العدلي، لأنه قد يؤدي الى ما لا يحمد عقباه، لافتا الى أنه يخشى على المسيحيين من هذا الشحن أكثر من المسلمين″.

يرى مكاري أننا ″في النفق المظلم، وعلينا أن نبذل جهودا كبيرة للمعالجة، ونستطيع ذلك لأن اللبناني لا يريد إنهيار البلد إقتصاديا كما لا يريد العودة الى منطق الحرب″.

في ختام جلسته مع زواره، يوجه مكاري ثلاث نصائح، الأولى الى رئيس الجمهورية بـ″أن يتصرف كحكم، لأنه حتى الآن هو ليس حكما″.

والثانية الى الرئيس سعد الحريري بـ″أن إصمد وإصبر، ولا تثق بأن كل من حولك يريدون مصلحة البلد″.

والثالثة الى السيد حسن نصرالله بـ″أن لا تُدخل لبنان في توترات إقليمية″.


مواضيع ذات صلة:

  1. الحريري يدير ″الأذن الطرشاء″ للأصوات الداعية لانعقاد مجلس الوزراء… غسان ريفي

  2. ميقاتي يدق جرس المعارضة… غسان ريفي

  3. هل نجاح جبران باسيل في تحقيق طموحاته.. أهم من نجاح العهد؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal