الحريري يدير ″الأذن الطرشاء″ للأصوات الداعية لانعقاد مجلس الوزراء… غسان ريفي

يقف الرئيس سعد الحريري أمام خيارين أحلاهما مرّ.. الأول يتعلق بالشلل الذي يصيب الدولة عموما لعدم دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد والضغوطات التي تمارس عليه من أجل القيام بذلك وتحميله مسؤولية ما يحصل، والثاني يتعلق بالمخاطر التي تحدق بهذه الدعوة في حال لم يكن مسار قضية قبرشمون واضحا، أقله بانتظار إنتهاء التحقيقات التي تجريها المحكمة العسكرية ليبنى على الشيء مقتضاه.

يدرك الحريري أن العطلة القسرية التي دخلت فيها الحكومة من شأنها أن تنعكس شللا على البلاد، وأن ترسل إشارات سلبية الى المجتمع الدولي والى الدول المانحة التي قد تعيد النظر في إلتزاماتها تجاه لبنان بما يتعلق بمؤتمر ″سيدر″، لكن ذلك يبقى بالنسبة للحريري أقل ضررا من طرح إحالة قضية قبرشمون الى المجلس العدلي على التصويت في مجلس الوزراء، وإنتصار رأي فريق على آخر، ما قد يؤدي الى تفجير الحكومة من الداخل والاطاحة بها أو تعطيلها بشكل كامل وصولا الى إستقالة أو إقالة لا يريدهما الحريري كونهما بمثابة قفزة في المجهول، فضلا عن أن أي إطاحة بالحكومة لن تكون في مصلحة العهد الذي لا يمكن أن يستمر في تضييع الوقت بتشكيل الحكومات وإرضاء الأطراف السياسية فيها، خصوصا أن الرئيس ميشال عون يكاد يصل الى منتصف ولايته في 31 تشرين الأول المقبل من دون أن يحقق شيئا من وعود النهوض بلبنان.

لذلك يدير الحريري ″الاذن الطرشاء″ لكل الأصوات التي تدعو لانعقاد مجلس الوزراء، خصوصا أنه يمتلك حصرا حق دعوة الحكومة، ولا يمكن لأي سلطة أخرى أن تضغط عليه أو تجبره على القيام بذلك، قبل أن يقتنع هو شخصيا بأن الأمور ذاهبة نحو تسوية سياسية أو قضائية من شأنها أن تنهي الخلاف حول حوادث عاليه، وأن تحافظ على الحكومة، وأن تحفظ في الوقت نفسه ماء وجهه أمام شارعه وأمام حلفائه.

يمكن القول أن الحريري يخشى من أن يتعرض لابتزاز جديد على صعيد فرض شروط سياسية لتأمين نصاب مجلس الوزراء كما حصل بعد يومين من حادثة قبرشمون، حيث تم إستخدام الثلث المعطل من قبل الوزير جبران باسيل ما أجبر الحريري على تأجيل الجلسة بعدما أفضت الاتصالات الى إرسال عدد من الوزراء لتأمين النصاب، خصوصا أن الحريري لم يعد قادرا على تحمل أية تجاوزات له أو لصلاحياته، في ظل الغليان الذي يسيطر على الشارع السني بدءا من رفض التنازلات التي يقدمها، مرورا باستهداف إتفاق الطائف، وصولا الى تحدث البعض بلغة ″ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم″، إضافة الى الحراك الذي يقوم به رؤساء الحكومات السابقين والذي يدعم الحريري من جهة، ويفرمل تنازلاته من جهة ثانية.

يشير مقربون من الحريري الى أنه يحاول المستحيل لعدم ذهاب الأمور نحو تفجير الحكومة من الداخل، لأن البلاد لا يمكن أن تستوعب أي خضة سياسية من هذا النوع، خصوصا في ظل الظرف الاقتصادي البالغ الخطورة، لافتين الانتباه الى أن الحريري لا يأبه للخطابات ولا لما يحكى في المناسبات، بل يسعى الى عدم تضييع فرصة مؤتمر سيدر الذي يحتاج الى مجلس وزراء هادئ ومتعاون ومنسجم قادر على إتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة البلد وتساهم  في النهوض به، وليس الى العنتريات التي قد تؤدي الى الاطاحة بكل ما تم إنجازه، وعندها ستعم الخسارة كل الأطراف والتيارات السياسية.


مواضيع ذات صلة:

  1. ميقاتي يدق جرس المعارضة… غسان ريفي

  2. هل نجاح جبران باسيل في تحقيق طموحاته.. أهم من نجاح العهد؟… غسان ريفي

  3. في شركة كهرباء قاديشا.. نار تحت الرماد… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal