هل نجاح جبران باسيل في تحقيق طموحاته.. أهم من نجاح العهد؟… غسان ريفي

لا شيء في لبنان يبشر بالخير.. العهد الذي من المفترض أن يكون قويا يُطلق النار على قدميه، ويعطل نفسه.. وحكومته تتأرجح بين إعتكاف رئيسها سعد الحريري الذي غادر البلاد في إجازة قد تكون مفتوحة من دون أن يحدد موعدا لانعقاد مجلس الوزراء، وبين إمكانية تفجيرها من الداخل في ظل إصرار بعض مكوناتها السياسية على التصويت على إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي.. والموازنة العامة التي على أساسها ستبدأ مفاعيل مؤتمر ″سيدر″ تفرملت بفعل رفض رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل للبند 80 القاضي بالحفاظ على حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية في الوظيفة لمدة ست سنوات، الأمر الذي يخالف نصا واضحا في الدستور اللبناني حيث تؤكد المادة 95 على أن المناصفة تكون في الفئة الأولى فقط، من دون أن يشمل ذلك الوظائف العادية.

الاحتقان الطائفي بلغ ذروته وبشكل غير مسبوق نتيجة المواقف التي تشحن النفوس والغرائز، بدءا من حرمان شريحة واسعة من الشباب اللبناني من الوظائف بحجة عدم تحقيق المناصفة غير الشرعية أساسا في تلك الفئات، مرورا بالقرارات الارتجالية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، والمواقف العنصرية تجاه النازحين السوريين، وصولا الى محاولات ضرب إتفاق الطائف وتعديله بالممارسة وبالأعراف الجديدة، فيما الفيدرالية المقنعة تطل برأسها من خلال تصنيف اللبنانيين حسب طوائفهم ومذاهبهم ومنعهم من التملك والايجار والسكن في مناطق محددة وبمباركة رسمية..

أزمة النفايات تهدد اللبنانيين بصحتهم وسلامتهم وبيئتهم، ووزيرة الطاقة تبشر اللبنانيين بمزيد من التقنين الكهربائي في فصل الصيف ليس لعدم توفر الفيول، وإنما للاقتصاد في الاعتمادات المالية التي تشتري هذا الفيول، زحمة السير تأسر المواطنين في سياراتهم لساعات طويلة وتنال من أعصابهم ومصالحهم، ووحش الفقر يزداد ويتمدد أفقيا، ونسب البطالة تتجاوز الخطوط الحمراء، والفساد في الدولة مستمر، والمحاصصة تكبر، والمحسوبيات تتقدم على الكفاءات، وكل المعنيين يقولون ما لا يفعلون، حتى إستوطن اليأس نفوس اللبنانيين الذين يمكن القول أنهم فقدوا الأمل في نجاح هذا العهد الذي يُضرب من بيت أبيه!..

كل هذه الأزمات وغيرها كثير ترخي بثقلها على اللبنانيين، والحكومة في إجازة قسرية منذ حادثة قبرشمون، فلا هي قادرة على الاجتماع بفعل ربط بعض التيارات السياسية تأمين نصابها القانوني باحالة تلك الحادثة الى المجلس العدلي، وهي في حال إجتمعت وطرح هذا الأمر على التصويت فإن نتيجته إن كانت سلبا أو إيجابا قد تطيح بها، في وقت تؤكد مصادر مطلعة أن الاجتماع الذي عقد بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في قصر بعبدا كان سيئا، وأفضى الى إعتكاف غير معلن للحريري باختيار الاجازة على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، تاركا الأمر للوقت عله يفلح في تبريد بعض الرؤوس الحامية من كل الأطراف..

كل ذلك يطرح كثيرا من الأسئلة، لجهة: ألا يريد الرئيس ميشال عون أن يكلل عهده بالنجاح؟، وهل نجاح جبران باسيل في تحقيق طموحاته الرئاسية والسياسية والمسيحية هي أهم بالنسبة له من نجاح العهد ككل؟، وهل بات باسيل على قناعة بأن العهد قد فشل، وأن عليه الاستفادة منه لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والمصالح؟، وهل يرضى الرئيس عون الذي ينادي بالوحدة الوطنية والسلم الأهلي أن يسجل على عهده توترا إسلاميا ـ مسيحيا بفعل سعي باسيل الى إلغاء مادة في الدستور تضمن حق من حقوق الشباب اللبناني من طوائف معينة؟، وأين ستأخذ كل هذه المزايدات ومحاولات كسب الشارع على حساب المصلحة العامة لبنان؟..

ثم ماذا عن التسوية الرئاسية؟، وأين هي الشراكة بين الرئيسين عون والحريري؟، وهل تكون هذه الشراكة بنظر باسيل وفق قاعدة ما لكم لنا ولكم، وما لنا لنا وحدنا؟، وهل المطلوب أن يكون مصير التسوية الرئاسية كمصير تفاهم معراب؟..

لا شك في أن الرئيس عون هو المؤتمن على الدستور إنطلاقا من القسم الذي أداه بالحفاظ عليه، وكل اللبنانيين ينتظرون منه حمايته وحماية إتفاق الطائف وتأمين التوازن الذي يحقق الاستقرار والوحدة الوطنية، وبالتالي لا يمكن لرئيس الجمهورية أن لا يوقع على قانون موازنة العام 2019 التي من المفترض أن تطلق مشاريع سيدر في عهده، وأن يخالف مادة دستورية واضحة لأسباب سياسية كيدية.. أما الرئيس الحريري فهو إذا لم يكن في نيته الاستقالة كما نقل مقربون منه، فإن كل هذه الأزمات والتحديات ومحاولات ضرب صلاحياته، لا تعالج بادارة الظهر أو بالهروب نحو الاجازات خارج البلاد..


مواضيع ذات صلة:

  1. لماذا سارع محافظ الشمال الى تعيين جلسة لانتخاب رئيس بلدية طرابلس؟…غسان ريفي

  2. في شركة كهرباء قاديشا.. نار تحت الرماد… غسان ريفي

  3. طرابلس: هل وقع قمر الدين في فخ.. نصبه له أحمد الحريري؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal