من يُنزل الحكومة عن الشّجرة؟… عبد الكافي الصمد

أسبوعان مرّا ومجلس الوزراء عاجز عن الإنعقاد من أجل تسيير شؤون البلد والناس، وليس في الأفق ما يشير إلى اجتماع قريب للحكومة، في ضوء الأزمات والإنقسامات الداخلية التي تعصف بها، والتي تجعل إلتئامها صعباً.

وإذا كان غياب رئيس الحكومة سعد الحريري في الخارج، لعدّة أيّام قبل عودته، قد أسهم في ترحيل إجتماع الحكومة أياماً عدّة، فإن تصلّب رئيس التيّار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل وتمسكه بإحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي، كشرط مسبق ليطلق الحكومة من أسرها، قابله تصعيد مقابل أيده خصومه حيال هذه القضية وغيرها من الملفات الشائكة بينه وبينهم، ما جعل المراوحة والشلل الحكوميين هما سمتا المرحلة الحالية، وسط أجواء توتر سياسي جعلت إطالة أمد الأزمة مؤشراً غير مطمئن لما قد تحمله الأيّام المقبلة من تطورات.

ومع أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد زار قصر بعبدا والتقى رئيس الجمهورية ميشال عون من أجل إيجاد مخرج للأزمة، وتذليل العقبات أمام اجتماع الحكومة التي تنتظرها ملفات أمنية وسياسية وإقتصادية بالغة الأهمية، فإن إصرار باسيل على التمسّك بموقفه، وتصويبه النّار سياسياً على خصميه الأبرزين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أعطى إنطباعاً أن طبخة التسوية لم تستوِ بعد.

إذ يدرك باسيل، بعد الدعسات السياسية الناقصة التي ارتكبها، سواء في مواقفه أو في جولاته المناطقية، وآخرها إلى طرابلس، أن تشبّثه بإحالة جريمة قبرشمون للمجلس العدلي لا تحظى بإجماع حكومي، بمعزل عن أحقية ذلك أم لا، وأن اللجوء إلى التصويت داخل مجلس الوزراء لهذه الغاية ليس مضموناً أنه سيأتي لمصلحته، عدا عن أن سقوط التصويت على إحالة الملف للمجلس العدلي سوف يفجر الخلافات ويفاقم الإنقسامات أكثر داخل الحكومة، وهو ما يحاول القيّمون، وعلى رأسهم الرؤساء الثلاثة، تجنّبه بكل السبل المتاحة.

وزاد الوضع تعقيداً تلويح وزراء الإشتراكي والقوات بتقديم إستقالاتهم من الحكومة، الأمر الذي من شأنه أن يصيب العهد بنكسة هو بغنى عنها، كونه يعتبر هذه الحكومة هي حكومته الأولى، برغم أن هذا التلويح تبدو مؤشرات تحوّله إلى حقيقة ضعيفة، لاعتبارات وحسابات سياسية عدة.

كل ذلك يجعل التوافق على اجتماع قريب للحكومة غير متاح بعد، خصوصاً بعد الضربة التي وجّهها باسيل للحكومة من خلال مقاطعته جلستها الأسبوع الماضي، وحجبه النصاب القانوني عنها بعد جمع وزرائه في مقرّ وزارة الخارجية، في الوقت نفسه الذي كان مفترضاً فيه للحكومة أن تلتئم، تاركاً رئيس الحكومة ينتظر قرابة ساعتين قبل أن يمنّ عليه ويرسل بضعة وزراء أمّنوا النّصاب لجلسة سرعان ما أعلن الحريري رفعها إلى موعد لاحق، ما أثار أزمة سياسية ما يزال غبارها متصاعداً حتى الآن، إرتدت عليه فشلاً في زيارته الطرابلسية واتساع رقعة الخصومة السياسية له.

هذه التطوّرات حصلت والحريري ما يزال يلزم الصمت، من غير معرفة إن كان صمته سوف يسهم في حلّ الأزمة أم لا، خصوصاً أنه ليس هناك من بوادر تشير إلى انفراجات قريبة، أو إلى نجاح المساعي التي بذلها بري، أو تلك التي يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

يجري كل ذلك بينما أزمات البلد الداخلية تتفاقم يوماً بعد آخر، وخصوصاً الإقتصادية منها، وتردّي الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، وعلى رأسها الكهرباء والتربية والرعاية الصحية والإجتماعية، فضلاً عن تأزّم الوضع في المنطقة، ما يطرح السؤال: من بمقدوره إنزال الحكومة عن شجرة الأزمات التي صعدت إليها، ومتى، وكيف؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. الحريري لن يسكت على تعطيل الحكومة: ماذا سيفعل؟… عبد الكافي الصمد

  2.  أضرار محطة الشحروق كبيرة ومطالبات بالكشف والتعويضات… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري وباسيل: من يرأس الحكومة فعلياً؟… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal