الحريري لن يسكت على تعطيل الحكومة: ماذا سيفعل؟… عبد الكافي الصمد

لم يخرج رئيس الحكومة سعد الحريري وتياره المستقبلي، حتى الآن، من الصدمة التي تلقاها يوم الثلاثاء الماضي، عندما اضطر إلى الإنتظار قرابة ساعتين لكي ″يمنّ″ عليه رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل، الذي أرسل له إلى السرايا الحكومي الكبير بعض وزرائه الذين كان مجتمعاً بهم في مقر وزارة الخارجية في قصر بسترس، ما أسهم في تأمين النصاب القانوني لجلسة الحكومة، وحفظ ماء وجه رئيسها، الذي أعلن بعد التئامها يومذاك رفع الجلسة لمدة 48 ساعة، من أجل تخفيف الإحتقان الذي تركته حادثة بلدة قبرشمون في عالية.

لكن أي جلسة حكومية لم تعقد منذ ذلك الحين، وليس هناك من موعد محدد لعقد أي جلسة للحكومة، ما ترك إنطباعاً أن الفريق السياسي الذي يقوده باسيل مستمر في وضع الشروط قبل قبوله بعقد أي جلسة حكومية، وإلا فإنه سيعطلها، وسيمنع تأمين نصابها القانوني، الأمر الذي حدا بالحريري، على لسان مقربين منه، إلى التأكيد يوم أمس أنه “لن يقف مكتوف اليدين حيال أي توجه لتعطيل إنعقاد مجلس الوزراء، مهما كانت الأسباب″.

غير أن الحريري الذي بقي، قبل نحو أسبوع، مكتوف اليدين في قاعة إجتماعات الحكومة في السرايا الحكومي الكبير، لم يفعل شيئاً لاسترداد الخسارة السّياسية والمعنوية الكبيرة التي تلقاها هو ومقام رئاسة الحكومة، وهي خسارة أشبه بـ″صفعة سياسية″ لم يتلقاها رئيس حكومة من قبله، فلم يرفع الجلسة يومذاك إحتجاجاً على عقد إجتماع مواز للحكومة في مكان آخر، ولم ″يخبط″ قدمه في الأرض إحتجاجا على خطوة غير مسبوقة، ولا أثار إنتهاك صلاحياته على هذا النحو حميته لرد اعتباره.

إلا أن كلام المقربين من الحريري عن أنه ″لن يقف مكتوف اليدين″ إذا ما جرى تعطيل مجلس الوزراء مستقبلاً، على النحو الذي حصل أو غيره، يطرح أسئلة حول ما هي الخطوات التي قد يقدم عليها رئيس التيار الأزرق إذا تكرر الأمر ذاته، وتعطلت جلسة مجلس الوزراء، بشكل أو بآخر.

ليس خافياً أن الخيارات أمام الحريري في هذا الصدد ليست كثيرة، وأغلبها صعب، ومن أبرزها:

أولاً: أن يسعى الحريري إلى تأمين عقد جلسة مجلس الوزراء وحضور 20 وزيراً لكي تكون الجلسة قانونية، إذا ما تكرّر غياب باسيل ووزرائه. لكن هذا الإحتمال يطرح سؤالين: الأول هل أن الحريري قادر على تأمين حضور 20 وزيراً، من بينهم وزراء حلفاء لباسيل. والثاني هل أن الحريري يريد وقادر على الإقدام على هكذا خطوة من شأنها ان تكسر نهائياً التسوية التي أبرمت قبل نحو ثلاثة سنوات، بين الحريري من جهة ورئيس الجمهورية ميشال عون وباسيل من جهة ثانية، وهل هو قادر على تحمّل تداعياتها، وما هي حساباته السياسية؟

ثانياً: أن يسعى الحريري إلى تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر وتقديم المزيد من التنازلات حرصاً على الحدّ الأدنى من التماسك الوزاري والحكومي، والحؤول دون فرط الحكومة برغم الثمن السياسي الذي سيدفعه إذا استمر في سياسة التنازلات التي يتبعها أمام الآخرين.

ثالثاً: أن يبادر الحريري إلى الإعتكاف وعدم دعوة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد وشلّ البلد على كل الصعد، إذا استمرت سياسة محاصرته والضغط عليه من أجل تقديم المزيد من التنازلات، وفرض الشروط المسبقة عليه قبل عقد أي جلسة، لكن هذا الإحتمال يعني تأزيم الوضع وجعله أكثر تعقيداً، خصوصاً أن الحريري لا يحظى بغطاء سياسي وحضانة شعبية كافية لإقدامه على هكذا خطوة.

رابعاً: أن يبادر الحريري إلى تقديم استقالته إذا تكرّرت سابقة يوم الثلاثاء الماضي مستقبلاً. لكن هكذا استقالة تحمل الكثير من المخاطر، أهمها أن الحريري قد لا يعود ثانية إلى رئاسة الحكومة مجدّداً، وأن البلد سيدخل أزمة سياسية معقدة قد تعيده إلى المجهول ثانية، وتجعل التوتر السياسي والأمني والغليان الشعبي عنوانًا لمرحلة ما بعد استقالة الحريري.

هي خيارات صعبة بلا شك أمام الحريري، وتجعله في وضع لا يحسد عليه، للمفارقة هو من أوصل نفسه إليه؛ فأيّها سيختار إذا وجد نفسه في مأزق مشابه في المرحلة المقبلة؟ الأيام الآتية وحدها تحمل الإجابة.


مواضيع ذات صلة:

  1. أضرار محطة الشحروق كبيرة ومطالبات بالكشف والتعويضات… عبد الكافي الصمد

  2. الحريري وباسيل: من يرأس الحكومة فعلياً؟… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري وجنبلاط: رفاق الأمس خصوم اليوم… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal