ثلاثة أشهر على أزمة النّفايات: تعثر الحلّ مرتبطٌ بمصالح تيّار سياسي؟… عبد الكافي الصمد

ثلاثة أشهر مرّت على أزمة النفايات في خمسة أقضية شمالية، تراكمت خلالها أكياس النفايات أكواماً في الشّوارع والسّاحات، إرتفع معها إنبعاث الروائح الكريهة منها، مع انتشار الحشرات والقوارض في محيطها، وارتفاع نسب التلوث وانتشار الأوبئة والأمراض، وسط مخاوف من أن يؤدي بقاء الأزمة على حالها إلى استفحال الأوضاع وانحدارها نحو الأسوأ.

فمنذ إغلاق مكب بلدة عدوي مطلع شهر نيسان الماضي، وقفت بلديات واتحادات بلديات 5 أقضية شمالية، هي المنية ـ الضنية، زغرتا، الكورة، البترون وبشري، عاجزة عن إيجاد مكب نفايات بديل، برغم الجهود التي بذلتها، ما جعل النفايات تتراكم في كل مدينة وبلدة وقرية من هذه الأقضية، لتتحوّل هذه المشكلة إلى كابوس يؤرق بال الأهالي والبلديات، بات ينذر الجميع بمضاعفات خطيرة جداً إذا استمر الوضع على المنوال ذاته.

أبرز هذه المضاعفات الخطيرة يتمثل في النقاط التالية:

أولاً: باءت كل المساعي والجهود التي بذلت بالفشل من أجل إيجاد مكب نفايات بديل لمكب عدوي، بسبب إعتراض أهالي كل بلدة أو منطقة على أن يكونوا بديلاً عنه، سواء كان العقار الذي سيكون بديلاً عقاراً عامّاً هو ملك الجمهورية اللبنانية، أو عقاراً خاصاً تعود ملكيته إلى احد الأشخاص، الأمر الذي أبقى أزمة النفايات تراوح مكانها خلال الأشهر الثلاثة السابقة، وتفاقهما، وانسداد أفق أي حلّ.

بداية الإقتراحات البديلة التي فشلت كانت مع بلدة جيرون التي رفض أهلها أن تكون منطقتهم مكبّاً بديلاً، ثم كرّت السبحة مع رفض أهالي عاصون وإيزال وبطرماز ودير عمار أن يكون مكب النفايات البديل في نطاقهم، وصولاً أخيراً إلى رفض أهالي بلدة عيون السمك أن تكون بلدتهم بديلاً عن مكب نفايات عدوي.

ثانياً: بعد فشل الإجتماعات المتتالية لرؤساء إتحادات بلديات وبلديات كبرى في الأقضية الشمالية الخمسة مع محافظ الشمال رمزي نهرا، في مكتبه بسرايا طرابلس، في التوصل إلى حلّ بديل، كان القرار بأن تبحث كل بلدية بمفردها عن حلّ لهذه الأزمة بمفردها، وأن تجد عقاراّ ما ضمن نطاقها الإداري ترمي فيه نفاياتها.

لكن هذا القرار لم يؤد إلى إيجاد حلّ لأزمة النفايات، بل فاقمها وجعل الفوضى والتسيّب عنواناً لها، وبثّ الكثير من المخاوف من تفاقمها مستقبلاً، نظراً لعدم قدرة البلديات أو عدم امتلاكها القدرة والإمكانيات لذلك. من الأمثلة على ذلك أن بلديات عدة ما تزال نفاياتها حتى الآن متراكمة في الشوارع والساحات، وبلديات أخرى اختارت أماكن غير معدّة ولا ملائمة بيئياً وصحياً لتكون مكبات نفايات، مثل اختيارها أن تكون مكبات نفاياتها قرب مجاري الأنهر وينابيع المياه، ما يهدد بأن تتسبّب هذه المكبات بكارثة بيئية كبيرة ستؤدي إلى تلوث مصادر المياه، الري والشرب معاً، وسيجعل من الصعب مستقبلاً تنظيفها وإزالة ضررها، فضلاً عن إحراق مكبات النفايات العشوائية التي انتشرت بشكل يدعو للقلق في كل حيّ وجارة وبلدة وقرية وانبعاث الدخان منها، ما فاقم من أضرار الأزمة على كل الصعد.

ثالثاً: بدأت إشاعات وتسريبات تنتشر في الآونة الأخيرة تقول إن إبقاء أزمة النفايات على حالها، وتذمّر المواطنين ومخاوفهم من تفاقمها أكثر، وصولاً إلى قبولهم أي حلّ قد يُعرض أو يفرض عليهم مستقبلاً، هو مقدمة لأن يكون اختيار مكبّ النفايات الرئيسي في منطقة معينة، تقول الشائعات إنه سيكون تحت إشراف أشخاص تابعين لتيار سياسي نافذ في السلطة، وأن هذا المكب سيكون منجماً من المذهب ومصدر دخل لمسؤولي هذا التيار، لأنه سيفرض على كل بلدية رسماً مالياً معيناً لن يكون منخفضاً مقابل رمي نفاياتها فيه، ولكن جميع البلديات ستقبل به، لأنه لا يوجد أمامها أي بديل آخر.

رابعاً: سيزيد من تفاقم الأزمة خلال فصل الصيف، أن أغلب بلديات الأقضية الشمالية الخمسة المذكورة آنفاً، مشغولة باستحقاق منتصف الولاية، وبالتالي لم تعد مشكلة النفايات تعني رؤساء هذه البلديات، بل البقاء في مناصبهم، كما أن الرؤساء الجدد للبلديات سيتسغرقون وقتاً طويلاً قبل توصّلهم إلى حلّ لهذه المشكلة.


مواضيع ذات صلة:

  1. البلديات واستحقاق منتصف الولاية: مصالح النّاس منسية… عبد الكافي الصمد

  2. التوافقات العائلية في الضنّية: سلسة في بلديات ومتعثرة في أخرى… عبد الكافي الصمد

  3. تدشين ″جرد 40″: باكورة المشاريع الإنمائية في جرود الضنّية… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal