طرابلس تختنق.. عصابات حرق الدواليب أقوى من الدولة؟… غسان ريفي

لم تنم طرابلس ليلتها أمس، وحبس أبناؤها أنفاسهم جراء الدخان الكثيف الذي إجتاحها وإستوطن المنازل بفعل إحراق الدواليب في سقي المدينة أو على حدودها لاستخراج النحاس، من دون حسيب أمني أو رقيب بلدي، ومن دون وازع من ضمير أو أخلاق من قبل الفاعلين الذين يعرضون حياة الطرابلسيين للخطر، وفي ظل صمت رسمي وسكون مريب، يؤكد أن الفيحاء تتعرض لمؤامرة خطيرة بأوجه متعددة، وأن كثيرا ممن يعنيهم الأمر شركاء فيها أو متواطئون بغض النظر عنها.

منذ غروب يوم أمس وطرابلس تتعرض لاجتياح الدخان الأسود الذي خيّم على أجوائها، ولوّث هواءها، وتسبب بحالات إختناق لكثيرين ممن يعانون من أمراض في الجهاز النفسي، ودفع المواطنين الى إغلاق نوافذهم وإلتزام بيوتهم في ظل درجة حرارة مرتفعة ضاعف منها إنقطاع التيار الكهربائي، فارتفعت صرخات المواطنين مستنكرة ومستهجنة ما يتعرضون له، وإشتعلت مواقع التواصل غضبا ومطالبة للأجهزة الأمنية بالتدخل لوقف المهزلة البيئية التي تحصل، لكن الأمور بقيت على حالها وإمتد الدخان والسموم التي يحملها من ساعات الغروب الى ساعات الفجر فيما أبناء طرابلس في الملولة والتبانة والزاهرية والتل والمئتين أبي سمراء وباب الحديد والقبة، وصولا الى الميناء يعانون الأمرين جراء هذا التلوث الذي لم يتمكن أحد من أن يضع له أي حد..

اللافت لا بل المستغرب، أن محافظ الشمال رمزي نهرا وهو رأس السلطة الادارية في طرابلس والشمال، كان أعطى توجيهات الى قيادة قوى الأمن الداخلي وأكثر من مرة، بضرورة قمع ظاهرة حرق الدواليب في سقي طرابلس وتوقيف الفاعلين الى أي جهة إنتموا وإحالتهم الى القضاء المختص، لكن ذلك لم يمنع عمليات الحرق التي إستمرت وأعطت نموذجا سيئا جدا الليلة الماضية عن عجز الدولة عن مواجهة أبسط الأمور التي تلوث بيئة مدينة بكاملها.

ويطرح ذلك، سلسلة تساؤلات لجهة: هل قرار المحافظ نهرا كان جديا؟، أم أن قراراته إعلامية فقط، على غرار القرارات التي أصدرها مرات عدة حول الدراجات النارية ولم يصر الى تنفيذها، أم أن التقصير هو من قوى الأمن الداخلي التي لم تقم بواجباتها في قمع المخالفات ما جعل أصحاب محارق الدواليب يستقوون على الدولة ويستبيحون بيئة وسلامة المدينة؟، ثم أين بلدية طرابلس التي من المفترض أن تتحرك لقمع كل تلك الظاهر؟، وأين شرطتها والمهام الموكلة إليها؟، وأين الدائرة الصحية فيها؟، وكيف تترك المدينة لدخان الحرائق من دواليب ونفايات وبضائع في نهر أبو علي من دون أن تتخذ الجهات المعنية تدابير صارمة لحماية الطرابلسيين من السموم التي تستوطن أجسادهم؟، ولماذا كل هذا الاهمال والاستهتار بسلامة وحياة المواطنين؟، ومن يتحمل المسؤولية؟..

ما حصل بالأمس يؤكد أمرا من ثلاثة، فإما أن يكون هناك تقصير فاضح من الأجهزة الادارية والأمنية والبلدية في طرابلس حيال ما يجري من ضرب الأمن البيئي على كل صعيد، أو أن يكون هناك تواطؤ من قبل هذه الأجهزة التي تغض نظرها عما يجري وبذلك تكون شريكة في المؤامرة على طرابلس، أو أن يكون أصحاب المحارق القائمة في سقي طرابلس أقوى من الدولة وقراراتها وأجهزتها الأمنية، وما حصل بالأمس كان نموذجا عن التحدي الكبير للمحافظ نهرا وللقوى الأمنية وللبلدية، وهذا التحدي لا ينسحب على إحراق الدواليب فقط، بل يتعداه الى رمي النفايات بشكل عشوائي ويوميا في بساتين طرابلس وزيتونها ومن ثم إحراقها، وصولا الى الدراجات النارية التي تحمل الكوارث بين عجلاتها ولا من يستطيع إيقافها أو تنظيم سيرها.

هذا الواقع المؤلم دفع كثير من أبناء طرابلس الى مناشدة وزيرة الداخلية ريا الحسن التي تتبع كل الأجهزة الادارية والأمنية والبلدية لصلاحياتها الى الضرب بيد من حديد، لوقف هذه الجرائم البيئية وغير البيئية بحق طرابلس، والى أن تتحمل مسؤوليتها في حماية الفيحاء وفي معاقبة ومحاسبة كل المقصرين عن القيام بواجباتهم تجاه المدينة وأهلها..

somoo


مواضيع ذات صلة:

  1. ما الهدف من كل هذا التحريض الطائفي.. وأين الدولة مما يحصل في الحدت؟… غسان ريفي

  2. رسائل سياسية للرئيس ميقاتي من طرابلس.. أبرزها لباسيل… غسان ريفي

  3. قرار بلدية الحدت.. ″داعشية″ جديدة أم ″فيدرالية″ مقنّعة؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal