ما الهدف من كل هذا التحريض الطائفي.. وأين الدولة مما يحصل في الحدت؟… غسان ريفي

وكأنه لا يكفي لبنان ما يعانيه من أزمات سياسية وإقتصادية وإجتماعية ومعيشية وأمنية، حتى يدخل في أتون أزمة طائفية يسعى البعض عن قصد أو عن غير قصد الى اللعب  على وترها وتغذيتها بقرارات وتصرفات إرتجالية غير مسؤولة، من شأنها أن تحمل تداعيات كارثية على البلد برمته في حال تُركت تتفلت من عقالها.

كثيرون من اللبنانيين باتوا على قناعة بأن ما يجري في منطقة الحدت أمر غير بريء، وأنه يهدف الى إحداث فتنة طائفية، بدءاً من الكشف عن قرار رئيس البلدية جورج عون بمنع تمليك أو تأجير المسلمين، وصولا الى التحركات الشعبية الداعمة لهذا القرار والمتضامنة مع رئيس البلدية الذي دفعه شعوره بفائض القوة الى الاصرار على قراره وتأكيده على أنه ″سيستمر الى يوم قيام الساعة″، في وقت تلتهب فيه مواقع التواصل الاجتماعية بحرب كلامية طائفية بغيضة تضاعف من شحن النفوس وإثارة الغرائز التي قد تنفجر في الشارع في أية لحظة، في حال لم يتم وضع حد لهذه “المهزلة” التي تضع السلم الأهلي على فوهة بركان.

اللافت، هو هذه البرودة الرسمية في التعاطي مع حدث خطير من هذا النوع، وغض النظر عن هذا الاستفزاز الطائفي المستمر، وعن تحرك الشارع في منطقة الحدت والذي قد يقابله شوارع أخرى هي بالأصل جاهزة للتحرك في أي لحظة، أو قرارات من بلديات مجاورة تقضي بمنع تمليك أو تأجير شريحة من اللبنانيين بسبب إنتمائها الديني، الأمر الذي من شأنه أن يضرب العيش المشترك والوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأن يؤسس الى كانتونات طائفية ومذهبية أو الى فيدراليات طوائف دفع اللبنانيون أثمانا باهظة لمواجهتها.

واللافت أيضا، هو ما يصرح به رئيس بلدية الحدت جورج عون، خصوصا ما يتعلق باتصال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون به ومباركته القرار الصادر عنه وتشجيعه على المضي به، فكيف لرئيس بلدية أن يزج رئيس البلاد في أزمة طائفية من هذا النوع؟، وهل يمكن للرئيس عون أن يبارك قرارا عنصريا طائفيا يناقض ميثاق العيش المشترك المؤتمن عليه؟، وهل يُعقل أن يدخل رئيس الجمهورية طرفا في هكذا قضايا طائفية؟، وأين دوائر القصر الجمهوري من كلام رئيس البلدية؟، ولماذا لم تصدر بيانا تؤكد أو تنفي فيه ما جاء على لسانه؟، ولماذا لم تبادر الى حسم هذا الجدل القائم تاركة رئيس البلاد عرضة للاستهداف على مواقع التواصل الاجتماعي بناء على ما ساقه رئيس بلدية الحدت؟..

ثم بعد ذلك أين رئيس الحكومة سعد الحريري مما يحصل وهو المتربع على رأس السلطة التنفيذية؟، ولماذا هذا الغياب عن قضية تعنيه بشكل مباشر؟، ولماذا لم يعط توجيهاته وتعليماته لوقف كل هذا الشحن الطائفي الذي وجد فيه أحد النواب ضالته فشارك مع المعتصمين دعما لتوجهات رئيس بلدية الحدت في إستغلال طائفي بات معروف الأهداف والمرامي.

واللافت أيضا وأيضا، أن وزيرة الداخلية ريا الحسن تعاطت مع القضية ببرودة لا تتناسب مع خطورتها، فقامت بأضعف الايمان لجهة الطلب من محافظ جبل لبنان الاستماع الى رئيس البلدية في منطقة تغلي طائفيا، وكفى الله المؤمنين شر القتال، وسعادة المحافظ لم يستدع رئيس البلدية بشكل سريع، ما أفسح في المجال أمام تحركات وإعتصامات كان لها أثرا سلبيا على الساحة الوطنية، والى أن يفكر “سعادته” بالاستماع إليه يوم الأثنين أو الثلاثاء المقبل، تكون مواقع التواصل الاجتماعي في عطلة الاسبوع قد أسست لحرب أهلية أو ما شابه ذلك، في ظل الجنون الذي يتعاطى به كثير من الناشطين في تعليقاتهم البغيضة المتفلتة من أية ضوابط.

يسأل أحد الخبثاء، هل ما يحصل في الحدت مقدمة لفتنة طائفية محدودة تشكل تنفيسا للاحتقان السياسي القائم، وتوجه رسائل سياسية أو أمنية الى بعض الأطراف؟، وإلا كيف يفسر المسؤولون المعنيون من رئيس الجمهورية الى محافظ جبل لبنان وما بينهما رئيس الحكومة ووزيرة الداخلية للبنانيين هذا الكسل في مواجهة ومعالجة ملف طائفي يطال السلم الأهلي اللبناني بالدرجة الأولى.


مواضيع ذات صلة:

  1. قرار بلدية الحدت.. ″داعشية″ جديدة أم ″فيدرالية″ مقنّعة؟… غسان ريفي

  2. ميقاتي ونواب ″الوسط المستقل″ يبدأون ورشة إجتماعية ـ وطنية.. بإقتراحات قوانين نيابية… غسان ريفي

  3. الى متى سيصمد التفاهم الجديد بين الحريري وباسيل؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal