الى متى سيصمد التفاهم الجديد بين الحريري وباسيل؟… غسان ريفي

حرص الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل على التأكيد بأن صفحة الخلافات السابقة وما رافقها من سجالات سياسية وطائفية بين التيارين الأزرق والبرتقالي قد طويت، وأن التسوية ما تزال قوية ومتينة، وأن التفاهم حولها باق ومستمر..

في الشكل تم تقسيم اللقاء الذي عقد بين الحريري وباسيل وإستمر زهاء خمس ساعات الى قسمين:

الأول في السراي الكبير بين رئيس الحكومة ووزير خارجيته، وذلك في إشارة الى التوافق على تجاوز ما شهدته جلسات الموازنة وما تخللها من تباينات سياسية ومالية في مجلس الوزراء، وعلى تفعيل العمل الحكومي والسعي الجدي الى معالجة كل الأزمات التي ترخي بثقلها على اللبنانيين، فضلا عن تهيئة الأجواء الملائمة لتمرير الموازنة في مجلس النواب.

والثاني في مغادرة الرجلين في سيارة واحدة الى ″بيت الوسط″ بما يحمله من خصوصية للحريري، وإستكمال اللقاء بين رئيس تيار المستقبل ورئيس التيار الوطني الحر، وذلك في إشارة أيضا الى التوافق على وقف السجالات السياسية وحماية التسوية التي ليس في مصلحة أي فريق أن تسقط أو أن تتزعزع، والاستمرار في التعاون الذي إنطلق قبل ثلاث سنوات بهدف الابقاء على الاستقرار السياسي في البلاد.

وفي الشكل أيضا وبالتزامن كان وزير الدفاع الوطني إلياس بو صعب يزور وزير الداخلية والبلديات ريا الحسن في مكتبها في الوزارة لانهاء التباينات التي نتجت عن إعتداء طرابلس، والتوافق على صيغة موحدة لمواجهة الارهاب والتنسيق في هذا المجال بين الجيش وقوى الأمن الداخلي.

كل ذلك، أشار الى أن الحريري وباسيل كانا بمنتهى الجدية، في تلافي كل التداعيات التي نتجت عن الخلافات، وفي إغلاق كل الثغرات تمهيدا لمرحلة مقبلة من العمل والانتاج الحكوميين.

أما في المضمون، فقد كان اللقاء مناسبة لغسل القلوب بين الحريري وباسيل والمصارحة والمصالحة، بعد التراكمات التي كادت أن تؤدي الى قطيعة والى إنهيار التسوية، وقد عبر عن ذلك البيان الذي صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة وأكد أن ″الحوار كان صريحا ومسؤولا تناول مختلف أوجه العلاقة وعناوين التباين في وجهات النظر. وكانت فرصة للتأكيد على تقديم المصلحة الوطنية على ما عداها من اعتبارات، وعلى الأهمية التي توجبها مقتضيات المرحلة، لتفعيل العمل الحكومي وتهيئة المناخات الملائمة لإنجاز الموازنة واعداد العدة اللازمة لوضع البرنامج الإستثماري الحكومي والخطة الإقتصادية وقضايا النفايات والنزوح والمهجرين والتعيينات وكلّ الملفات المعيشية والملفات التي تعالج الهدر وتكافح الفساد وتؤدّي إلى رفع إنتاجية الحكومة والدولة بشكل عام″.

لا معلومات جدية تسربت عن تفاصيل لقاء الساعات الخمس بين باسيل والحريري، وما تم الاجتهاد به جاء كله من فحوى البيان الذي يبدو أن الرجلين ومصادرهما يلتزمون بمضمونه، لكن ذلك لم يمنع من طرح سلسلة تساؤلات حول المرحلة المقبلة، لجهة: هل أن اللقاء جاء نتيجة للمؤتمر الصحافي الذي عقده الحريري قبل إسبوع وجعل باسيل يعود الى رشده ويتخلى عن مواقفه السياسية الاستفزازية والشعبوية؟ أم أنه جاء بناء لتدخل صارم من حزب الله راعي التسوية والذي يحرص على إستمرارها، خصوصا أن الثنائي الشيعي كان عبر في موقف لافت قبل أيام بأنه لن ″يسمح بأن يكون الحريري مكسر عصا لأي طرف وشماعة لتصفية الحسابات بين القوى السياسية″؟، وهل سيضع اللقاء حدا لمواقف باسيل السياسية التي يسعى من خلالها الى تعبيد طريقه الى قصر بعبدا على حساب خصومه المسيحيين؟، وهل سيحترم باسيل من الآن وصاعدا خصوصية وشراكة رئيس الحكومة فيتوقف عن الاساءة الى موقعه والى هيبته والى صلاحياته؟..

ثم ماذا عن التعيينات التي ستكون قريبا على طاولة مجلس الوزراء؟، وكيف سيتعامل معها الحريري في ظل شهية باسيل المفتوحة على الاستئثار بكل المراكز والمواقع المسيحية المتقدمة والحساسة؟، وكيف سيُرضي الحريري القوات اللبنانية وتيار المردة؟، وكيف سيوفق بينهما وبين التيار الوطني الحر؟، أم أن هذه التعيينات سوف تحتاج الى خمس ساعات إضافية لا يمكن لأحد أن يتكهن بنتائجها؟.

لا شك في أن التجارب الماضية غير مشجعة، خصوصا أن لدى باسيل أجندة يسعى الى تنفيذها ضمن إستراتيجيته وطموحاته السياسية المستقبلية، وهي تتطلب أمورا لا يمكن للحريري أن يرضى عنها، ولا الخصوم المسيحيين، ما يدفع مجددا الى التساؤل: الى متى يمكن أن يصمد هذا التفاهم الجديد بين الحريري وباسيل؟، وهل ستكون السنوات المتبقية من عهد الرئيس ميشال عون عبارة عن خلافات وتباينات وإستفزازات بين الحريري وباسيل ومن ثم مصالحات وغسل قلوب، حفاظا على التسوية التي تضمن بقاء الأول في رئاسة الحكومة، وتساعد الثاني على تحقيق طموحاته الرئاسية؟.  


مواضيع ذات صلة:

  1. بعد إعتداء طرابلس.. كيف يمكن للدولة أن تجفف منابع الارهاب؟… غسان ريفي

  2.  ميقاتي يجمع نواب طرابلس.. مذكرة المشاريع أنجزت وستقدم للحريري… غسان ريفي

  3. الحريري ″يبق البحصة″ تحت سقف التسوية.. لكن العبرة في التنفيذ!… غسان ريفي


Post Author: SafirAlChamal