باسيل والنّازحين السّوريين: كلامٌ شعبوي هدفه التعيينات… عبد الكافي الصمد

تصدّر النّازحون السّوريون، نهاية الأسبوع الماضي، المشهد السياسي اللبناني، بعدما تحوّلوا إلى ″عنصر″ نزاع داخلي بين الأطراف المحلية، يضاف إلى العناصر والعوامل الأخرى التي يختلف عليها الفرقاء اللبنانيون في إطار صراعهم على السلطة والنفوذ والمصالح.

هذا الحضور للنّازحين السّوريين جاء من خلال الموقف المرتفع السقف وغير المسبوق الذي أطلقه، يوم السبت الماضي، رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، خلال مؤتمر البلديات الثالث الذي نظمته لجنة البلديات المركزية في التيار البرتقالي، بعنوان ″وطنكم بحاجة لعودتكم: أزمة النزوح ودور البلديات في حلها″، حيث أطلق مواقف نارية دعا فيها إلى عودة النازحين السوريين لبلدهم، ومحمّلاً إياهم تداعيات أزمات البطالة والإنفلات الإجتماعي وحتى الأمني، وإرهاق خزينة الدولة والبلديات، التي دعاها إلى التشدد حيالهم بعيداً عن سلطة الوصابة عليهم، وهي وزارة الداخلية والبلديات.

حضور ملف النّازحين بهذه القوة في الآونة الأخيرة على مسرح الحياة السياسية اللبنانية يعود لأسباب عديدة، من أبرزها:

أولاً: إنعكس السجال السّياسي والإعلامي بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل على ملف النّازحين السوريين في لبنان، كما انعكس على ملفات أخرى أيضاً. وقد جاء الخلاف على ملف النازحين السوريين في أعقاب المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة سعد الحريري الأسبوع الماضي، وانتقاده لأول مرة علناً باسيل الذي قال إن هناك حساسية في علاقته معه، ما دفع باسيل إلى الرد محرضاً البلديات التي تدور بفلك تياره السياسي على سحب التراخيص ومنع فتح محال لا يحق قانونا للعامل السوري فتحها، معتبراً أنه لا يحق لوزارة الداخلية التدخل ضد رئيس بلدية يطبق القانون.

هذا التحريض المزدوج من باسيل للبلديات على النازحين السوريين ووزارة الوصاية عليهم، دفع وزيرة الداخلية والبلديات ريا حفار الحسن للرد عليه أمس ببيان لفتت فيه الى أن مجلس الوزراء هو المكان المناسب والمرجع الصالح لمعالجة أزمة النزوح السوري، معتبرة أنه لا يجوز تناول هذا الموضوع بخلفية فئوية وشعبوية، ولأغراض حزبية وشخصية، لأن معالجة هذا الموضوع يجب أن تتم ضمن إطار المؤسسات الدستورية المختصة ولا سيما وزارة الداخلية والبلديات، وهي الوزارة المعنية بانتظام عمل البلديات والحفاظ على النظام العام ضمن نطاق كل منها.

ثانياً: بعدما استطاع الحريري إسترداد بعضاً من شعبيته السنّية بعد مؤتمره الصحافي، وحديثه عن غضب يسود الشارع السنّي جراء إستفزازات باسيل، أراد الأخير تعزيز وضعه مسيحياً وإطلاق مواقف وخطابات شعبوية، مدغدغاً شارعه المسيحي عندما قارن بين أزمة النازحين الفلسطينيين وأزمة النازحين السوريين. لكن الحقيقة أن الرجلين الحريري وباسيل يريدان أخذ جرعة مقويات سياسية قبل فتح ملفات التعيينات الإدارية، التي يريد كل منهما إقتطاع أكبر جزء منها لنفسه، فوجدا أزمة النّازحين السوريين هي باب عبورهما لتحقيق ذلك.

ثالثاً: أتى فتح ملف أزمة النّازحين السّوريين في لبنان بهذا الشكل، قبل أيام قليلة من وصول الموفد الروسي إلى بيروت لمناقشة مبادرة بلاده بما يتعلق بأزمة النازحين، إلا أن من شأن هذا التباين بين أطراف السلطة حول مقاربتها هذا الملف أن تزيده تعقيداً، وأن تحول دون حله، سواء جزئياً أو نهائياً.

رابعاً: تسبب موقف باسيل من النّازحين السوريين في اندلاع سجال عنيف بينه وبين خصومه، وعلى رأسهم الحزب التقدمي الإشتراكي. فبعدما قال باسيل إننا غير عنصريين، بل وطنيين، وأن “من يتهمنا بالعنصرية مستفيد أو متآمر، والمتآمر يغطي منع عودتهم، رد عليه رئيس الإشتراكي وليد جنبلاط الذي سأل: هل هو مؤتمر للبلديات أم هو مؤتمر العنصرية والأحقاد الدفينة والشتائم للحزب الحاكم. لا نلومهم، هذه فلسفتهم، لكن ما هو موقف الشريك في التسوية وفي الحكم، في إشارة إلى الحريري، قبل أن يصف عضو مجلس قيادة الحزب الإشتراكي بهاء أبو كروم كلام باسيل بانه مؤتمر إعلان حرب على النازحين.


مواضيع ذات صلة:

  1. جلسات طرح الثقة في بلديات الضنّية تنطلق: صوّان رئيساً لبلدية كفرحيو… عبد الكافي الصمد

  2. قراءة في خطاب الحريري: دلالات سياسية مُعبّرة… عبد الكافي الصمد

  3. ليس للحريري من يهاتفه… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal