تحيات الى ″سيد نفسه″!… مرسال الترس

في الحديث عن المؤسسات والادارات المهمة في لبنان، هناك عبارة متداولة جداً في تصريحات المسؤولين والشخصيات التي تعيش على خبز الشأن العام، تشير دائماً الى أن هذا الموقع أو ذاك هو ″سيد نفسه″. وهو من يقرر ما هو الصواب وما هو الخطأ بدون أي تأثير من أي طرف آخر.

إنه ولا شك كلام جميل جداً، ولكن الأهم هو أن يقترن القول بالفعل، وهو ما يشكك به المراقبون والمتابعون نظراً لأن اللبنانيين تعودوا أن يروا أن الوقائع غالباً ما تدحض الاقوال، وتأتي النتائج عكس ما يتوقعه أهل هذا الوطن.

اللبنانيون بكل فئاتهم ينتظرون أن يجدوا بين أيديهم، بعد شهر من الآن، موازنة يوهمهم أهل السلطة بأنها ستكون الحل لكل مشاكلهم، بعد ان تقاتل عليها الوزراء طوال عشرين جلسة من المماحكات الظاهرة والعلنية، فيما الاتفاقات المدهنة تُعقد تحت هذه الطاولة أو تلك، وعلى الأقل هذا ما يقتنع به المواطنون الى أن يَثبت العكس.. الذي لن يُثبت!.

واذا كانت الامثلة كثيرة على ما يشار اليه، فان التوقف عند نموذجين فاقعين، يعطي المؤشر لما ينتظره أبناء هذا الوطن، وما سيتحقق عن طريق اصحاب الحل والربط (الذين لن يربطون الحمار الاّ حيث يعود عليهم بالفائدة كما يقول المثل الشعبي):

المثل الاول هو موازنة 2019 التي قيل فيها أنها ستضبط الهدر وتحارب الفساد الى آخر المعزوفة، وتبين بعد شهر من تمحيصها وزارياً انها استهدفت بشكل كبير الفقراء واصحاب الدخل المحدود على حد ما يقول الخبراء الماليون والاقتصاديون. فاذا كانت الموازنة العتيدة لم تمس الرواتب والاجور بشكل مباشر، الاّ أنها تسللت اليهما عبر ضريبة الاثنين بالمئة التي ستتحول الى خمسة أو ستة بالمئة عملياً. فيما تجاهل المعنيون على سبيل المثال ما كان يمكن أن يتحقق من المصارف والاملاك البحرية، واللائحة تطول، واذا كان اللبنانيون مقتنعين بأن مجلس النواب باعتباره سيد نفسه سيقلب الابيض أسودا فليعيشوا على الحلم! لأن هذا الشبل من ذاك الاسد، حيث أن معظم الكتل النيابية ممثلة بالحكومة، وبالتالي فانهما يكملان بعضهما.

والمثل الآخر هو القضاء اللبناني المعتكف منذ فترة من أجل الحفاظ على مكتسباته. والبعض يقول ربما لديهم الحق في ذلك، ولكن هذا البعض يتناسى أن السياسيين هم الذين يمسكون بزمام الامور ولاسيما التعيينات والتشكيلات وما تلاها. وطالما أن القضاء في لبنان ليس “سيد نفسه” بكل ما في الكلمة من تفاصيل ومعنى، كما في الدول العريقة بحكم القانون، فان النتائج السلبية ستكون من نصيب المواطن اللبناني الذي شُلّت مصالحه بسبب ذلك الاعتكاف الذي سيزيد طين عدم ملاحقة الفاسدين بلّة.

للاسف الشديد: الشعب في لبنان يتناسى أنه هو مصدر السلطات كما جاء في الدستور الذي نحترم ونجل، وهو الذي يجب أن يكون “سيد نفسه” لكي يستطيع المحاسبة بشفافية، والاّ فما عليه الا أن ينتظر الفرج الذي لا يبدو أنه سيأتي!..


مواضيع ذات صلة:

  1. هل طفح الكيل لدى البطريرك الراعي؟… مرسال الترس

  2. في لبنان.. نبكي من كل شيء ونضحك على أنفسنا… مرسال الترس

  3. بين السباق الى قصر بعبدا.. وحبة الحلوى… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal