الحريري ″يبق البحصة″ تحت سقف التسوية.. لكن العبرة في التنفيذ!… غسان ريفي

بقّ الرئيس سعد الحريري ″البحصة″في مؤتمره الصحافي أمس بعد عودته الى لبنان من عطلة عيد الفطر، و″فشّ خلق″ شارعه وأنصاره لكنه حرص على البقاء تحت سقف التسوية السياسية التي لا يستطيع الخروج منها وذلك حفاظا على موقعه.

بدا الحريري متحصنا بلقاء رؤساء الحكومات السابقين، وبدار الفتوى، فأخرج كل ما في جعبته من تراكمات ناتجة عن تجاوزات سياسية ومواقف إستفزازية وعن المحاولات المستمرة للنيل من صلاحياته من خلال ممارسات وفرض أعراف جديدة على العمل الحكومي.

إعتمد الحريري في مؤتمره سياسة العصا والجزرة، فهدد وتوعد وصارح وهاجم وهادن وصوّب وإنتقد وأشاد وحاسب وسامح في وقت واحد، ثم طمأن اللبنانيين بأنه يمتلك من القوة ما يجعله قادرا على الدفاع عن صلاحياته وحضوره وعن إتفاق الطائف، وعن مقام رئاسة الحكومة، رافضا بشكل مطلق الحديث عن إحباط سني في لبنان، متناغما بذلك مع موقف رؤساء الحكومات الذين يحفظ لهم الحريري وقوفهم الى جانبه وتشكيلهم مجتمعين خط الدفاع الأول عنه وعن هيبة وموقع الكرسي الثالثة.

رسائل الحريري جاءت في أكثر من إتجاه، فهو دافع عن طرابلس ورسم حدودا لكل من يتهمها بالتطرف أو الارهاب، وأكد لأهالي الموقوفين الاسلاميين على إلتزامه بقانون العفو الموجود في البيان الوزاري، ووضع خطا أحمر حول كل المؤسسات الأمنية التي لن أسمح لا اليوم ولا غدا أن يتطاول أحد عليها، رافضا أن يفتح بعض القضاة على حسابهم متوعجا بالمحاسبة.

 ثم إنتقد بشدة الازدواجية في التعاطي مع ملف الموازنة العامة، وأبدى إستعداده للمشاغبة والمناكفة في حال أراد البعض ذلك لكن “البلد لا يحتمل خصوصا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها.

لم يوفر الحريري الوزير جبران باسيل فأبدى أخيرا إنزعاجه من الكلام الذي نُقل عنه من “زلات لسانه” التي إستدرجت سجالات بخلفيات طائفية أزعجت الشارع السني، معتبرا أنه تأخر في التراجع عن كلامه، لكنه ذهب في إتجاه التأكيد على العلاقة الجيدة والمميزة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لا يخدم الخلاف معه أمن وإستقرار وإقتصاد البلد.

كذلك رد الحريري في الوقت عينه على أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله من دون أن يسميه، مذكرا إياه بالدستور، ومؤكدا أنه عندما يقف رئيس الحكومة على أي منبر عربي أو دولي، فهو يتحدث باسم كل لبنان. وأنا حضرت قمة مكة المكرمة باسم لبنان، وألقيت كلمة لبنان، ووافقت على قرارات القمة باسم لبنان. وكلمتي وموقفي في مؤتمر مكة هما قمة الالتزام بالبيان الوزاري وبالنأي بالنفس وبمصلحة البلد”..

وفي معرض رده على نصرالله أيضا، أكد الحريري على عروبة لبنان، وأنه عربي الهوية والانتماء، ولا يمكن أن يكون في خصومة مع أي دولة عربية.

لم يكتف الحريري بذلك، بل غمز أيضا من قناة بعض والمحسوبين عليه من الطامحين الذين يدافعون عن صلاحياته بهدف النيل منه وإظهاره بأنه يفرط بحقوق السنة، معتبرا أن هذه كذبة يفبركها البعض ولن تستمر، داعيا أؤلئك الى وقف هذه اللعبة والى أن لا يكونوا سببا في الاحباط السني.

يمكن القول إن الحريري خلال مؤتمره الصحافي نجح في تبديد الكثير من الهواجس السنية، وأثلج صدور كثير من اللبنانيين بوضعه النقاط على الحروف، وأرضى الشارع السني بـالنتعة السياسية التي تحدث بها، وهو وإن كان تأخر في ذلك، لكن أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي، إلا أن الحريري طوّق نفسه بسلسلة تحديات من المفترض أن يواجهها لاحقا، بدءا بالردود التي قد تنتج عن مواقفه من قبل التيار الوطني الحر وحزب الله وغيرهما وقد تؤدي الى سجالات من شأنها أن تزيد الطين بلة على صعيد تأزم الوضع السياسي في لبنان، وصولا الى أن الكلام النوعي الذي قاله يحتاج الى ترجمة عملية في الحكم وفي ممارسة السلطة، لذلك فإن العبرة في كل ما قاله الحريري تبقى في التنفيذ، وإلا فإن الأمور قد تتخذ منحى دراماتيكيا لن يكون في مصلحة أحد.  


مواضيع ذات صلة:

  1. لقاءات سنية لدعم رئيس الحكومة.. لكن ماذا عن موقف الحريري؟… غسان ريفي

  2. لهذه الأسباب يُستهدف الرئيس نجيب ميقاتي… غسان ريفي

  3. إشارات زرقاء عن تآمر برتقالي على الحريري.. ورؤساء الحكومات بالمرصاد… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal