الإرهاب يضرب طرابلس: قراءة في الأبعاد والتداعيات… عبد الكافي الصمد

لم تنته بعد تداعيات العملية الإرهابية التي شهدتها مدينة طرابلس عشية عيد الفطر، وينتظر إستمرارها حاضرة في واجهة الأحداث لفترة ليست قليلة، وأن تنال قسطاً واسعاً من التحليلات والقراءات والإستنتاجات، نظراً لخطورتها ولعدم حصول مثيل لها في المدينة بهذا الحجم من قبل، بعدما سقط فيها أربعة شهداء، إثنين من الجيش ومثلهما من قوى الأمن الداخلي، قبل أن تنتهي بسقوط منفذ العملية نفسه.

هذه العملية طرحت أسئلة وسلطت الأضواء على عدد من النقاط، من أبرزها:

أولاً: كانت طرابلس تعيش في ظل إجراءات أمنية إستثنائية يوم الإثنين الفائت، عشية عيد الفطر، وبرغم ذلك فقد نفذ الإرهابي عبد الرحمن مبسوط عمليته التي اعتدى فيها على عناصر الجيش والقوى الأمنية في عدة نقاط داخل المدينة، ما يفرض إلى جانب إعادة النظر بالخطة الأمنية التي تنفذ في طرابلس وتقييمها، وتعزيزها أكثر، تحسباً لحصول عمليات مشابهة لاحقاً، واتخاذ إجراءات إستباقية للحؤول دون وقوع هكذا عمليات أو احتواءها سريعاً.

ثانياً: قبل أيام من العملية الإرهابية كانت أسواق طرابلس تشهد إقبالاً كبيراً من المواطنين الذين قدموا إليها، سواء من المدينة أو من مختلف المناطق، بشكل لم تعرفه طرابلس منذ عدّة سنوات، ما أثار ارتياح التجار والباعة الذين نشطت أعمالهم، إنما هذا الإرتياح سرعان ما تبخر في الساعات الأخيرة التي سبقت حلول عيد الفطر، وهي عادة ساعات الذروة، ما أثار شكوكاً من أن أحد أهداف العملية الإرهابية هو ضرب الحركة التجارية في أسواق طرابلس، خصوصاً في مواسم الأعياد، لمصلحة أسواق مناطق أخرى.

ثالثاً: فسر بعض الجهات السياسية والأمنية ما حصل في طرابلس بأنه “رسالة”، وأن المدينة استخدمت كصندوق بريد، ما طرح تساؤلات تتمحور حول لماذا وُجهت الرسالة من طرابلس تحديداً، وليس من مدينة أو منطقة لبنانية أخرى، ولماذا تستخدم دائماً كصندوق بريد؟

رابعاً: طوت العملية الإرهابية ملف الموقوفين الإسلاميين، أقله في المستقبل المنظور، وألحقت بهم أضراراً لا تعدّ ولا تحصى، إذ منعت بشكل أو بآخر حصولهم على عفو عام سعت جهات عديدة إليه لإقفال ملفهم، بعدما أثارت العملية الإرهابية التي نفذها مبسوط، وهو أحد الموقوفين الإسلاميين السابقين ممن تم إطلاق سراحهم، مخاوف واسعة من أن يؤدي إطلاق الموقوفين الإسلاميين إلى ارتكابهم أعمالاً إرهابية مماثلة.

خامساً: أثارت العملية الإرهابية تصدّعاً واضحاً في ″تحالف المصلحة″ الذي نشأ بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ، قبل أقل من ثلاث سنوات، إبان التسوية الرئاسية، وبرز هذا التصدّع بشكل واضح في المواقف والردود، والردود عليها، بين أركان وقيادات التيارين الأزرق والبرتقالي، وهو تصدّع سيترك بلا ريب ندوباً في التحالف بين التيارين والعلاقات بينهما في المرحلة المقبلة.

سادساً: لم يقطع رئيس الحكومة سعد الحريري إجازته التي يمضيها في السعودية بمناسبة عيد الفطر، بهدف متابعة التطورات المتعلقة بالعملية الإرهابية كما يفعل عادة مسؤولو وقادة الدول عندما يكونون خارج بلدانهم عندما تحدث تطورات هامة وخطيرة فيها، ما ترك استياءّ من تصرّف الحريري، الذي فسره البعض بأنه لم يكن مسؤولاً بما فيه الكفاية.


مواضيع ذات صلة:

  1. سقطة باسيل وسجال الحريري: تسويات تهتز فهل تقع؟… عبد الكافي الصمد

  2. أزمة نفايات الضنّية تتفاقم: من ينقذ المنطقة من كارثة مقبلة؟… عبد الكافي الصمد

  3. الحكومة تحارب الفقر بفرض ضرائب على الفقراء!… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal