ماذا تعني عملية ″الذئب المنفرد″ في طرابلس؟… غسان ريفي

أدخلت العملية الارهابية التي شهدتها طرابلس ليلة عيد الفطر ونفذها عبدالرحمن مبسوط وأسفرت عن إٍستشهاد أربعة عسكريين من الجيش وقوى الأمن الداخلي، مصطلحا أمنيا لم يكن متداولا في الأوساط الطرابلسية، وهو عملية ″الذئب المنفرد″ التي تحدث عنها كل من وزيرة الداخلية ريا الحسن واللواء عماد عثمان اللذان حاولا قطع الارهابي مبسوط من ″”الشجرة الإرهابية″ للتخفيف من هول الصدمة أو الفاجعة التي شهدتها المدينة.

مصطلح ″الذئب المنفرد″ يعني أن الارهابي مبسوط لا ينتمي الى أي تنظيم إرهابي، ولم يتلق أية أوامر منه لتنفيذ إعتدائه وفق تخطيط مسبق، وإنما قرر القيام بعمليته بتخطيط شخصي وبمفرده ثأرا لقضية معينة، فإما أن يقتل من يريد إستهدافهم ويتمكن من الفرار أو يُقتل من قبل الأجهزة الأمنية، أو يُحاصر ويلجأ الى تفجير نفسه كما فعل، وبالتالي فإن ما حصل في طرابلس بحسب وزيرة الداخلية والمسؤولين الأمنيين لا يؤشر الى عودة الارهاب الى المدينة، بل هو عملية فردية عابرة، لكن نتيجتها كانت كارثية، خصوصا أن المدينة كانت تعيش حالة إسترخاء أمني، ولم يكن في أفق الجيش وقوى الأمن الداخلي أية مؤشرات أو معلومات عن حصول إعتداء إرهابي على عناصرهما.

تقول بعض المصادر المتابعة: إن إطلاق إسم الذئب المنفرد على العملية الارهابية، كان سابقا لأوانه ويتناقض مع مبدأ التحقيق، خصوصا أنه جاء قبل صدور كامل نتائج التحليل الجنائي وتحليل الدم والرصاص المستخدم والبصمات وكل ما يمت الى العملية التي نفذت في أربع محطات بدءا من مصرف لبنان ومحيط سراي طرابلس، مرورا بسنترال الميناء، ومن ثم طريق مرفأ طرابلس، وصولا الى الشقة التي تحصن فيها في بناية الايعالي وهاجم منها القوى الأمنية، قبل أن يفجر نفسه فيها.

وتضيف هذه المصادر: إن ما فعله الارهابي مبسوط لا يدل بأي شكل من الأشكال على أنه مختل عقليا أو أنه ليس في وعيه، أو أنه شخص يعاني توترات نفسية خرج من السجن ولم يجد عملا وتم طرده من الغرفة التي يقطنها، ما دفعه الى تطليق زوجته ومن ثم الانتقام من القوى الأمنية والعسكرية، خصوصا أن تنفيذه للعملية تدل على أنه إرهابي مخضرم ومحترف حيث إستطاع بمفرده أن يستهدف ثلاثة أماكن وأن يقتل أربعة عسكريين، كما كان بوسعة أن يرتكب مجزرة لو أطلق النار على المارة في الشوارع المكتظة عشية العيد.

لذلك ترى المصادر نفسها، أن الارهابي مبسوط قد يكون نفذ العملية بمفرده، لكن المرجح أيضا أن يكون هناك من قدم له الدعم اللوجستي، سواء على صعيد النقل، حيث أثبت شريط الفيديو الذي وثق عملية إستهداف الجيش على طريق المرفأ أن مبسوط ترك دراجته النارية في مكان الاعتداء وغادر مشيا على الأقدام، ما يطرح عدة أسئلة لجهة: كيف وصل الى شارع دار التوليد وتحصن في بناية الايعالي في غضون دقائق؟ وهل كان هناك شخص على دراجة نارية أخرى أقله الى الشارع؟، أم أنه أجبر أحد سائقي الدراجات على التخلي عنها وغادر بها من دون أن يجرؤ السائق على التقدم ببلاغ خوفا من المساءلة التي قد يتعرض لها؟، ثم من أين له كل هذه الذخيرة والقنابل والحزام الناسف التي إستخدمها وتقدر بآلاف الدولارات وهو شاب فقير لا يملك ثمن السكن والطعام؟، وهل خلال إنتقاله من مكان الى آخر لتنفيذ إعتداءاته كانت له محطات يتزود منها بالذخيرة، خصوصا أنه ظهر في الفيديو يرتدي ثيابا عادية ولم تظهر حركته السريعة بأنه يحمل كل هذه الذخيرة؟.

كل ذلك يدفع الى الاعتقاد بأن الارهابي مبسوط لم يكن ذئبا منفردا يريد الثأر ممن ظلمه في السجن، بل على الأقل كان له معاونين لم يظهروا على مسرح الاعتداءات، وربما يكشفهم لاحقا التوسع بالتحقيقات، أما عملية الثأر، فيشير مطلعون الى أن مبسوط خرج من السجن قبل سنتين، وفي العادة من يريد الثأر لا ينتظر قرابة سنتين للانتقام، أما الكلمة الفصل في كل ما شهدته طرابلس ليلة عيد الفطر، فستبقى للتحقيقات التي من المفترض أن تتوصل الى الحقيقة الكاملة، وعندها يجب أن يُبنى على الشيء مقتضاه..


مواضيع ذات صلة:

  1. طرابلس تنتصر على الارهاب… غسان ريفي

  2. الارهاب يضرب في طرابلس.. هكذا إستهدف المسلحون دوريات الأمن والجيش.. غسان ريفي

  3. التسوية قائمة.. معركة باسيل ـ المستقبل إنتهت.. لكن الحرب مستمرة… غسان ريفي


Post Author: SafirAlChamal