بعد اعتداء طرابلس.. آن الاوان لتغليب لغة العقل.. بقلم: المحامي محمد صبلوح

رحم الله شهداء الاجهزة الامنية والهم اهلهم الصبر على هذه الفاجعة التي قلبت فرحنا بالعيد حزنا عليهم … 

لكن آن الاوان لوضع النقاط على الحروف وتحديد مكامن الخطأ الذي من شأنه ان يعالج هذه الآفة علاجا جذريا لا انتقاميا كما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الاعلام المرئي للاسف … 

علينا التوقف عند جريمة المبسوط لقراءة واقعها بتمعن وتمحيص توصلا لنقاط كثيرة:

– لماذا قام المبسوط بهذه الجريمة الارهابية غير المبررة؟؟ ومن هو الشخص الذي نشر خلال دقائق صورا وفيديو لعبد الرحمن المبسوط الليبي أثناء العملية ؟؟؟ وكيف تمت معرفته قبل انتهاء العملية؟؟؟ وكيف ترك بسلاحه علنا من باب الرمل الى مصرف لبنان الى السنترال الى سيارة الجيش؟؟؟ هل تركت طرابلس ليلة العيد بدون أمن؟؟؟ 

العديد من علامات الاستفهام حول هذه الجريمة سنعرف أجوبتها خلال قادمات الايام ان شاء الله…

المعلومات تفيد بأن عبد الرحمن المبسوط اللبناني الذي نفذ جريمته النكراء التي لايبررها إنسان قد عاد من سوريا وتمت محاكمته بسبب الانتماء الى فصيل ارهابي وقبع في السجن العقوبة المحددة له قانونا لكن في نفس الوقت هناك فئة أخرى من اللبنانيين دخلوا سوريا مسلحين وعادوا الى لبنان مكرمين دون محاسبة … عانى المبسوط في سجنه من اضطرابات نفسية وهذا ثابت على لسان مدير قوى الامن الداخلي اللواء عثمان وحسب ماسرده لي بعض السجناء انه كان فجأة يشطب وجهه بدون سبب وتسيل الدماء منه وخرج بعد ذلك الى الحرية لكن كما اكدت الاخبار المتواترة بقي المبسوط اسير الفقر والعوز ومرضه النفسي حتى قام بجريمته ليلة العيد واستشهد بسببه خيرة شبابنا رحمهم الله ونسأله تعالى الشفاء للجرحى …

لطالما ناشدنا فخامة رئيس الجمهورية منذ سنتين التدخل لايقاف التعذيب الممنهج لدى الاجهزة الامنية والذي لم يعد خافيا على احد بل امتد مؤخرا الى سجون: الريحانية- الرملة البيضاء – رومية(الذي تم ايقافه بتدخل وزيرة الداخلية ريا الحسن) … ولطالما أكدنا بأن هذا التعذيب لن يصلح الموقوف بل سيخرجه مجرما متوحشا لكن دون جدوى…

– سياسة الكيل بمكيالين الذي يظهر جليا أثناء المحاكمات حيث تصدر الاحكام القاسية وغير العادلة بحق الاسلاميين في معظم الاحيان وتدينهم بدون أدلة في الوقت الذي نراها مخففة للبعض الآخر من عملاء – 

عصابات ارهابية من فريق آخر – كان آخرها قضية سوزان الحج – غبيش التي نالت البراءة على الرغم من وجود الادلة على إدانتها بالتسجيلات الصوتية …

– الغريب اليوم ان البعض استغل جريمة طرابلس لإسدال صفة الارهاب عليها من جديد وتشويه سمعتها وخصوصا من وزير الدفاع وفريقه السياسي، وهو الذي لم يعذب نفسه لزيارة مسرح الجريمة … لكنّ الله تعالى أظهر براءة طرابلس أمام اعين العالم أجمع في هذه الجريمة الارهابية المدانة فلو صحت افتراءاتهم لرأينا ظهور لخلايا نائمة استغلت الجريمة لكن بفضل الله أظهرت هذه الجريمة ان المجرم هو شخص واحد مريض نفسيا باعتراف اللواء عثمان ووزيرة الداخلية التي أكدت بأن الجريمة فردية … وأن أهل طرابلس، وحتى أهالي الموقوفين الاسلاميين التفوا يدا واحدة رافضين هذه الجريمة النكراء … ومن صدم بالجريمة ليلة العيد يعرف تماما الاشاعات التي روجها البعض عن عشرات المسلحين الارهابيين وسقوط طرابلس لا سمح الله….

– بعد الجريمة بدأت الاتهامات ودعوات الانتقام لجميع الاسلاميين من قبل البعض على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الاعلام المرئية للاسف وتحريض الناس عليهم ومعظمهم ابرياء من التهمة المنسوبة اليه وبدأت المطالبة بإعدامهم والانتقام منهم وانا من هنا اعود من جديد واؤكد بأن هذه الجريمة هي دليل براءتهم من التهمة المنسوبة اليهم والدليل على ذلك انه خلال السنوات الماضية فقد خرج من السجن مئات الموقوفين الاسلاميين الذين انخرطوا في المجتمع وأسسوا عائلات وتابعوا حياتهم في بناء الوطن على الرغم من الظلم الذي لحق بهم، في الوقت الذي نرى فيه اي مجرم آخر (سرقة -مخدرات- …) ان خرج بعد تأدية عقوبته فسرعان مايعود الى السجن بتهمة جديدة …

– خلال هذه السنوات لم تظهر الا جريمة المبسوط المريض نفسيا بشهادة الاجهزة الامنية فمن الخطأ تحميل الموقوفين الاسلاميين عبء جريمة فردية حقيرة ارتكبها شخص مريض والمثال على ذلك ماحصل بالامس في نيوزلندا عندما قام المجرم بقتل عشرات المصلين عوقب على جريمته منفردا ولم يتهم الشعب النيوزلندي بالجريمة، 

اسمحوا لي بعد هذا التدقيق أن أدعوكم لتغليب منطق العقل والحكمة في التعاطي مع القضية ومعالجة المشاكل التي بسببها استغل المبسوط جريمته وهي تبدأ ب: 

– تأمين العمل للمواطن ومعالجة قضية شعار الفقر المدقع الذي ترفعه طرابلس بشهادة الامم المتحدة. 

– تحقيق العدالة المغيبة وتغليب لغة العقل فقد التقيت منذ أكثر من سبع سنوات بقائد الجيش السابق جان قهوجي وقلت له في مكتبه ان هذا التعذيب والظلم ان لم يعالج فإنه سينشئ جيلا ارهابيا مستقبلا وسيقتلنا جميعا … لكنه أخذ الكلام مزحا وقال ذكرتني بفيلم لفيروز … 

– حصر صلاحيات المحكمة العسكرية تطبيقا لقرارات الامم المتحدة وتماشيا مع معظم دول العالم وجعل عملها محصورا في محاكمة العسكريين فقط لانها تتحمل الى حد كبير المسؤولية بسبب التمييز بين المواطنين.

– السماح لنقابة ومنظمات حقوق الانسان الدخول الى مراكز التحقيق السرية لدى جميع الاجهزة بشكل فجائي والسماح للمحامي بحضور التحقيقات الاولية تطبيقا للكلام الرسمي للبنان في الامم المتحدة عام ٢٠١٧ عندما أكد بأنه يسمح للمحامي الحضور وهذا غير صحيح. 

– إغلاق سجون الشرطة العسكرية مثل الريحانية والرملة البيضاء وإحالة الموقوفين فيهم الى سجون أخرى. 

– تأمين حقوق السجناء والابتعاد عن اللعب بانتهاكها من قبل بعض الضباط لاسباب مجهولة كما حصل مؤخرا في رومية والعمل على وضع خطة توعوية للسجناء كافة. 

اليوم وبعد كل ما سردناه، فإن العفو العام قد أصبح ضرورة ملحة لاصلاح الأخطاء المذكورة.

mhamad ss

Post Author: SafirAlChamal