التسوية قائمة.. معركة باسيل ـ المستقبل إنتهت.. لكن الحرب مستمرة… غسان ريفي

فرضت التهدئة نفسها على تيار المستقبل ووزير الخارجية جبران باسيل الذي أجرى تراجعا تكتيكيا خلال كلمته أمس في الشياح، عندما نفى الكلام الذي تم تسريبه عنه حول ″السنية السياسية″، مؤكدا أن ما قاله ″كان إيجابيا تجاه الطوائف الاسلامية″، معتبرا أن “هناك من إخترع كلاما إفتراضيا وإختلق مشكلة غير موجودة أساسا″.

بدا واضحا من خلال كلام باسيل أو عبر المواقف التي صدرت من قيادات تيار المستقبل، أن إيقاع الخلاف السياسي ما يزال مضبوطا، وأنه من غير المسموح أن يتجاوز السقوف المحددة له، خصوصا أن البلد مقبل على مناقشة الموازنة العامة في مجلس النواب، وأن الرئيس الحريري وكذلك باسيل يريدان إمرارها في مجلس النواب في أجواء هادئة، لأن أي خلاف من هذا النوع قد ينتقل الى مجلس النواب من شأنه أن يطيح بالموازنة، وربما بالتسوية الرئاسية التي ما تزال حاجة ماسة لجميع الأطراف، لا سيما الحريري الذي يريد البقاء على كرسي رئاسة الحكومة وتأمين الاستقرار للبلد، وباسيل الذي يسعى للاستفادة من الوضع القائم تمهيدا لخوض معركته لرئاسة الجمهورية، وحزب الله الممسك بمفاصل الحياة السياسية والأمنية في لبنان.

يمكن القول أن باسيل لم ينزعج بداية من التسريبات الاعلامية حول كلامه عن السنية السياسية، بل حاول الاستفادة منه قدر الامكان لأن ذلك بنظره يضاعف من شعبيته في الشارع المسيحي، ويقدمه كمدافع عن حقوق المسيحيين، هذه الحقوق التي ما تزال تدغدغ مشاعر كثيرين منهم، وتساهم في إحراج خصومه ضمن الطائفة والذين لم يعد خافيا على أحد أن باسيل يعمل جاهدا لاضعافهم وإقصائهم ضمن إطار الاستراتيجية التي يضعها للوصول الى قصر بعبدا.

واللافت أن هذه الاستراتيجية الباسيلية تحاول ضرب الخصوم المسيحيين من دون أية مراعاة للحلفاء، وخصوصا رئيس الحكومة سعد الحريري الشريك الأساسي في التسوية الرئاسية، والذي يتعرض لكثير من محاولات مصادرة دوره وصلاحياته على طاولة مجلس الوزراء من خلال ممارسات غير مسبوقة، وفرض أعراف جديدة، ولعل جلسات مناقشة الموازنة وما شهدته من قبل الوزير باسيل كانت أكبر دليل.

لذلك لم يكن أمام الحريري سوى الرد على الكلام المسرب لباسيل أقله لحفظ ماء الوجه أمام شارع سني يغلي على كل تلك الممارسات، ويكاد ينقلب بشكل كامل على رئيس الحكومة لعدم قيامه بوضع حد لباسيل وغيره ممن يسيئون الى موقع الرئاسة الثالثة، فسارع الى تكليف أحمد الحريري بالتعاطي مع هذا الموضوع، والرد على باسيل ضمن سقف التسوية حفاظا على الاستقرار العام في البلاد، في وقت كانت فيه الاتصالات تنشط على المحورين الأزرق والبرتقالي لوقف السجال القائم، وصولا بحسب المعلومات الى الضغط على باسيل للتراجع التكتيكي الذي قام به خلال الكلمة التي ألقاها في اللقاء الشعبي الذي أعد له في الشياح، من دون أن يخفف من لهحته السياسية الاستفزازية والتي تعتبر بمثابة عدة الشغل لتحقيق طموحاته الرئاسية.

من المفترض مع تراجع باسيل أن تكون هذه المعركة قد إنتهت، وأن تكون التهدئة سيدة الموقف خلال فترة الأعياد تمهيدا للبدء بمناقشة الموازنة في مجلس النواب، لكن هل إنتهت الحرب؟!..

تقول مصادر سياسية مطلعة: إن ما يصرح به باسيل في السر أو في العلن ليست مواقف عابرة، بل هي عبارة عن نهج وعقيدة، فالتيار الوطني الحر حتى اليوم لم يبتلع إتفاق الطائف الذي عارضه العماد ميشال عون عندما كان رئيس حكومة إنتقالية، وأن إستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية على حساب رئيس الحكومة ما تزال الشغل الشاغل لباسيل وتياره لتحقيق مقولة العهد القوي أو الرئيس القوي، وبما أن الظروف السياسية لا تسمح بالمس باتفاق الطائف أو إدخال أي تعديل عليه، فإن ما لا يمكن تعديله يمكن فرضه بالممارسة أو ببعض الأعراف الجديدة التي يسعى إليها باسيل وقيادات من التيار الوطني الحر، ما سيجعل الحرب على الطائف وصلاحيات رئيس الحكومة قائمة ومستمرة لكن على جولات ومعارك متلاحقة، الأمر الذي سيضع رئيس الحكومة سعد الحريري أمام تحد جدي وكبير للحفاظ على موقعه وهيبته وصلاحياته، خصوصا أن الشارع السني حتى الآن غير راض على آدائه السياسي والحكومي..


مواضيع ذات صلة:

  1. جبران باسيل يستخدم ″السنية السياسية″.. لمحاصرة خصومه المسيحيين… غسان ريفي

  2. أفيوني لـ″سفير الشمال″: الموازنة لن تمسّ بالفقراء والكثير من الاضرابات كانت إستباقية… غسان ريفي

  3. خلدون الشريف يجمع مكونات طرابلس السياسية في إفطاره.. والرئيس ميقاتي يعطي جرعة تفاؤل… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal