الحكومة تحارب الفقر بفرض ضرائب على الفقراء!… عبد الكافي الصمد

شكّل الكلام الذي أطلقه الرئيس سعد الحريري، يوم أمس، في حفل الإنطلاقة العلنية لتوسيع البرنامج الوطني لاستهداف الفقر، تناقضاً مع الخطوات العملية التي أقدم عليها من خلال إقرار موازنة العام 2019، قبل أيام، والتي أثارت إعتراضات كثيرة كونها استهدفت الفقراء في أبرز بنودها، وليس العكس.

فمن تعاونية صبرا في الطريق الجديدة، وصف الحريري البرنامج بأنه ″يساعد المواطن اللبناني، ونحن اليوم أضفنا إليه أمراً جديداً، وهو أن نسمح لهؤلاء المواطنين بالخروج من فقرهم هذا، وإدخالهم إلى المدارس والمهنيات وعالم الأعمال″، مشيراً إلى أن ″هذا البرنامج يلمس الفقر المدقع، فنحن لدينا فقرا، ولدينا فقرا مدقعا نسبته 8 بالمئة، أي 240 ألف شخص″، مؤكداً أننا “سندعم وزارة الشؤون ونكثف ضخ المال في البرنامج، لأنه يساعد المواطن الذي يعيش بالفقر″.

فالموازنة التي أقرّتها الحكومة الإثنين الفائت، بعد 20 جلسة من المناقشات، إعتبرها جميع الوزراء، فضلاً عن الحريري نفسه، موازنة تقشفية؛ فكيف والحال على هذا النحو يمكن أن ترفع الحكومة حجم ونسبة تمويلها برنامجا لاستهداف الفقر، في حين شهدت معظم وزارات الدولة تخفيضاً في موازاناتها؟.

فقد لحظت الموازنة خفضاً في موازنتها، مقارنة بموازنة العام الماضي، مبلغاً يقارب 400 مليار ليرة لبنانية، وهو مبلغ كان يستفيد منه الفقراء ومتوسطي الدخل أكثر من غيرهم، بينما لم تقترب الحكومة من جيوب الأغنياء، ولم تحلظ فرض أي ضرائب عليهم، إلا شكلياً.

وأظهرت الموازنة أن التقشف طاول النفقات الإستثمارية، وخفض الإستثمار في البنى التحتية برغم ما تعانيه من سوء، كما أرجأت الحكومة الإنفاق على مشاريع إلى سنوات مقبلة، بهدف التحايل على المانحين في مؤتمر سيدر، والتصوير لهم أن الحكومة خفضت العجز من 11 في المئة إلى 7.6 في المئة، وهو رقم بدأت الشكوك تحوم حوله منذ الآن.

وبينما كان الحريري يقول أمس إن حكومته تريد إستهداف الفقر ومحاربته، ومساعدة الفقراء، معلناً على الملأ أنه يجب أن ندعم وزارة الشؤون الإجتماعية في تنفيذ برنامج إستهداف الفقر، وأن نكثف ضخّ الأموال فيه، لأنه يساعد المواطن اللبناني، كانت حكومته، قبل أيام، تقرر في موازنتها العامة خفض نسب وزارات الصحة والشؤون الإجتماعية والتربية، وأيضاً خفض الدعم الذي كانت تقدمه للجامعة اللبنانية، وهي جامعة الفقراء، وزيادة الرسوم التي تمسّ عموم السكان، وزيادة الإقتطاع من رواتب المتقاعدين، وتحميل هذه الرواتب عبء ضريبة الدخل، برغم أنهم سبق أن دفعوها قبل اقتطاع نسبة من رواتبهم قبل التقاعد، وهي كلها رسوم وأعباء وضرائب تفرض على المواظنين، بينما البلاد يشكو تجارها من تراجع حجم الإستهلاك، كما يشكو عموم السكان من عدم توافر السيولة المالية بين أيديهم، ومن تراجع قدراتهم الشرائية، ومن وقوعهم أسرى الفقر والعوز، وعدم القدرة على تلبية إحتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم، التي تغرق في مستنقع الفقر عاماً بعد آخر.


مواضيع ذات صلة:

  1. الحكومة ترمي ″كرة نار″ الموازنة إلى المجلس .. والشّارع… عبد الكافي الصمد

  2. اللقاء التشاوري ينبّه الحريري وباسيل: تداعيات الإخلال باتفاق الطائف خطيرة جدّاً… عبد الكافي الصمد

  3. مناقشة الموازنة في الأمتار الأخيرة: هل تُنجز أم تستمر المراوحة؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal