الحكومة ترمي ″كرة نار″ الموازنة إلى المجلس .. والشّارع… عبد الكافي الصمد

عشرون جلسة إحتاجتها الحكومة، إكتملت أمس، كي تقرّ مشروع موازنة العام 2019، في سابقة لم يشهدها أي مشروع موازنة في تاريخ الحكومات اللبنانية، شهدت خلالها الجلسات الحكومية شدّاً وجذباً، وكباشات عديدة كادت تطيح بالمشروع والحكومة معاً، إلى أن أسهمت الإتصالات التي أجريت، والتسويات التي تمّ التوصل إليها، في إبصار موازنة أفضل الممكن النور.

جلسات الحكومة لإقرار الموازنة إنتهت على عجز مقدّر بلغ 7.59 في المئة، وفق ما أوضح وزير المال علي حسن خليل أمس بعد انتهاء جلسة الحكومة في قصر بعبدا، وهو عجز تشير التوقعات إلى أنه سيجري على الأرجح خرقه، بناء على تجارب سابقة، أهمها تجربة موازنة العام الماضي، عندما ارتفع العجز فيها إلى أكثر من 11.5 في المئة، بعدما كانت الحكومة قدرته في موازنتها حينذاك بقرابة 8.5 في المئة.

واستناداً إلى خلاصة الجلسات الـ20 السابقة للحكومة لإقرار الموازنة، يمكن التوقف عند عدد من الملاحظات، من أبرزها:

أولاً: برغم إشاعة البعض أجواء أن جلسة قصر بعبدا ستشهد تجاذباً ونقاشاً حول بعض بنود مشروع الموازنة، واعتراضات من قبل وزراء على ما ورد فيها، إلا أن الأجواء العامة كانت توحي أن الجلسة الـ20 ستكون الأخيرة، وأن الموازنة ستحال إلى المجلس النيابي لإقرارها، وهي لن تعود إلى السراي الحكومي الكبير مرّة ثانية.

هذه الأجواء كان عبّر عنها بوضوح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أكد أنه ″لن نعرقل ‏وسنتعاون لتصدر الموازنة من الحكومة وتذهب إلى مجلس النواب، وهناك ستكون فرصة كبيرة جدّاً للنقاش والتعديل ‏والتعاون في معالجة بعض الأمور″، من غير أن يوضح ما هي النقاط التي ستخضع للنقاش والتعديل، وإن كان أكد رفضه فرض ضرائب على الفقراء ومحدودي الدخل لتغطية عجز الموازنة.

ثانياً: إقرار الحكومة في مجلس الوزراء لا يعني أن الموازنة قد أصبحت ناجزة، فهي ستخضع للنقاش في مجلس النواب، أولاً في لجنة المال والموازنة واللجان المشتركة، وثانياً في الهيئة العامة للمجلس، في رحلة ستستغرق قرابة شهر على أقل تقدير، وفق ما أوضح رئيس المجلس نبيه برّي، ما يعني أن الموازنة ستكون خلال هذه الفترة، وصولاً إلى التصويت عليها في ختام جلسات المناقشة، الحاضر الأكبر على الساحة المحلية، ومحور اهتمام واسع من أهل السلطة أو من مختلف القطاعات والفئات.

ثالثاً: لا يعني إقرار الحكومة مشروع الموازنة أن النقاش حولها قد انتهى. فقد أعلن وزير الدفاع الياس بو صعب فور انتهاء جلسة قصر بعبدا، أنه ″اقترحنا التخفيض بالخطة الخمسية، وهذه أمور تم تأجيلها لموازنة 2020″، مشيراً إلى ″أننا حاولنا سحب ضريبة الدخل، فمن غير الممكن وضع ضريبة دخل على المتقاعد أكبر مِن مَن هو في الخدمة الفعلية، وسينقل الخلاف إلى المجلس النيابي″.

رابعاً: أثار إدخال مبلغ 40 مليار ليرة لصندوق المهجرين في آخر جلسات الحكومة، اعتراض القوات اللبنانية، وهو ما أشار إليه رئيسها سمير جعجع، بأنه “أخذنا 20 جلسة لمناقشة مشروع الموازنة ولم يطرح خلالها موضوع الـ40 مليار فكيف أضيف هذا البند في آخر جلسة؟″، لافتاً  إلى أن “اعتراض القوات على هذا البند يتمثل في ان هذا المبلغ اقترح خارج إطار أي خطة″، ما يعني أن مناقشات ربع الساعة الأخير فرضت تسويات من هذا النوع على الطريقة اللبنانية.

خامساً: ينتظر أن يشهد الشارع تحركات إحتجاجية من فئات عدة متضرّرة من مشروع الموازنة، وترى أنها مستهدفة فيه، وأبرزهم الموظفين والعسكريين والمتقاعدين، إضافة إلى فئات أخرى، ما سيجعلها تتحرك وتنفذ إعتصامات إحتجاجية في محيط المجلس النيابي من أجل الضغط على النواب لتعديل أو إلغاء البنود المتضرّرة منها.


مواضيع ذات صلة:

  1. الموازنة ″تخرج″ من السرايا على وقع أسئلة مقلقة؟… عبد الكافي الصمد

  2. مناقشة الموازنة في الأمتار الأخيرة: هل تُنجز أم تستمر المراوحة؟… عبد الكافي الصمد

  3. تجاذبات الموازنة تتعقد.. والنّقابات تواجه الحكومة في الشّارع… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal