الموازنة ″تخرج″ من السرايا على وقع أسئلة مقلقة؟… عبد الكافي الصمد

″مبارك، إنتهينا والحمد لله من الموازنة″، بهذه العبارة إستهل وزير الإعلام جمال الجراح مؤتمره الصحافي الذي عقده بعد انعقاد الجلسة الـ19 للحكومة من أجل دراسة مشروع موازنة العام 2019، وهي الجلسة التي جعلت الموازنة تولد أخيراً بعد مخاض عسير.

لكن هذه الولادة تنتظر الإعلان عنها في جلسة رسمية أعلن الجراح أنها ستعقد في قصر بعبدا، لكن موعدها سيحدد لاحقاً، وينتظر أن يكون هذا الموعد بعد عطلة عيد الفطر بسبب سفررئيس الحكومة سعد الحريري إلى السعودية، للمشاركة في القمتين العربية والإسلامية اللتين ستعقدان في المملكة.

وبرغم ذلك، فإن المخاوف من أن تكون جلسة قصر بعبدا محفوفة بالمخاطر، لم تتبدد، لأن المؤتمر الصحافي الذي أعلن سابقاً أن الحريري ووزير المال علي حسن خليل سيعقدانه، في ختام جلسات إقرار الموازنة لم يحصل، كما أن إعلان الجراح أن الموازنة لم تتضمن رؤية إقتصادية وإنمائية وإستثمارية، لأن هذه الرؤية موجودة في البيان الوزاري وفي مؤتمر سيدر وفي خطة ماكينزي والتصحيح المالي، كان مخالفاً لكل التصريحات والمواقف التي أدلى بها وزراء ونواب الكتل المشاركة في الحكومة، بأنه يفترض أن يعبر مشروع الموازنة عن رؤية إقتصادية لمستقبل لبنان.

لكن ولادة الموازنة على هذا النحو، بعد مخاض طويل، جعل طرفا الكباش في الحكومة، وزير المال ووزير الخارجية جبران باسيل، ينسبان هذا الإنجاز كلّ إلى نفسه، بعدما أعلن خليل أنه كان يمكننا خفض العجز بنسبة أكبر، لكن ذلك كان سيتطلب فرض أعباء إضافية على الناس، ونحن نرفض المساس بالفقراء، بينما رأى باسيل أنه حققنا أول موازنة تؤمن الإنتظام المالي العام، والدولة وحدها تنمي الوطن، والتنمية لا تكون موسمية بل فعلاً يومياً، برغم أن مصادر التيار الوطني الحرّ عبّرت عن عدم رضاها على الموازنة، لأنها لا تجسد ما يطمح إليه، وأن التيار والتكتل تمكنا من إدخال إقتراحات كثيرة، ولكنها لم تتمكن من معالجة الترهل في القطاع العام.

إلا ان الإعلان عن إنجاز مشروع الموازنة لم يأت عفوياً، إذ سبق جلسة الحكومة أمس حملة إعلامية عنيفة شنّها تلفزيون المستقبل وتلفزيون إن. بي. إن على باسيل، وإن لم يسمياه بالإسم، غير أن كل التلميحات كانت تشير إليه تحديداً، ما فسرت على أنها مؤشر استياء تيار المستقبل وحركة أمل  من زعيم التيار البرتقالي، الذي اضطر إلى التراجع خطوات إلى الوراء قبل جلسة الحكومة أمس، وان يتخلى عن تمسكه بمواقفه وطروحاته حيال مشروع الموازنة، بعدما كادت التشجنات السياسية تطيح بالموازنة والحكومة معاً.

فقد رأت مقدمة تلفزيون المستقبل، عشية الجلسة الأخيرة للحكومة، أنه غداً؛ إما أن يكون ساعة لإقرار مشروع الموازنة؛ وإنهاء الجدل البيزنطي حول الأرقام ونسب تخفيض العجز؛ وإما أن يكون ساحة لتعطيل إقرار الموازنة وإغراق البلاد في دورة جديدة من دورات الإبتزاز السياسي، مشيرة إلى أن هناك من يستهويه الدوران في الحلقات المفرغة؛ ولا يجد ضيراً في تكرار الجلسات والأفكار والإقتراحات؛ دون أن يتوقف عند كلفة التأخير والوقت المهدور؛ على الخزينة والمالية العامة.

أما مقدمة تلفزيون إن. بي. إن في اليوم ذاته فرأت أن المقترحات التي طرحت في ربع الساعة الأخير، رأى وزراء كثيرون أنها لا تقدم جديداً، يذكر، معتبرين أن أهدافها سياسية فحسب، فيما اعتبرتها مصادر وزارة المالية إرتجالية وغير بنيوية.

برغم ذلك تبقى أسئلة جوهرية مقلقة، أبرزها: هل أن جميع الألغام أزيلت من أمام مشروع الموازنة؟، وهل سيتم تصديقها في جلسة قصر بعبدا المنتظرة؟، وهل أن مشروع الموازنة سيمر في مجلس النواب بلا تعديل جوهري عليه؟، وهل أن الشارع سيقف متفرجاً على مشروع موازنة يريد سلبه حقوقه وفرض ضرائب عليه للتغطية على فساد الطبقة الحاكمة؟.

الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة وغيرها.


مواضيع ذات صلة:

  1. مناقشة الموازنة في الأمتار الأخيرة: هل تُنجز أم تستمر المراوحة؟… عبد الكافي الصمد

  2. تجاذبات الموازنة تتعقد.. والنّقابات تواجه الحكومة في الشّارع… عبد الكافي الصمد

  3. جلسات الحكومة طبخات بحص: أيد خفية لا تريد إنجاز الموازنة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal