فشة خلق سياسية بخطيئة بشارة الأسمر.. ما هو مصير الاتحاد العمالي؟… غسان ريفي

لا يمكن لأي كان أن يجد أسبابا تخفيفية لرئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر على ″الحماقة″ التي إرتكبها بكلامه المهين بحق البطريرك الراحل نصرالله صفير، فالرجل إرتكب خطيئة هوت به من رأس الهرم الى قعره، حيث بدأ يدفع ثمن ذلك على أكثر من صعيد.

يمكن القول أن بشارة الأسمر قدم بكلامه المشين هدية على ″طبق من ذهب″ الى كل منزعج من حركته النقابية من التيارات السياسية، والى كل من يسعى الى إستهداف الاتحاد العمالي العام ومن يقف وراءه سياسيا، ففتح الباب على مصراعيه أمامهم للهجوم عليه وإنهائه نقابيا وقد نجحوا في ذلك الى أبعد الحدود، فلم يتركوا لـ”الصلح مطرح” وهم أغلقوا كل أبواب التسويات والاتصالات، وصولا الى الضغط على بكركي بالمواقف العالية النبرة، لكي ترفض أي مسعى للاعتذار أو للتكفير عن هذه الخطيئة، وبالتوازي الضغط على أي مرجعية أو جهة سياسية يمكن أن تفكر بالدفاع عن الأسمر أو إيجاد أي وسيلة لاخراجه من القعر الذي رمي نفسه به، خصوصا أن الأمر يتخذ أبعادا دينية وطائفية.

يمكن القول أن القوات اللبنانية حاسبت بشارة الأسمر بشدة على الخطيئة التي إرتكبها بحق البطريرك الراحل نصرالله صفير، فهي منذ البداية قادت كل التحركات وسارعت الى تعليق عضوية عشر إتحادات في الاتحاد العمالي العام، ولم يشفع للأسمر علاقته الجيدة مع القوات التي كانت تجد في تحركاته ومواقفه دعما لتوجهاتها، فرفعت السقف الى حده الأقصى.

أما التيار الوطني الحر فوجدها مناسبة لضرب عصفورين بحجر واحد، أولا لجهة الدفاع عن البطريرك صفير الذي بدأ ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد مراسم دفنه يذكرون بالعلاقة المتوترة التي كانت بينهما منذ العام 1989، وثانيا لجهة تصفية الحسابات مع بشارة الأسمر الذي لا يخفى على أحد أن علاقته سيئة بالتيار الوطني الحر قيادة ووزراء ونواب، وكانت محطات التلفزة شهدت سجالات حادة في الفترة الأخيرة بين الأسمر وبين قيادات ووزراء من التيار الوطني في أكثر من برنامج، ما دفع رئيس التيار جبران باسيل الى إدانته من على منبر بكركي يوم أمس، والاقتراح على وزير الاقتصاد منصور بطيش الى فسخ عقد الاسمر من إهراءات بيروت، حيث سارع بعد ذلك بطيش الى الاعلان على تويتر بأنه سيفسخ عقده اليوم الإثنين.

ولم يكن تيار المستقبل الذي لا يروق له تحركات الاتحاد العمالي العام ولا رئيسه بشارة الأسمر بعيدا عن القوات والتيار، فطالب باستقالته ومعاقبته، فضلا عن كثير من التيارات السياسية الأخرى التي وجدت الفرصة متاحة للانقضاض على رجل إرتكب خطيئة، لكن أحدا لا يستطيع أن ينكر الدور الديناميكي الذي كان يلعبه في الحركة العمالية سابقا، وفي الاتحاد منذ أن تسلم رئاسته.

لكن، ماذا عن الاتحاد العمالي العام؟

تشير المعلومات الى أن الرئيس قبلان أبقى على توقيف الأسمر وأحاله الى النيابة العامة الاستئنافية اليوم للادعاء عليه، وعلى كل من يظهره التحقيق متدخلا أو شريكا، ما يعني أن إستقالة الأسمر من الاتحاد العمالي العام باتت حتمية، خصوصا أنه قد يواجه السجن من شهرين الى ثلاث سنوات بحسب المواد التي سيتم الادعاء عليه بها، فضلا عن أنه لن يستطيع بعد ما فعله أن يتعاطى كرئيس إتحاد مع أي مكون سياسي أو طائفي، خصوصا في ظل الدعوات الى مقاطعة الاتحاد العمالي العام في حال إستمر في رئاسته، ما يعني أن حقبة بشارة الأسمر قد إنتهت وأن رئاسة الاتحاد ستؤول مؤقتا الى نائب الرئيس حسن فقيه الذي دعا المجلس التنفيذي اليوم الى إجتماع طارئ لمناقشة المستجدات وإتخاذ القرارات المناسبة بما فيها إنتخاب رئيس خلفا للأسمر، أو تقديم إٍستقالة جماعية وإعادة إنتخاب مجلس تنفيذي جديد.

وبحسب المعلومات فإنه في كلا الحالتين الأمر لن يكون صعبا، خصوصا أن “حركة أمل” لديها اليد الطولى داخل الاتحاد من خلال الاتحادات المحسوبة عليها وهي 24 إتحادا من أصل 50 إتحاد يمثلون الاتحاد العمالي العام، أي ما يعادل 48 مندوبا من أصل 100 مندوب (كل إتحاد يمثل بمندوبين إثنين) وبالتالي فإن “حركة أمل” قادرة على التحكم بمسار الانتخابات ونتائجها خصوصا أن بعض الاتحادات لديها مشاكل تحول دون مشاركتها في الانتخابات، وهي قد تبدأ باتصالاتها إما لتسمية شخصية تخلف بشارة الأسمر في الرئاسة، أو لانجاز تشكيلة متكاملة لمجلس تنفيذي جديد.

يقول متابعون: إن بشارة الأسمر إرتكب خطيئة العمر، ولو كان الأمر بيد البطريرك الراحل صفير لسامح كعادته وإنتهى الأمر، لكن السياسة فعلت فعلها حسابا وإنتقاما.


مواضيع ذات صلة:

  1. ميقاتي يناقش لائحة مشاريع طرابلس مع نوابها.. ويستكمل بحثها مع كرامي… غسان ريفي

  2.  توتر بين أصحاب المحطات وشركات البترول.. هل يؤدي الى أزمة محروقات؟… غسان ريفي

  3.  إحذروا فتنة النفايات بين طرابلس وبكفتين… غسان ريفي


     

Post Author: SafirAlChamal