تجاذبات الموازنة تتعقد.. والنّقابات تواجه الحكومة في الشّارع… عبد الكافي الصمد

لم تكن الجلسة الـ15 للحكومة التي عقدتها بعد إفطار يوم أمس من أجل مناقشة مشروع الموازنة أفضل من سابقاتها، وسط أجواء لا توحي بالتفاؤل بأن تبصر الموازنة النور في وقت قريب، بسبب تضارب المواقف والصلاحيات وصراعات النفوذ داخل مجلس الوزراء، وفي ظل أجواء الإعتراض الكبير من مختلف القطاعات على بعض بنود الموازنة.

ففي داخل مجلس الوزراء لم تعد القضية مناقشة مشروع الموازنة الذي أعده وزير المال علي حسن خليل، وسط تجاذب كبير أدى إلى إدخال تعديلات على المشروع، إنما أصبحت القضية هي مناقشة الورقة التي قدّمها وزير الخارجية جبران باسيل، خلال الجلسة الـ13 للحكومة، ما جعل الإرباك والتضارب في الصلاحيات يسود أجواء مجلس الوزراء الذي وجد نفسه فجأة أمام مشروعين: مشروع خليل وورقة باسيل، ما يعني أن إنجاز الموازنة سيدخل مجدّداً في جدال لا أحد يعرف متى وكيف سينتهي.

هذان الإرباك والتجاذب الناتجين عن محاولة باسيل ممارسة نفوذه داخل مجلس الوزراء، وتصوير نفسه على أنه المرجعية في كل شاردة وواردة، جعل مراقبين يتوقعون أن يطول أمد مناقشة الحكومة مشروع الموازنة، وأن ينتهي شهر أيار من غير أن تقرها الحكومة، وهو أمر سوف يطرح تساؤلات ومخاوف حول كيف ستتصرف الحكومة مالياً بعد انتهاء العقد الحالي لمجلس النواب، وهل ستبدأ الحكومة بالصرف وفق القاعدة الإثني عشرية، وفي هذه الحال ما هو مصير أموال مؤتمر “سيدر”؟.

أما خارج أسوار الحكومة، فإن الشارع بدأ يغلي رفضاً لتوجهات الحكومة الإصلاحية، حيث سيشهد لبنان اليوم إضراباً مفتوحاً شاملاً سيؤدي إلى شلّ البلد كليّاً، بعد إعلان قطاعات إنتاجية وإدارية ونقابية مختلفة نيّتها الإضراب، في ظلّ دعوات إلى اعتصام واسع في ساحة رياض الصلح وسط العاصمة، بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء.

فإزاء إصرار الحكومة على خفض رواتب العاملين في القطاع العام ورواتب المتقاعدين ومخصصاتهم، وزيادة الحسومات وخفض تقديمات إجتماعية، دعت هيئة التنسيق النقابية (موظفو الإدارة العامة وروابط الأساتذة في التعليم الرسمي ونقابة المعلمين) إلى الإضراب اليوم، بالتوازي مع استمرار الإضراب القضائي والإعتصام المفتوح للعسكريين المتقاعدين، وإضراب موظفي الجمارك وتعاونية موظفي الدولة وعمال مصالح المياه وغيرهم، ما يعني بأن شارعاً شعبياً واسعاً يقف سدّاً عريضاً بوجه الحكومة، وأن استمرارها في توجهها يعني حصول مواجهة بينها وبين الشارع يهدّد بنسف الإستقرار وشلّ البلاد.

وبينما تسعى الحكومة، وفق ما هو معلن، إلى خفض نسبة العجز في الموازنة إلى 8 في المئة، وتوفير قرابة ملياري دولار جراء تخفيضات وبنود إصلاحية وفرض ضرائب جديدة تنوي أن تفرضها على المواطنين، خرج خبراء منتقدين لمشروع الموازنة، ولافتين إلى أن الحكومة التي تستعد لتخفيض بدل النقل اليومي من 8 آلاف ليرة إلى 6 آلاف، لكي توفّر حوالي 30 مليون دولار سنوياً، مع العلم أن أسعار المحروقات في ارتفاع، تبدو غير مستعدة أبداً لطلب تخفيض 1 % من فوائد الدين العام للمصارف، والتي من شأنها توفير حوالي 900 مليون دولار سنوياً على الخزينة العامة.


مواضيع ذات صلة:

  1. جلسات الحكومة طبخات بحص: أيد خفية لا تريد إنجاز الموازنة… عبد الكافي الصمد

  2. موازنة الحدّ الأدنى من التقشّف تكتب فصول ولادتها الأخيرة… عبد الكافي الصمد

  3. الشّارع في مواجهة الحكومة: هل تمرّ الموازنة؟… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal