جلسات الحكومة طبخات بحص: أيد خفية لا تريد إنجاز الموازنة… عبد الكافي الصمد

تبدّدت الآمال في أن يخرج الدخان الأبيض من قصر بعبدا بعد ظهر اليوم، بعدما تبين أن توصل الحكومة إلى إقرار موازنة العام 2019 ليس متاحاً بعد، وأن عقد الحكومة 13 جلسة مخصصة لهذا الغرض حتى الآن يبدو أنها لم تكن كافية لإنجازها، لا بل أن البعض تحدث عن قطب وأيد مخفية وعقد وعراقيل تظهر بين الحين والآخر، ما أثار ارتياباً وشكوكاً وتساؤلات حول مدى قدرة ورغبة الحكومة في إنجاز الموازنة، وأن جلسات الحكومة أشبه بطبخات بحص.

هذا الإنطباع كان حاضراً في أغلب الجلسات السابقة، لكنه كان طاغياً في الجلسة الأخيرة التي عقدت قبل ظهر الأربعاء، وبعدما جرى تأجيل الجلسة التي كان مقرّراً عقدها ليلاً بعد الإفطار في اليوم ذاته، بهدف إجراء قراءة أخيرة للموازنة، كما كان معلناً سابقاً، قبل إقرارها نهائياً في جلسة اليوم.

وإذ ردّ البعض سبب تأجيل الجلسة الليلية الأخيرة للحكومة إلى عدم اكتمال أرقام الموازنة التي يعدّها وزير المال علي حسن خليل، فإن معلومات تحدثت عن سبب آخر للتأجيل هو حصول خلاف بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الدفاع الياس بو صعب، بما يتعلق بموضوع التخفيضات التي يمكن أن تلحظها الموازنة لرواتب وتقديمات العسكريين، ما حتّم تأجيل بحث هذا الملف إلى حين إعطاء المجلس الأعلى للدفاع كلمته حوله بعد إحالته إليه لإبداء رأيه.

لكن كان لافتاً للإنتباه أن رئيس التيار الوطني الحرّ وزير الخارجية جبران باسيل إنتظر عقد الحكومة 12 جلسة لكي يقدّم رؤيته حيال الموازنة في مطالعة من خمس صفحات، وهي رؤية سارت على منوالها كذلك القوات اللبنانية التي قدمت مطالعة مماثلة، لكن من زوايا مختلفة؛ ما طرح تساؤلات حول تأخر الطرفين في تقديم رؤيتهما إلى هذا الوقت، وماذا كانا يفعلان خلال الجلسات السابقة؟، وهل الوقت يسمح بمناقشة رؤيتي الفريقين حول الموازنة؟، وماذا لو قدّم بقية مكونات الحكومة رؤى أخرى أيضاً؟، ألن يستغرق حينها البحث بموضوع الموازنة جلسات إضافية من الجدل الذي لا يعرف أحد متى ينتهي، وكيف؟.

وما أثار شكوكاً واسعة لدى كثيرين بأن الحكومة لا تريد موازنة تقشفية فعلية وعادلة، أنها ابتعدت بشكل مريب عن مناقشة كل ما يتعلق بالهدر المالي، والتهرّب الضريبي والجمركي، والأملاك البحرية والنّهرية، ومساهمة قطاع المصارف والشركات الكبرى بخفض العجز في الموازنة وخفض الدين العام، في مقابل محاولتها التسلل إلى جيوب المواطنين بطرق وأساليب مختلفة، كفرض ضريبة على رواتب المتقاعدين وتقديمات الطبابة، ومحاولاتها تجميد نسبة من رواتب الموظفين، لكنها جمدت بالمقابل النقاش حول تقليص رواتب الرؤساء والوزراء والنواب، الحاليين والسابقين، والبحث عن بدائل أخرى لتأمين خفض العجز!.

هذه البدائل التي تحاول الحكومة إيهام عقول اللبنانيين بها، والإيحاء لهم أنها سبب عجز الموازنة وأن تأمينها سوف يسدّ هذا العجز، زيادة الحسومات التقاعدية من 6% إلى 9% من الأجور والرواتب، خفض بدل النقل من 8 آلاف إلى 6 آلاف ليرة، خفض قيمة المنح التعليمية تدريجياً وتوحيدها عند المستوى المحدد في تعاونية موظفي الدولة، على أن تكون نسبة الخفض في السنة الأولى 15%.، خفض تقديمات البنزين في الأسلاك العسكرية والأمنية بنسبة 30%، وصولاً إلى إصرار رئيس الحكومة على خفض مبلغ 25 مليون ليرة بدل باقات زهور تقدّمها قيادة الجيش إلى أهالي العسكريين الشهداء والجرحى!.

هذا التوجّه الحكومي قوبل برفض تام من الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، التي أعلنت عن إضراب عام اليوم، وهدّدت بالإضراب المفتوح، تعبيراً عن ″رفضها لسياسة قضم الحقوق، وإدانتها لأي إجراء يرمي الى تحميل الموظفين ومحدودي الدخل جريرة السياسات الخاطئة التي كانت السبب في هدر أموال الخزينة″.


مواضيع ذات صلة:

  1. موازنة الحدّ الأدنى من التقشّف تكتب فصول ولادتها الأخيرة… عبد الكافي الصمد

  2. الشّارع في مواجهة الحكومة: هل تمرّ الموازنة؟… عبد الكافي الصمد

  3. نقاشاً حامياً ينتظر جلسة مناقشة الموازنة اليوم: تسوية أم أزمة؟…عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal