موازنة الحدّ الأدنى من التقشّف تكتب فصول ولادتها الأخيرة… عبد الكافي الصمد

هل تبصر الموازنة النور يوم الجمعة المقبل؟..

هذا السؤال طرح على نطاق واسع في مختلف الأوساط السّياسية أمس، بعد إعلان الحكومة نيّتها عقد جلستين اليوم، قبل الظهر وبعد الإفطار ليلاً، لكي تتابع مناقشة مشروع الموازنة وقراءة أخيرة لها، قبل أن تعقد يوم الجمعة جلسة في قصر بعبدا لإقرارها، قبل إحالتها على مجلس النواب لمناقشتها ونيل موافقته عليها كي تصبح نافذة وقانونية.

قبل جلسة أمس التي تعدّ الجلسة الـ12 التي عقدتها الحكومة لمناقشة مشروع الموازنة، وهي أول موازنة في تاريخ لبنان تستغرق كل هذا الوقت وعقد هذا الكمّ من الجلسات الماراتونية لإقرارها، بدت الأجواء العامة غير متفائلة بإنهاء الحكومة مشروع الموازنة قريباً، إلا إذا تم التوصل إلى تسويات لهذا الغرض، بعد وصف جلسات الحكومة الـ12 بأنها ″وقت ضائع″، وأن النقاش يدور في ″حلقة مفرغة″، وأن التقدم بمناقشة الموازنة ″يسير كالسلحلفاة″.

يأتي على رأس هذه التسويات عدم اقتراب الحكومة من رواتب الموظفين وأساتذة الجامعة اللبنانية والعسكريين المتقاعدين، بعدما لوّحت بأنها ستعمد إلى حسم بين 15 ـ 25 في المئة من هذه الرواتب من أجل الإسهام في تخفيض العجز، وهو توجّه لقي اعتراضاً واسعاً في الشارع، ما دفع أركان الحكومة إلى تأجيل مناقشة هذا البند، والإعلان أنه إذا تمّ التوصل إلى تخفيض عجز الموازنة بشكل كافٍ من مصادر أخرى فإن الرواتب لن تمسّ.

وإذ بدت الحكومة بأنها أنجزت شيئاً في مشروع الموازنة المرتقب، مثل زيادة التحصيل الجمركي، ومكافحة التهرّب الضريبي، ورفع الضريبة على ودائع المصارف، وتخفيض موازنات بعض الوزارات وغيرها من الإجراءات، فإنها لم تقترب من “المواد الساخنة”، كما وُصفت، مثل رفع الضريبة على أرباح المصارف نفسها وليس على أرباح الودائع فقط، ومنها مصرف لبنان، وملف المخالفات البحرية والنهرية، وخفض أو إلغاء مخصصات الجمعيات الوهمية التي تستنزف مبالغ مالية كبيرة من خزينة الدولة، وإلغاء رواتب الأشهر الزائدة على 12 شهراً التي يقبضها موظفو مصرف لبنان وأوجيرو وغيرهم.

لكن تراجع الحكومة، حتى الآن، عن الإقتراب من خفض الرواتب، يعود إلى علّة ذاتية أولاً، فهي رفضت إقتراحاً يقضي بخفض رواتب ومخصّصات الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المئة لمدة ثلاث سنوات، ما لقي رفضاً من أغلب الطبقة الحاكمة التي بدت وكأنها تناقض نفسها، إذ كيف تسعى إلى خفض رواتب الموظفين لتخفيض العجز، بينما ترفض إنسحاب هذا التدبير على نفسها؟.

كل هذه التطوّرات تضع الحكومة على المحك، وتجعل الجلسات الثلاث المقبلة لها من أجل مناقشة مشروع الموازنة مفصلية، والتي في حال إقرارها فإنها ستكون أول موازنة عامة في لبنان لحظت تقشفاً وسعياً لتخفيض العجز، ولو بالحدّ الأدنى.


مواضيع ذات صلة:

  1. الشّارع في مواجهة الحكومة: هل تمرّ الموازنة؟… عبد الكافي الصمد

  2. نقاشاً حامياً ينتظر جلسة مناقشة الموازنة اليوم: تسوية أم أزمة؟…عبد الكافي الصمد

  3. السّلطة والموازنة: اللبناينون ضحيتها الأولى والدّائمة… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal