هل يساوي إضراب مصرف لبنان 13 نيسان 1975؟… مرسال الترس

يكاد معظم المراقبين يتلاقون على حصول أوجه شبه كبيرة بين ما يحصل اليوم في لبنان، بما حصل قبل أربعة عقود ونصف، وإن تبدلت الأوجه والادوات.

ففي العام 1974 توجه رئيس الجمهورية سليمان فرنجية الى الامم المتحدة على أرض نيويورك الاميركية للدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوقها مكلفاً من جامعة الدول العربية التحدث باسم العرب مجتمعين في القضية التي كانت تصنّف باعتبارها جوهر الصراع العربي – الاسرائيلي.

وبالرغم من أن الرئيس فرنجية اصطحب معه رؤوساء المجلس النيابي والحكومة الآنيين والسابقين ليكون الوفد معبراً عن كل مكونات الشعب اللبناني، الاّ أن ما تعرض له الوفد من مضايقات غير أخلاقية وبعيدة كل البعد عن الاعراف الديبلوماسية على الارض الاميركية، عكَسَ ما تضمره الادارة الاميركية واللوبي الصهيوني في تلك البلاد من شرور الى كل ما يمت الى العرب بصلة.

ولأن الرئيس فرنجيه كان يدرك خطورة المهمة فأنه كان امام خيارين: إما القبول بها وتحمل نتائجها مهما كانت قاسية وعدم مواجهة الاشقاء العرب. وإما رفضها، وحينها سيقال أن لبنان اصغر الدول العربية ويرأسها رئيس مسيحي، قد رفض تكليف الدول العربية مجتمعة، وعندها سيضع كل العرب بظهره.

ولأنه اختار أن يلبي رغبة أخوانه العرب تألبت عليه اسرائيل والدول الغربية بغض طرف عربي وأحياناً تواطؤ. فكانت البداية المؤلمة والمدمرة في 13 نيسان 1975 التي أُطلقت عليها تسميات طائفية، وأسفرت عن عشرات الآف القتلى والمفقودين، ومئات الآف الجرحى والمعوقين، عدا الدمار والتهجير. ناهيك عن دفع الفلسطينيين لاعتماد لبنان وطناً بديلا، ومن تلك الفكرة ظهرت على لسان أحد أبرز قيادات حركة التحرير الفلسطينية مقولة ″طريق القدس تمر في جونية″. وما زال شبح التوطين يخيم فوق لبنان.

واذا كان الشيء بالشيء يُذكر فان يوم الاثنين في السادس من أيار من العام 2019 كان مشابهاً لنيسان 1975 وإن اختلفت المقاييس. عندما أعلن موظفو مصرف لبنان الاضراب عن العمل وهي المرة الأولى منذ تأسيسه في الاول من آب عام 1963 مع التهديد بامكانية العودة للاضراب المفتوح.

وبغض النظر عن أحقية مطالب الموظفين فان هذا التطور الخطير الذي شل الحركة المالية في القطاعين العام والخاص، في وقت يفخر فيه لبنان بوضعه المالي المميز عن معظم الدول العربية والعديد من الدول الاجنبية، دفع العديد من المراقبين الى الاقتناع بأن الوصول الى اعلان اضراب موظفي مصرف لبنان وشل الحركة المالية بهذا الشكل، ما هو الا ترجمة لما ترسمه الدوائر الغربية لضرب لبنان اقتصاديا وماليا، ودفعه للانهيار أو الافلاس، رداً على فشل محاولات ضرب أمنه الداخلي للتاثير بشكل او بآخر على المقاومة ومستقبلها، إنطلاقا من االتناغم الحاصل بين رئاسة الجمهورية اللبنانية والمقاومة، وتحديدا في القضايا الاستراتيجية.

ومختلف المراقبين مقتنعون أن القوى الصهيونية في العالم وهذا الشرق لن تستكين لحظة عن متابعة تدمير كل ما له علاقة بأية مقاومة لاسرائيل، وإستئصال فكرة قيام دولة فلسطينية الاّ وفق ما ترسم وتخطط. ولعل أبسط المؤشرات هو ما نتج عن ذلك ″الربيع العربي″ المشؤوم، وما سينتج عن تنفيذ ″صفقة القرن″ الخبيثة وصولاً الى فكرة تهديم المسجد الاقصى وإعادة بناء هيكل سليمان لتكتمل النبوءات اليهودية.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل هذه دولة الشهداء فعلاً؟… مرسال الترس

  2. ما هي نقاط ضعف التيار البرتقالي.. إزاء التشبث بالتفوق العددي؟… مرسال الترس

  3. متى يجب أن يصمت المتقاعدون؟…مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal