الشّارع في مواجهة الحكومة: هل تمرّ الموازنة؟… عبد الكافي الصمد

لم تنجز الحكومة أمس موازنة العام 2019 كما توقع البعض، الذين رجّحوا أن تكون الجلسة التاسعة للحكومة بهذا الصدد حاسمة، لكن الحكومة فضّلت أن تعطي لنفسها مهلة إضافية وأن تعقد جلستين جديدتين، يومي الأحد والإثنين المقبلين، على أمل إنجازها موازنة عامة تعتبر الأكثر تعقيداً وتأزماً في تاريخ موازنات لبنان.

هذا التمديد في مناقشة الحكومة مشروع الموازنة العامة، يعود إلى اعتراضات قطاعات عدّة على تخفيضات لحظتها مسودة الموازنة، إما عبّر عنها رئيس الحكومة أو عدد من الوزراء، بإشارتهم إلى توجه حقيقي لدى الحكومة لإدراج بنود هذه التخفيضات ضمن الموازنة، ما دفع الفئات المتضررة من هذه القطاعات إلى إعلانها الإضراب العام والشامل، وتصعيد تحركاتها واعتصاماتها في الشارع، إلى حين تراجع الحكومة عن مقترحاتها، وعدم تضمينها بمشروع الموازنة قبل إحالته إلى مجلس النواب لنيل موافقتها عليه.

العسكريون المتقاعدون هم أبرز هذه الفئات المتضرّرة من مشروع الموازنة، وهم خلال اعتصامهم أمس أمام السراي الحكومي الكبير، وإشعالهم النار في إطارات السيارات إحتجاجاً، أعلنوا أنهم لن يخرجوا من الشارع إلا بعد سحب كل البنود المتعلقة بالمتقاعدين من الموازنة، وهو ما رفضه رئيس الحكومة سعد الحريري، معلنين أنهم يرفضون المسّ بحقوقهم، مطالبين الحكومة ″بسحب البنود التي تطالنا، وانتظروا التصعيد غداً في كلّ المناطق″.

هذا التصعيد من قبل العسكريين المتقاعدين على مشروع الموازنة، واكبه تصعيد مماثل من قبل هيئة التنسيق النقابيّة التي دعت أمس إلى تنفيذ الإضراب العام والشامل اليوم، والتجمع في ساحة رياض الصلح مواكبة لجلسات الحكومة، قبل أن تؤجله مع تأجيل جلسة مجلس الوزراء، وإعلانها مواكبة جلسة يوم الأحد، ما يعني أن الحكومة ستعقد جلساتها وتجري مناقشاتها لمشروع الموازنة على وقع تصعيد كبير في الشارع وشلّ إدارات الدولة.

هذا التصعيد يأتي بعدما اقتربت الحكومة من ″المحرمات″، المتمثلة برأي المعترضين من القطاعات المختلفة، بالرواتب والتقديمات والمساعدات وصناديق التعاضد التي تريد الحكومة تخفيضها، من غير أن تقترب من مزاريب الهدر الحقيقية، ومحاربة الفساد، أو لحظ تخفيضات أخرى في كل الصناديق والمجالس، كمجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب، وصولاً إلى الهيئة العليا للإغاثة.

وإذا كانت الحكومة قد وضعت جانباً هذه الملفات الساخنة، تمهيداً لمناقشتها في الجلستين المقبلتين، فإن إعلانها أمس رفع الفوائد على الودائع المصرفية من 7 إلى 10% لمدة ثلاث سنوات، وبعد هذه السنوات تنخفض مجدّداً إلى 7 بالمئة، وهو ما قوبل باعتراض في أوساط المصارف، فإنها تكون بذلك قد مهدت الطريق أمام تضمين هذه البنود ضمن مشروع الموازنة، على اعتبار أن الكلّ برأيها بات متساوياً في تحمّل أعباء سد عجز الخزينة العامة، وإن كان هذا التساوي لا يبدو عادلاً، لأنه ساوى بين الفقراء والأغنياء، ولم يلحظ تطبيق بند الضريبة التصاعدية، لأنها ستطال أصحاب الثروات والمصارف، التي لم تقترب الحكومة من فرض ضريبة على أرباحها، وإنما اكتفت بفرض ضريبة على الودائع، بشكل يدلّ على مدى تأثير جمعية المصارف على الحكومة في اتخاذها القرارات الإقتصادية والمالية، ومنها مشروع الموازنة.


مواضيع ذات صلة:

  1. نقاشاً حامياً ينتظر جلسة مناقشة الموازنة اليوم: تسوية أم أزمة؟…عبد الكافي الصمد

  2. السّلطة والموازنة: اللبناينون ضحيتها الأولى والدّائمة… عبد الكافي الصمد

  3. بعد مرسوم عائدات البلديات هل يُقدم عون على خطوة تصحيحة جديدة؟… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal