هل هذه دولة الشهداء فعلاً؟… مرسال الترس

معظم المواطنين في لبنان يرسمون علامات استفهام كبيرة حول مفهوم دولتهم القائم بعد ست وسبعين سنة من الاستقلال، وما اذا كانت تنطبق عليها المواصفات المطلوبة بالحد الادنى لمفهوم الاستمرارية، وليس بمواصفات الدول العالمية التي تتطور باستمرار، وتنتقل من درجة نمو محددة الى أفضل منها.

فهل يُعقل بعد سبعة عقود ونصف على ثورة اللبنانيين متحدين بكل طوائفهم على قوى الاستعمار، أن يكونوا على الحال الذين هم فيه من الوقوف مشدوهين امام دولة على شفير الانهيار الاقتصادي والمالي، وهم يتفرجون على من أوصلهم الى هذه الحالة المزرية نتيجة سياسات مدمرة رتبت عليهم مئة مليار دولار من الديون المعلنة، ويتنافسون فيما بينهم على من يستطيع الحفاظ على مكتسبات وحقوق حصل عليها في ظل فساد لا أفق له، وفاسدون لا يستطيع أحد من المسؤولين أو من عامة الشعب أن يشير اليهم باصابع الاتهام؟.

من غريب الصدف ما يشهده اللبنانيون في هذه الايام من تحركات مطلبية لم تخطر على بال أحد، حتى باتت دولتهم مضرب تهكم بين الاقل منها سوءاً: فقضاتها يُضربون عن إصدار الاحكام. ودعاوى قضائية غير مسبوقة من قبل هيئات قضائية بوجه من يفترض أن تكون الاداة التنفيذية لها. وموظفو المصرف المركزي يخرجون من مكاتبهم الى الشوارع ويشلون اي حركة مالية عامة أو خاصة في الدولة. والمتقاعدون العسكريون يقفلون المؤسسات العامة ويرفعون قبضاتهم بوجه المسؤولين إضافة الى الضمان الاجتماعي ومرفأ بيروت والبورصة… وكأن هناك أيدٍ خفية تعزف اوركسترا الشلل التام تمهيداً للتدمير الممنهج!.

فهل هذه هي الدولة التي استشهد من أجلها مواطنون ما زال تمثالهم يحتل اهم ساحة في وسط العاصمة بيروت، وتحول عيدهم الى ذكرى لشهداء الصحافة وهي الفكرة التي انبثقت من أجل الحفاظ على تاريخهم المجيد، بعدما تصارعت الفئات اللبنانية حتى على الشهداء ومن يحق له ان يُطلق التسمية على من سقط ايماناً بقضية اقتنع بها. فمنذ يومين في السادس من أيار عاش اللبنانيون التجربة كلٌ على طريقته بعيداً عن كل الاحتفالات، لأنه ما من منزل في هذه البقعة المضطربة باستمرار منذ الاستقلال لم يكن مرتبطاً بشهيدٍ، بشكل أو بآخر.

 فهل ما زال هناك ثقة أن المسؤولين قادرون على تخطي الازمات التي تنبت كالفطر من كل الاتجاهات، ام أن القناعة باتت راسخة أن الايدي الآثمة الملطخة بالفساد المعشش في النفوس ستكون أقوى، وستطيح بأخضر ويابس ما يحلم به أبناء هذا الوطن من عيش رغيد منذ سبعة عقود ونصف؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. ما هي نقاط ضعف التيار البرتقالي.. إزاء التشبث بالتفوق العددي؟… مرسال الترس

  2. متى يجب أن يصمت المتقاعدون؟…مرسال الترس

  3. ستفشلون.. لأنكم الخصم والحكم… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal