متى يجب أن يصمت المتقاعدون؟…مرسال الترس

كثيرون من اللبنانيين أيدوا التحرك الذي قام به المتقاعدون ولاسيما العسكريين منهم في الشارع احتجاجاً على ما قد يصيبهم من “اجراءات تقشفية” في موازنة العام الحالي!

آخرون تمنوا لو ان المتقاعدين تحلوا بالصبر بعض الشيء لحين إحالة الموازنة من الحكومة الى مجلس النواب لتبيان التفاصيل والقرارات النهائية، ومن ثم فليبنوا تحركهم على أمور ملموسة وليس تقديرات، وأحياناً شائعات خبيثة عادة ما تقف وراء إطلاقها أبواق شريرة لزعزعة الثقة بهيكلية النظام القائم ككل.

مراقبون محايدون رأوا أن تحرك المتقاعدين أتى بهذه السرعة نتيجة إنعدام الثقة بين الناس والسلطة في لبنان، وعدم التزام المسؤولين والسياسيين بالوعود التي يطلقونها منذ عشرات السنوات في المناسبات الانتخابية او الاجتماعية. حيث تتبخر المواقف والتصريحات بالهواء إثر إقفال الستارة، ولذلك:

بالتأكيد كان المتقاعدون قد أرجأوا تحركهم لو أنهم شاهدوا كبار القوم مثلاً يبيعون طائراتهم ويخوتهم وسياراتهم الفارهة، ويحولون جزءاً منها لدعم الخزينة التي يُقال أنها تقف على شفير الانهيار، خصوصاً أن الجميع مقتنع ان القسم الاكبر من تلك الاموال مشكوك بأمر الحصول عليها!

وبالتأكيد أن المتقاعدين مستعدون للعودة الى الدولة والعمل فيها مجاناً لسنوات إذا توضحت لديهم مسألة حجم الضرائب التي ستطال أصحاب الثروات الضخمة ولو بنقاط محددة، وليس الى ضريبة تصاعدية كما هو حاصل في اهم الدول التي تحترم نفسها وتخدم مواطنيها!

وبالتأكيد أن المتقاعدين كانوا سيضحون باجزاء من معاشاتهم لو أنهم لمسوا أن الدولة قد استنفدت كل ما يحق لها من رسوم على الاملاك البحرية أو ما يماثلها، ولم يؤدِ ذلك الى إستعادة الموازنة أنفاسها مجدداً!

وبالتأكيد أن المتقاعدين كانوا سيضحون بأعز ما يملكون وهم الذين دفع العديد من رفاقهم ارواحهم وآخرون يعيشون بألم مع إعاقاتهم. لو انهم تيقنوا أن المال الذي نُهب من الدولة قد أعيد بعضه على الأقل الى خزائنها!

الثابت ان هناك منظومة مجرمة (على نمط الطابور الخامس) استطاعت كما في قرارات سابقة، زرع سمها الزعاف في العديد من بنود الموازنة التي تطال الطبقات المتوسطة والفقيرة، في حين تجاهلت إتخاذ التدابير التي قد تطال كبار القوم ومصارفهم ومؤسساتهم الذين يتهربون من الرسوم والغرامات بقدرة قادر!

أما وان المتقاعدين وجميع الموظفين مقتنعون أن الدولة تفتح عيونها فقط على مرتباتهم وتلاحق معاشاتهم التقاعدية قبل أية خطوة أخرى، فان تحركهم مهما علت وتيرته سيكون طبيعياً جداً، ولعل الآتي أعظم، هذا اذا لم يتحول معظم اللبنانيين الى “متقاعدين”؟.

Post Author: SafirAlChamal