سدّ بريصا: هل يمنع الكويتيون رمي ملايين دولاراتهم في سدّ مبخوش؟… عبد الكافي الصمد

ما كاد مجلس الوزراء يوافق في جلسته الأسبوعية أول من أمس الخميس على استكمال أعمال سد بريصا ومشاريع مياه الشفة والريّ في الضنية، حتى خرج من يريد قطف هذا ″الإنتصار″ وردّه إليه، وتصوير نفسه أمام الرأي العام في الضنّية خصوصاً ولبنان عموماً بأنه يهتم ويتابع مشاريع المنطقة، وصولاً إلى تنفيذها، وسط همروجة ضجّت بها مواقع التواصل الإجتماعي التي اختلط بها الحابل بالنابل.

وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بارك لأهل الضنية القرار، وغرّد بعد الإعلان عنه قائلاً: ″مبروك لأهلنا في الضنية موافقة مجلس الوزراء اليوم على استكمال أعمال سدّ بريصا.. سنين طويلة مرّت، ولا بد أن تحصلوا على المياه، وأن نعرف وتعرفوا أسباب الهدر والتأخير الذي حصل″.

إهتمام باسيل بموضوع سد بريصا لم يأت من فراغ، فرئيس التيار الوطني الحرّ يوم زار الضنية مفتتحاً مكتب التيار البرتقالي فيها، في 24 آذار الفائت، أشار في كلمة له إلى موضوع السدّ الذي وصفوه له في المنطقة بـالمبخوش، وحينها أطلق وعداً بما يتعلق بالسدّ وغيره أن هذه المطالب سنحملها وسنتعاون عليها.

هذا الإهتمام بسد بريصا لم يقتصر على باسيل وحده، فالنائب سامي فتفت الذي يعتبر نفسه أولى من باسيل بذلك، لفت على صفحته على الفايسبوك أنه بعد جهود ومتابعة حثيثة مع دولة الرئيس سعد الحريري، وافق مجلس الوزراء على القرض المقدّم من الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية، المتعلق بإستكمال أعمال البناء في سد بريصا في الضنية، بمبلغ وقدره 4 ملايين ونصف مليون دينار كويتي، أي ما يقارب 15 مليون دولار أميركي، شاكراً الحريري على هذا الإنجاز والإهتمام.

لكن ما قاله باسيل وفتفت لم يكن سوى جزء من الحقيقة، أما الجزء الآخر فيمكن تلخيصه في النقاط التالية:

أولاً: عندما أقرت الحكومة مطلع الألفية الثالثة خطة عشرية لإنشاء 27 سداً وبحيرة في لبنان، جرى وضع 4 سدود في عهدة مجلس الإنماء والإعمار، والبقية في عهدة وزارة الطاقة، كان سد بريصا (يتسع لمليون و800 ألف متر مكعب) من نصيب مجلس الإنماء والإعمار، وهو مجلس يخضع لوصاية رئاسة مجلس الوزراء؛ وعندما كان رؤساء بلديات وفاعليات الضنية يراجعون باسيل أيام تسلمه وزارة الطاقة والمياه بموضوع السد، الذي تأخر تسليمه برغم بدء العمل به في تموز 2003 وشابت أشغاله عيوباً كثيرة، منها تسرب المياه المتجمعة فيه خلال ايام، كان جواب باسيل أن السد ليس في عهدته بل في عهدة مجلس الإنماء والإعمار.

لكن المفارقة أن باسيل وبعدما أقر مجلس الوزراء إستكمال أعمال السد أراد تجيير هذا الإنجاز لصالحه، وقد يكون هذا في السياسة مبرراً وعادياً في لبنان، لكن ذلك يجعل باسيل مطالب بأمرين، هما: أولاً تأكيد ما قاله أمس لأهالي الضنية في تغريدته بأنه لا بد أن نعرف وتعرفوا أسباب الهدر والتأخير الذي حصل، وكشف ما يملكه من معلومات بهذا المجال؛ وثانياً الإيعاز إلى وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني المقربة منه، بأن تولي الضنية الإهتمام اللازم، وإخراج ملفات وطلبات كثيرة تخصّ المنطقة موجودة في أدراج الوزارة منذ سنوات.

ثانياً: حاول فتفت وتيار المستقبل تصوير الأمر على أنه إنجاز لهم وللحريري، وأن مشروع تبطين السد وأعمال شبكات مياه الشرب وغيرها التي سيبدأ العمل بها هذا العام على أن تكتمل عام 2022، هو عمل تنموي رائد يصب في خانتهم، محاولين القفز فوق فشل مجلس الإنماء والإعمار وشركة بادكو التي تعهدت تنفيذ المشروع، وأن الأموال التي أنفقت على السد المبخوش وناهزت 25 مليون دولار، تجعلهم موضع الثقة من جديد، خصوصاً بعدما ضغط تيار المستقبل عام 2013 مع نائبي الضنية على مصلحة مياه لبنان الشمالي كي تتسلم السد من مجلس الإنماء، بما يسمح للشركة المتعهدة قبض مستحقاتها المالية، برغم أن السد لم ينجز ولم تعالج ثغراته.

ثالثاً: يبدو الصندوق الكويتي للتنمية مطالباً بمتابعة إستكمال أعمال سد بريصا مجدداً، وإشرافه مباشرة عليها هذه المرّة، بما لا يسمح بالوقوع في الفشل مرة ثانية، من أجل منع رمي ملايين الدولارات في سدّ مبخوش كان وما يزال حلماً لأهالي الضنية لإحياء أراضيهم الزراعية، في منطقة يعتاش قرابة 70 في المئة من سكانها على الزراعة.


مواضيع ذات صلة:

  1. بعد مرسوم عائدات البلديات هل يُقدم عون على خطوة تصحيحة جديدة؟… عبد الكافي الصمد

  2. جبق في الضنّية: حضور حزب الله وتجذّر الصمد وإرباك المستقبل… عبد الكافي الصمد

  3. قراءة في انتخابات طرابلس: حقائق ومؤشرات ودلائل… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal