قراءة في انتخابات طرابلس: حقائق ومؤشرات ودلائل… عبد الكافي الصمد

برغم أن إنتخابات طرابلس الفرعية التي جرت في 14 نيسان الجاري قد أفضت إلى فوز مرشحة تيار المستقبل ديما جمالي بالمنصب، بعدما كان المجلس الدستوري قد أبطل نيابتها إثر الطعن الذي تقدّم به المرشح طه ناجي في أعقاب إنتخابات 6 أيار 2018، فإن ما رافق تلك الإنتخابات وما أفرزته من نتائج يستحق قراءة هادئة ينتظر أن تبنى عليها الكثير من المقاربات السياسية في المرحلة المقبلة.

فقد أعلنت وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن، في مؤتمر صحافي عن فوز جمالي بعدما حصدت 19387 صوتاً، وأن نسبة الإقتراع بلغت 12.55 في المئة، وأن عدد الناخبين قد بلغ 241534 ناخباً مسجلين على لوائح الشطب، بينما وصل عدد المقترعين إلى 33963 فقط، والأوراق الملغاة 2648، والأوراق البيضاء 1951، والأوراق المتبقية 28364.

اما بقية المرشحين المنافسين لجمالي فقد تقدمهم يحيى مولود الذي نال 3313 صوتاً، النائب السابق مصباح الأحدب 2520 صوتاً، الزميل عمر السيد 2161 صوتاً، نزار زكا 514 صوتاً وأخيراً طلال كبارة 305 أصوات.

غير أن نتائج الإنتخابات لم تكشف ما جرى خلف الأبواب المغلقة، ولا ما جرى من ممارسات أفضت إلى هذه النتيجة، والتي كان أبرزها ما يلي:

أولاً: مع أن وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن أعلنت أن نسبة الإقتراع قد وصلت إلى 12.5 في المئة، فإن معطيات عدة تشير إلى أن النسبة كانت أقل من ذلك، منها أن محاضر أغلب أقلام إقتراع العلويين والمسيحيين في طرابلس، كانت متدنية جداً، وهي لم تتجاوز 1 في المئة، وحتى أن بعض هذه الاقلام كانت نسبة الإقتراع فيها صفراً، ومع ذلك فإن النتيجة التي أشرف ثماني لجان قيد إنتخابية على إعلانها، بتكليف من وزارة الداخلية والبلديات، أظهرت حصول جمالي على نسبة أصوات مرتفعة في هذه الأقلام، ما طرح تساؤلات عدة حول ما حصل، ورسمت حول النتائج علامات إستفهام كبيرة، بعدما كانت أغلب إستطلاعات الرأي تشير إلى أن نسبة الإقتراع هي بحدود 4 ـ 5 بالمئة فقط، ما جعل قيادة تيار المستقبل تستنفر على أعلى المستويات لرفع نسبة التصويت.

ثانياً: كان أغلب أقلام الإقتراع في دائرة طرابلس لا يوجد فيها سوى مندوب واحد هو مندوب ديما جمالي، بينما غاب بقية المندوبين عن الصناديق، لأسباب إتضح بعدها أن بقية المرشحين لم يحصلوا على تصاريح لمندوبيهم، ومنهم يحيى مولود الذي اعترض لأنه لم ينل سوى نصف عدد تصاريح المندوبين العائدين له، ما جعل شكوكاً عدة تطرح حول شفافية ومصداقية أرقام بعض أقلام الإقتراع التي لم يكن فيها سوى مندوب واحد هو للتيار الأزرق، وهو ما تثبته المحاضر الرسمية.

ثالثاً: بدت النتيجة معلبة سلفاً، وهو ما تظهره بشكل غير مباشر نتائج لجان القيد الثمانية التي تظهر فوز جمالي بأرقام متقاربة جداً في جميع الجداول، برغم تدني نسبة الإقتراع في مناطق ومقاطعة الناخبين في مناطق أخرى، ما يفترض أن يظهر تفاوتاً في أرقام أقلام الإقتراع ولوائح لجان القيد، وهو أمر لم يحصل.

رابعاً: راجت معلومات قبل الإنتخابات أن جمالي ستحصل على 20 ألف صوت، وأن تيار المستقبل لا يرضى بنتيجة أقل من ذلك، ليظهر للإعلام أن شعبيته حاضرة في طرابلس وهي لم تتراجع، وهو ما حصل بفارق ضئيل.

خامساً: لفتت الأوراق الملغاة والبيضاء في هذه الإنتخابات الأنظار، بعدما ناهزت 3500 ورقة إقتراع، وهو رقم كبير جداً، وقد تبين لاحقاً أنها تعود لمناصرين لتيار المستقبل أو حلفائه كانوا محرجين بالتصويت لجمالي، لأنهم كانوا غير مقتنعين بهذه الخطوة، فأقدموا إما على الإقتراع بورقة بيضاء، أو بالتصويت لأكثر من مرشح ما جعل أوراق تصويتهم ملغاة.

سادساً: بدا تيار المستقبل مهتما جدّاً بحجب الأصوات عن المرشح نزار زكا، خصوصاً في بلدته القلمون، لأنه كان يعتبر تقدمه على جمالي في مسقط رأسه نكسة له، ما جعل التيار الأزرق يبذل قصارى جهده لهذه الغاية، ويحجب زكا إعلامياً، وهو الذي كان يلقى إهتماماً إعلامياً كبيراً من محطات أخرى على خلفية توقيفه في إيران، أبرزها قناة العربية.

سابعاً: أظهرت الإنتخابات الفرعية وجوهاً سياسية جديدة. إذ تعتبر الأصوات التي نالها كل من مولود والسيد، تحديداً، ذات أهمية خاصة لمستقبلهما السياسي والإنتخابي، وهي أصوات يمكن البناء عليها في الإستحقاقات المقبلة، وسوف تجعل أي لائحة إنتخابية في استحقاق 2022 تأخذ إمكان إنضمام أحدهما أو كليهما لها باهتمام جدّي.


مواضيع ذات صلة:

  1. المستقبل يعيد جمالي نائبة.. فوزٌ بطعم الخسارة… عبد الكافي الصمد

  2. نزار زكا.. لماذا يتجاهله تيار المستقبل؟… عبد الكافي الصمد

  3. د. إيليا: نسبة الإقتراع بطرابلس ستكون متدنّية.. ونتيجتها محسومة لجمالي… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal