واقع محاكم عكار يمنع تحقيق العدالة… نجلة حمود

سلطت الزيارة الأولى التي قام بها رئيس محاكم الاستئناف في الشمال القاضي رضا رعد ونقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد، إلى محكمتي حلبا والقبيات، الضوء على الوضع المزري لمحاكم عكار. وفتحت الباب واسعاً أمام العديد من التساؤلات حول كيفية تعاطي وزارة العدل والحكومة مع محافظة عكار، وأهلها، ومحاميها، وقضاتها، الذين يعملون في مبان تفتقر لأدنى مواصفات المحاكم، فضلا عن النقص الفاضح في عدد القضاة، الأمر الذي بات يشكل عائقاً فعلياً أمام العدالة وتسهيل أمور المواطنين والبت بقضاياهم التي تبقى عالقة لسنوات طويلة.

لا تزال محافظة عكار إحدى أكبر المحافظات اللبنانية تابعة قضائيا لمحافظة الشمال، حيث محاكم الاستئناف والنيابة العامة ودائرة التحقيق في طرابلس. فلما لا يصار الى إقرار استقلالية عكار كمحافظة وإتمام إنجاز محاكم استئناف ونيابة عامة وقضاة تحقيق؟ وكيف يمكن الحديث عن تأسيس دولة من دون قضاء؟

تتألف محكمة حلبا من خمس غرف موزعة ما بين غرفة القضاة، رئيس القلم، الأرشيف، المستودع وقوس المحكمة، أما محكمة القبيات فهي عبارة عن مبنى مستأجر مؤلف من ثلاث غرف تفتقر جميعها للتجهيزات الادارية والفنية التي من شأنها تسهيل عمل الموظفين والقضاة وأرشفة المعلومات والملفات. أما بالنسبة للوضع القضائي فينحصر الجسم القضائي في عكار بأربعة قضاة (قاضيان مدنيان هما: جوليانا عبدالله وطارق صادق، وقاضيان جزائيان هما: حسين عبدالله ولطيف نصر) يتناوبون بين حلبا والقبيات.

وتظهر الأرقام أن عدد الدعاوى المدنية المقدمة في محكمة حلبا وحدها يفوق الخمسة آلاف ملف (تتوزع بين الأحوال الشخصية، الأمور المستعجلة، القضايا العقارية، القضايا المالية، وقضايا الإيجارات والتنفيذ)، إضافة إلى نحو 7500 ملف جزائي موزعة بين حق شخصي وحق عام، وهذه جميعها يفترض أن يبت فيها قاضيان فقط! علماً أن القاضي حسين عبدالله يشغل مناصب عدة في الوقت نفسه، فهو رئيس مجلس العمل التحكيمي في الشمال ومستشار في محكمة الجنايات وقاض منفرد جزائي في حلبا.

ويظهر واضحا الغبن اللاحق بمحافظة عكار، لجهة النقص الفادح في الجهاز القضائي والعدلي، حيث كان من المفترض أن تحصل عكار على حصتها القانونية المدرجة منذ سنوات طويلة وهي 15 قاضيا، نظرا لنطاقها الجغرافي الواسع وعدد القرى والبلدات الذي يزيد على 400، ولكن التعيينات الأخيرة لم تشمل عكار، بل زادت التهميش. إذ كانت المحافظة مخصصة بأربعة قضاة أصيلين، فباتوا اليوم ثلاثة قضاة أصيلون.

شكل ذلك الواقع محور النقاش الذي دار بين القاضي رعد والنقيب مراد والقضاة والمحامين خلال زيارته يوم أمس إلى عكار.

وتحدثت ″مندوبة النقابة في محكمة حلبا″ المحامية نجاة المصطفى عن الضغط الحاصل إن كان لجهة المبنى والشكاوى نظرا لعدم إمكانية إنجاز  قصر عدل في محافظة عكار، ولفتت الى ″النقص الكبير في عدد القضاة والموظفين الذين ما عاد باستطاعتهم إنجاز آلاف المعاملات المتراكمة، ما دفعنا للمطالبة بانتداب، وتم إنتداب قاض رابع مكلف بثلاث مهام أخرى، في مقابل تزايد المراجعات والشكاوى.″

وشددت المصطفى على ″ضرورة الموافقة بالتوقيع على المرسوم النهائي للملاك القضائي الذي يتطلب التواصل مع وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى″. 

من جهته اقترح القاضي حسين عبدالله ″اللجوء الى استحداث محكمتين في الجومة ومنطقة القيطع، ما يخفف الضغط عن محكمة حلبا″، مؤكداً “أن هذه الخطوة أكثر من ضرورية وتحديداً في منطقة القيطع التي تضم أكبر عدد من السكان″.

″القاضي الجزائي يسعى، مثلا، الى البت في 100 ملف في يوم واحد، في محاولة منه لتسهيل شؤون المواطنين، وهو يعمل على البت سنوياً في نحو 2000 ملف مقابل ورود ثلاثة آلاف ملف، ما يبقي العجز قائما″، بحسب ما يؤكد عدد من المحامين.

بدوره أثنى الرئيس رعد على ″أن مرسوم توسيع ملاك القضاء العدلي في محافظتي عكار والهرمل كان في مجلس الوزراء ومع تشكيل الحكومة الجديدة أعيد الى وزارة العدل، ونحن نتابع الموضوع مع الوزير الحالي، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب عدد من القضاة المتفرغين والمساعدين القضائيين في ما يتعلق بالتشكيلات الأخيرة”. ووعد رعد بنقل “صورة الوضع القائم إلى مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل على أمل اتخاذ التدابير الكفيلة بإنهاء ذلك الواقع″.

 ولفت مراد الى ″ان إنتداب القضاة أمر غير مجدي ويؤثر سلبا على إنتاجية القضاة فهو يكبدهم جهودا مضاعفة، مؤكدا أن مرسوم إنشاء قصر عدل في عكار أمر ضروري للغاية والمفروض أن تتزامن هذه الخطوة مع خطوة توسيع ملاك القضاة والموظفيين، ونحن نتواصل مع الجميع لرفع الصوت وتحصيل حقوقنا″.


مواضيع ذات صلة:

  1. بلديات عكار تتهاوى.. ما هو مصير مئات الموظفيين والعمال؟… نجلة حمود

  2. أفيوني يتعرف على مكونات وإمكانات عكار.. ويترجم إهتمام الرئيس ميقاتي بها… نجلة حمود

  3. زيارة جريصاتي تضع عكار تحت مجهر وزارة البيئة… نجلة حمود


Post Author: SafirAlChamal