القلمون: ما علاقة ماء الزهر بالسياسة؟… عمر ابراهيم

لطالما اكتسبت بلدة القلمون شهرتها من صناعة ماء الزهر، الذي اعطاها امتيازا عن باقي البلدات التي يمتهن سكانها صناعة هذه السلعة الرائجة على وجه الخصوص في الاوساط الشعبية وما تزال مطلبا ضروريا لصناعة الحلويات العربية ودواء لبعض امراض المعدة وفقا لما هو متوارث، بالاضافة الى استخدامها في الافراح ومؤخرا في استقبالات السياسيين حيث يرش ماء الزهر على الضيف عربون محبة وتقدير بدل نحر الخراف واطلاق المفرقعات، خصوصا في فترة الانتخابات.

ولعل الانطباع الاول لبعض المسؤولين الرسميين عن هذه البلدة انه يجب تحضير ملابس اضافية لحظة الخروج منها، ومنهم ربما من لم يذق طعم ماء الزهر ولكنه غسّل به واشتم رائحته بسبب الكميات الكبيرة التي يتم رشها على المسؤولين ومنهم على وجه الخصوص الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي.

القلمون التي تبعد نحو خمسة كيلومترات عن طرابلس، كانت سابقا تستقبل زوارها برائحة زهر الليمون الذي يفوح من بساتينها التي تكتسي في مثل هذه الايام ببساط ابيض من هذه الزهرة التي تستخدم في صناعة ماء الزهر رغم خسارتها مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية بعد ان قسمها اوتوستراد طرابلس ـ بيروت الدولي الى نصفين جزء ساحلي وجزء جبلي، الا ان ابناءها ما يزالوان يحافظون على صناعة ماء الزهر التي اقترن اسمها باسم بلدتهم منذ عقود، حيث يقصدها ابناء الشمال ومناطق لبنانية اخرى لشراء ماء الزهر المستخرج من زهر الليمون.

في بساتين البلدة التي تتوسطها المنازل والمتاجر، ينتشر العمال ومعظمهم من النساء من ابناء البلدة او من النازحات السوريات، حيث يقمن بقطاف زهرة الليمون البري، تمهيدا لنقلها الى المنازل او المعامل الصغيرة المتواجدة داخل البلدة وذلك من خلال عملية متقنة ومدروسة بحسب ما يؤكد الاهالي ″أن زهر الليمون يقطف من الشجر، ثم يغربل وينقى من الورق والعيدان، ويغسل، ويفرش على غطاء، لان تكدسه فوق بعضه يعرضه للاهتراء″.

ويشرح الاهالي تفاصيل صناعة ماء الزهر بالقول: ″يجب ان لا يحفظ الزهر بعد قطافه اكثر من يومين، قبل ان تتم عملية تقطيره بواسطة ″كركة″ من الالمنيوم او النحاس، وحاليا من ″الستانلس ستيل″، ويختلف حجمها باختلاف حجم عملية التقطير، حيث تتفاوت سعتها من الزهر بين 5 و8 كيلوغرام″.

ويضيف الأهالي: ″في الماضي كانوا يشعلون الحطب تحت ″الكركة″، أما اليوم فيعمدون إلى وضعها على الغاز، بحيث يوضع الزهر داخل ″الكركة″ ويغمر بالماء، ثم يقفل عليه بالقسم العلوي من ″الكركة″ الذي توضع فيه المياه الباردة، ويجري “تطيين” الوصلة بواسطة الرماد أو الطحين المجبول بالماء، منعاً للتبخر في اتجاه الخارج، ويمكن تقوية النار في بداية النزل، وعندما تبدأ قطرات الماء تخرج من أنبوب متصل بـ ″الكركة″، فمعنى ذلك أن الزهر بدأ يتحول إلى بخار، ومن ثم ماء زهر، عندها ينبغي تخفيف النار إلى أقصى حد، بحيث تنزل القطرات قطرة قطرة، على أن المطلوب الانتباه الدائم إلى تغيير الماء في القسم العلوي كلما فتر، واستبداله بالماء البارد الذي يلعب الدور الأساسي في تحويل البخار الداخلي إلى ماء الزهر″.


مواضيع ذات صلة:

  1. أسباب غير سياسية لمقاطعة انتخابات طرابلس الفرعية.. ما هي؟… عمر ابراهيم

  2. لماذا غيّرت الشركات الصينية وجهتها من طرابلس الى بعلبك؟… عمر ابراهيم

  3. باسيل في الضنية بدعم مستقبلي.. ماذا عن الشعارات؟… عمر ابراهيم


 

Post Author: SafirAlChamal