هل ما حصل بين الحريري وباسيل كان مجرد مسرحية سياسية؟… غسان ريفي

كثير من المتابعين لم يقتنعوا بالاشتباك السياسي الذي وقع خلال الأيام الماضية بين الرئيس سعد الحريري وبين وزير الخارجية جبران باسيل على خلفية قضية النازحين السوريين، خصوصا أن ما بين الرجلين منذ التوافق على التسوية الرئاسية قبل ثلاث سنوات هو أمتن وأعمق بكثير من أن تنغّصه أزمة من هذا النوع، أو أن يسمح بالاطاحة بحكومة إستمر العمل على تشكيلها تسعة أشهر.

ما يعزز عدم الاقتناع، هو حالة الارباك والتناقض التي رافقت هذا الاشتباك، سواء في ″تيار المستقبل″ أو في ″التيار الوطني الحر″ اللذين لم يعرف نوابهما كيفية التعاطي معه، ففي حين أكد عضو المكتب السياسي لـ″تيار المستقبل″ الدكتور مصطفى علوش أن ″لقاء الأربعاء بين الحريري وباسيل كان عاصفا وأن ثمة مشكلة حقيقية حصلت بينهما من دون أن يوفر باسيل من هجوم عنيف″، أطل النائب محمد الحجار ليجزم بأن ″اللقاء بين الرجلين كان جيدا وأن الحكومة ماشية والتسوية ما تزال قائمة″، في حين آثر تلفزيون المستقبل عدم نشر تصريح اللواء أشرف ريفي الذي تضمن إنتقادا لاذعا لباسيل الذي بدوره تشير معلومات الى أنه عمم على نوابه بعدم الرد على أي تصريح صادر عن ″تيار المستقبل″ ونوابه.

كما جاء تهديد باسيل بالاطاحة بالحكومة في الخطاب الذي ألقاه في ذكرى 14 آذار ليثير إستغراب كثير من اللبنانيين، خصوصا أن اللعب في مصير الحكومة ليس من مصلحة أحد، لا سيما الرئيس ميشال عون الذي لن يقبل بأن يمضي عهده في إنتظار تشكيل الحكومات، علما أن باسيل بذل مجهودا مضنيا للحصول على الأكثرية في هذه الحكومة والتي يسعى بعد تشكيلها الى الاستفادة منها في جعل عصمتها بيده، وكذلك عصمة التعيينات، فأي عاقل يطيح بحكومة يمتلك الكلمة الفصل بها، فضلا عن المعلومات التي تتحدث عن لقاء جديد سيعقد بين الحريري وباسيل، فكيف يمكن لرئيس حكومة أن يجلس مع وزير هدده بالاطاحة بحكومته ومصادرة صلاحياته وضرب هيبته، بهذه السهولة؟!..

لا شك في أن عنوان العهد والحكومة معا اليوم هو مؤتمر سيدر الذي يحتاجه لبنان، وليس خافيا على أحد أن أموال سيدر مرتبطة بوجود الحريري على رأس السلطة التنفيذية، ما يعني أن الاطاحة بالحكومة أو بالحريري تعني الاطاحة بـ سيدر كما تعني فشل عهد ميشال عون، وهذا أمر لن يسمح به أي طرف من الأطراف السياسية المعنية بالتسوية التي أنتجت المنظومة السياسية الحالية.

يتساءل بعض المتابعين: هل ما جرى بين الحريري وباسيل كان مسرحية سياسية؟

لا تستبعد مصادر مطلعة ذلك، خصوصا أن الرجلين إستفادا من هذا الاشتباك، فالرئيس الحريري أكد للمجتمع الدولي وللقوى الاقليمية الراعية له أنه متمسك بوجهة نظرهم تجاه ملف النازحين، وهو نجح أيضا في الحصول على دعم وطني وعلى إحتضان سني إضافي، في حين قدم باسيل أوراق إعتماده تجاه الشارع المسيحي الرافض لاستمرار بقاء النازحين السوريين، وربما تجاه دمشق التي كانت تأخذ عليه قيامه ببعض الدعسات الناقصة حيالها.

أما مسألة التعيينات وخصوصا المسيحية منها والتي يريد باسيل وضع اليد عليها بشكل كامل، فإن الاشتباك الذي حصل (بحسب هذه المصادر) ساهم في اخراج الحريري من الاحراج أمام القوات اللبنانية وتيار المردة وكذلك حزب الكتائب، بأنه إنتفض ورفض توجهات باسيل في هذا الاطار، على أن يعود الأمر في ذلك الى الأكثرية في مجلس الوزراء.

يسأل متابعون: هل يحتمل البلد بعد شهر على تشكيل الحكومة مثل هذا التوتر السياسي، خصوصا إذا كان كل ما حصل عبارة عن تبادل أدوار بين الحريري وباسيل؟، مؤكدين أن التسوية مستمرة، والحكومة محصّنة، وسيظهر ذلك جليا يوم غد الخميس في جلسة مجلس الوزراء التي من المتوقع أن تكون منتجة وأن تُسدل الستارة فيها على المسرحية السياسية التي شغلت اللبنانيين وأربكتهم خلال الأيام الماضية!.


مواضيع ذات صلة:

  1. إنتخابات طرابلس: ″المستقبل″ أمام ثلاث مهمات خوفا من المفاجآت… غسان ريفي

  2. ماذا أعطى الحريري لـ ريفي.. وماذا أخذ منه؟… غسان ريفي

  3. الحريري وريفي.. يلاقيان رغبة ميقاتي… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal