ميقاتي من دار الفتوى: التمسك بالطائف ليس لمصلحة طائفة وإنما لمصلحة الوطن

أكد الرئيس نجيب ميقاتي انه ″عندما نتمسك بالدستور وبما نتج عن اتفاق الطائف فليس الأمر لمصلحة طائفة بل لمصلحة الوطن”، مشيرا الى “أن الدستور لا يجوز أن يطبق انتقائيا، وان يتم انتقاء المواد التي يجب تطبيقها أو عدم تطبيقها، ولا يمكن تنفيذه بهذه الطريقة بل يجب تطبيقه كاملا، وهو يحمي الطوائف ويشكل خطوة أكيدة نحو لبنان الحداثة″.

أما مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان فاكد ″أننا في لبنان اتفقنا على صيغة للعيش الواحد بين مكونات الشعب اللبناني، ونحن نحافظ على هذه المكونات في اطار الاحترام المتبادل، ولا نتدخل في الخصوصيات الدينية للطوائف، وانما الذي يعنينا هو رسائل المحبة والتسامح والود والعيش بكرامة في ما بيننا″. وشدد على ″أننا  نفتخر نحن ابناء لبنان باننا صدرنا الى الشرق الأوسط والى العالم هذه الصيغة الفريدة المتنوعة التي نعيشها كعيش مشترك، لن نسمح في لبنان لأي خطاب متطرف، كما وقفنا سدا منيعا في السابق وشجبنا وحاربنا التيارات التكفيرية ونحن سائرون على هذا المنهج، الوسطية والاعتدال″.  

وكان المفتي دريان، رعى في حضور الرئيس نجيب ميقاتي وشقيقه طه، توقيع تقديم هبة من جمعية العزم والسعادة الاجتماعية للمديرية العامة للأوقاف الإسلامية وذلك في حفل أقيم  في دار الفتوى بحضور محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي والوزير السابق وليد الداعوق ورئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف وأعضاء المجلس الشرعي والمجلس الإداري لأوقاف بيروت وعلماء ومسؤولين في جمعية العزم والسعادة ولجنة مسجد الصحابي عبد الرحمن بن عوف ورؤساء جمعيات وروابط وفعاليات إسلامية وشخصيات.

ووقع الاتفاق عن الأوقاف الإسلامية مديرها العام الشيخ محمد أنيس الاروادي، وعن جمعية العزم والسعادة الاجتماعية مديرها العام  رياض علم الدين، وبموجبه قدمت جمعية العزم اسهما في العقار الملاصق لمسجد الصحابي عبد الرحمن بن عوف التابع للأوقاف الإسلامية في منطقة راس النبع لتنفيذ  مشروع توسعة المسجد.

كلمة المفتي دريان

وبعد التوقيع  رحب المفتي دريان  في كلمته بالرئيس نجيب ميقاتي وشقيقه طه وبالحضور، وثمن الخطوة التي قامت بها جمعية العزم والسعادة في تقديم هبة لتوسعة مسجد الصحابي عبدالرحمن بن عوف، وقال: من ساهم في بناء المساجد أو توسعتها فله اجر عظيم وتعتبر صدقة جارية، فهنيئا لمن سعى وبادر الى هذا العمل في فعل الخير وبارك الله بالرئيس نجيب ميقاتي وشقيقه الحبيب طه على كل ما يساهمون به في طاعة الله ورسوله. 

وقال: “في هذا اللقاء الجامع، اللقاء الذي تمت الدعوة اليه من منطلق ايماني، ومن منطلق وطني. قبل قليل تم التوقيع على تنازل وهبة لاسهم يملكها دولة الرئيس نجيب ميقاتي في المبنى الملاصق لجامع عبد الرحمن بن عوف الصحابي الجليل، وذلك لكي تتم التوسعة لهذا المسجد في منطقة عزيزة علينا، منطقة راس النبع. كان دولة الرئيس نجيب ميقاتي حريص كل الحرص على ان تكون هذه الأسهم تتصرف بها كيفما تشاء المديرية العامة للاوقاف الإسلامية، وكان حريصا جدا اثناء حديثي معه عن هذا الامر قائلا لي “لا تحرمني من الاجر في توسعة المسجد الذي أحببت”.

أقول لدولة الرئيس نجيب ميقاتي ولشقيقه طه جزاكم الله خيرا على ما تقدمتم به خدمة لبيت الله، وعلى ما تقومون به أيضا خدمة لبيوت الله في بيروت وفي طرابلس، لا بل في كل لبنان”، هذه العائلة الكريمة الطيبة التي تربت على روح العطاء وروح الايثار وروح التقديم لمجتمعها، لا تميز بين مسلم وغير مسلم، بل تقوم بالعمل الاجتماعي في نطاق إنساني واسع وشامل، والتقديمات التي تقوم بها مؤسسات العزم والسعادة تقديمات يشهد الجميع بانها تقديمات إنسانية بامتياز. هذا المسجد ان شاء الله، مسجد الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف احد العشرة المبشرين بالجنة، سيكون ان شاء الله معلما إسلاميا كبيرا في منطقة نعتز بانها منطقة جامعة للعيش المشترك.

أضاف: ما حدث في نيوزيلاندا، امر فظيع يفوق كل التصورات، عمل إرهابي حاقد ينمّ عن كراهية ليس فقط للمسلمين، بل لكل الأديان، استنكر الجميع ما حصل، ولكننا نحن معنيون بهذا الامر، ومعنيون أيضا بنزع الكراهية والحقد من نفوس اجيالنا، لقد جمعتنا مع شركائنا المسيحيين في هذا الوطن وفي العالم تواريخ فيها صفحات بيضاء مشرقة، وفي هذا التاريخ أيضا بعض صفحات السوداء التي دفعنا جميعا ثمن الحقد والكراهية التي تزرع في نفوس الاتباع، دعونا ننظر الى التاريخ بغير النظرة التي نظر اليها القاتل الإرهابي في نيوزيلاندا، علينا أن نمزق الصفحات السوداء، وعلينا ان نبني على الصفحات البيضاء المشرقة من اجل السلام والمحبة والمودة والانفتاح التي تدعو اليها جميع الأديان. الكراهية والاسلاموفوبيا تنتشر بسرعة في البلاد الغربية، ونحن نقول من خلال لقاءاتنا والتي تمت في الدول الأوروبية واثناء مؤتمراتنا “تعالوا جميعا على اختلاف ادياننا لنتعارف ومن ثم لنتفاهم على طريقة وفقه للعيش المشترك”. لم يعد هناك دول أُحادية الانتماء الديني، هناك تعدد وتنوع في اكثر الدول، ما نريده نحن وما نوصي به المسلمين المتواجدين في هذه الدول “عليكم الحفاظ على انتمائكم الديني في ظل الانفتاح على الاخرين، وفي ظل الاتفاق على طريقة للعيش تحمي الجميع، لا نريد مجتمعات فيها احقاد وفيها كراهية وفيها قتل وفيها اهدار للكرامات الإنسانية. ما حدث هو برسم الجميع، علينا ان نتنبه لما هو قادم، لانه في النهاية ليس فقط الإسلام هو المستهدف او المسلمين هم المستهدفون، المستهدف هو الأديان واتباع الأديان. نحن في لبنان اتفقنا على صيغة للعيش الواحد بين مكونات الشعب اللبناني، ونحن نحافظ على هذه المكونات في اطار الاحترام المتبادل، نحن لا نتدخل في الخصوصيات الدينية للطوائف، وانما الذي يعنينا هو رسائل المحبة والتسامح والود والعيش بكرامة في ما بيننا، نحن نفتخر كلبنانيين اننا صدرنا الى الشرق الأوسط والى العالم هذه الصيغة الفريدة المتنوعة التي نعيشها كعيش مشترك، لن نسمح في لبنان لأي خطاب متطرف، كما وقفنا سدا منيعا في السابق وادنا وشجبنا وحاربنا التيارات التكفيرية ونحن سائرون على هذا المنهج، الوسطية والاعتدال، والقيم الخلقية هي رسالة الأديان جميعا، وهي من صميم رسالتنا الإسلامية، نحن لا نريد إلا ان نتعايش في مجتمعات متعددة ومتنوعة، نحن حملة رسالة، هذه الرسالة هي رسالة الرحمة، ورسالة الاخلاق، ورسالة الكرامة الإنسانية، نريد ان نحياها في مجتمعاتنا المتعددة والمتنوعة، وهذه الرسالة علينا واجب ديني ان نبلغها للعالم اجمع ولكل الناس، ما حدث مؤلم، ونحن ننتظر المنهج الواضح من اجل مكافحة ومحاربة الكراهية بين البشر وبين اتباع الديانات،  لا يمكن لنا الا ان نكون نحن المسلمين الا حملة رسالة سلام ومحبة لكل الناس، وهذا ما أُمرنا به، ان يُقتل الأبرياء الذين يتعبدون الله في يوم هو عيد للمسلمين في مسجدين في نيوزيلاندا هو امر في غاية الخطورة، علينا جميعا ان نتنبه لما يحاك ضد الأديان، وما يحاك ضد المسلمين، علينا جميعا ان نكون بالفعل مؤمنين حقا برسالة ادياننا من اجل كرامة انساننا مهما كان انتماءه الديني. لن اطل في هذا الموضوع، فقد تكلم الجميع فيه، وسنبقى نتكلم فيه حفاظا على الرسالات الدينية المتعددة والمتنوعة في شرقنا الأوسط وفي الدول الغربية، انتم تعلمون ان لدينا مندوبين لدار الفتوى في كثير من الدول الغربية، وصيتي كانت دائما لهم انكم لا تخرجوا عن قوانين هذه الدول، في الدرجة الأولى. الامر الثاني، كونوا حملة رسالة الإسلام الى المجتمعات وشاركوا أيضا في التلاقي مع غيركم، مع غير المسلمين لكي تتفقوا أيضا على فقه للعيش كي نبني جميعا حضارة السلام، ونبني جميعا ونحمي السلم الأهلي في العالم.

علينا ان نهتم بتوعية الساجد حتى يكون مثالا للمواطنة الحقة في بلد فيه 18 طائفة دينية ومذهبية، نحن لن نحيد ابدا عن منهجنا وتوجهاتنا، ونحن دائما لا نقول الا كلمة الحق، وهذه الكلمة كلمة الحق يجب ان يرضى بها الجميع. نأمل جميعا ان نتعدى الازمات التي نعيشها في وطننا لبنان، وهنا انا انوه بالدور الوطني الكبير لدولة الرئيس نجيب ميقاتي في الحفاظ والدعوة الى التمسك بالدستور واتفاق الطائف، الصلاحيات الدستورية معروفة لدى الجميع، ان تمسكنا بها جميعا يمكن ان تكون مؤسسات الدولة هي مؤسسات منتجة لمصلحة البلد ولمصلحة اللبنانيين.دولة الرئيس نجيب ميقاتي، شكرا على الهبة الكريمة، وشكرا على مواقفك الوطنية الكبيرة، ونحن نثمن جدا لقاء رؤساء الوزارة الذين يمثلون صمام الأمان في هذا البلد.

كلمة الرئيس ميقاتي

وقال الرئيس نجيب ميقاتي في كلمته: إن  هذه الدار هي حقا دار جامعة ، جامعة للوجوه الطيبة وللحث على عمل الخير،واضفت اليها اليوم يا صاحب السماحة هذا الكلام الطيب الذي تفضل وقلته .هذا الكلام هو بحد ذاته نهج  وسياسة انفتاح على الجميع يجب ارساؤهما في كل لحظة لكي يعلم الجميع ما نكنه من محبة، بعيدا عن البغضاء والخوف من الآخر. كلامكم هو كلام الانسان الذي   يعرف الدين الاسلامي على حقيقته، وكل من يعرف جيدا هذا الدين لا يكون الا كما تفضلتم وقلتم ،انطلاقا من أسس التقارب والمحبة ونبذ كل ما يؤدي الى التفرقة . لبنان نموذج لا يمكن ان يبنى وان يقوم الا بهذه الرؤية وهذه النفسية الطيبة التي تفضلتم وعبرّتم عنها .

ما حصل في نيوزيلندا أمر مأساوي بكل معنى الكلمة حيث تم استهداف اشخاص كانوا يؤدون صلاة الجمعة بكل نية طيبة وتقرب من الله الواحد. ولا ننسى ايضا انه في كل اسبوع لدينا همّ آخر هو هم  مسجد الأقصى، حيث يمارس العدو الاسرائيلي كل الضغوط على المصلين وعلى أهلنا في فلسطين. ولكن أنا على يقين بان ما تفضلتم وقلتموه  يمكن أن يكون باب الخلاص ورسالة  لكل من يتوهم  افكارا خاطئة عن الاسلام، مؤكدين  ثوابتكم التي تعبر عن صورة الاسلام الحقيقي.

اما في السياسة فأقول: صاحب السماحة ما نقوم به هو دور وطني يجمع  أهل  مجتمعنا بناء لنصائحكم الدائمة وارشاداتكم بأنه يجب أن نكون يدا واحدة في هذا الظرف. وعندما نتمسك نحن بالدستور وبما نتج عن اتفاق الطائف، فليس الأمر لمصلحة طائفة بل لمصلحة الوطن ككل. الدستور لا يجوز أن يطبق انتقائيا، وان يتم انتقاء المواد التي يجب تطبيقها أو عدم تطبيقها، ولا يمكن تنفيذ احكام الدستور بهذه الطريقة، بل يجب تطبيقه كاملا، وهو يحمي الطوائف ويشكل خطوة أكيدة نحو لبنان الحداثة  الذي نتمناه .

اشكركم باسمي واسم اخي طه على هذا الاستقبال، لان جامع الصحابي عبد الرحمن بن عوف، وكان سابقا يعرف باسم جامع الصيداني، يعني لنا الكثير ونحن باذن الله سنبقى على هذا النهج، وكما رممنا جامع عساف قبل سنوات، سنفتتح قريبا قاعة الحاج عزمي ميقاتي في الجامع العمري الكبير والمتحف الاسلامي الذي وعدنا به، وقمنا،بحمد الله، بانشاء جامع العزم  في طرابلس وجامع العزم في القلمون وجامع الظافر في طرابلس. ونحن بصدد القيام باعمال ترميم أساسية لجامع العطار في طرابلس اضافة الى اصلاحات اساسية في عدة مساجد في مدينة طرابلس. كل هذه الامور ستكون ان شاء الله لمزيد من التضامن ولكي يتقن المصلون أن، في سجودهم، تقرّب من الله وليس حقد وبغضاء. ومن خلال التوسعة التي نقوم بها الآن في مسجد عبد الرحمن بن عوف ستكون حتما يدنا ممدودة مع الجميع في سبيل اعلاء كلمة  لا اله الا الله في هذا الوطن.  

وفي الختام قدمت لجنة توسعة مسجد عبد الرحمن بن عون للمفتي دريان وللرئيس ميقاتي ولكاتبة العدل بالتكليف مريم قليلات هدايا  تذكارية عربون محبة وتقدير.

taha mikati 2

Post Author: SafirAlChamal