في شهر تشرين الأوّل المنصرم، كنت أمارس هواية صيد الأسماك قبالة شواطئ طرابلس على متن مركب ″Sea Time″ مع صهري العزيز.
بعد نصف ساعة من عملية الإبحار، وُفّقنا باصطياد سمكة التونا الثمينة (فصيلة الBluefin)، وكان وزنها حوالي الثلاثين كيلوغراماً. هَمَمْنا بإخراجها من الماء، ولكنها قاومت بشراسة وأصدرت صوتاً مرعباً قريباً إلى الصراخ. انتابنا الخوف للحظات ووقعنا في حيرة من أمرنا، ماذا نفعل؟
أشار لي قريبي بإصبعه المرتجف لأنظر إلى ماء البحر وحدث ما لم يكن في الحسبان، إذ انتفضت السمكة وقالت لنا التالي:
″يا شعب لبنان العظيم، يا من يدّعي وراثة الفينيقيين فاتحي البحار، ماذا فعلتم بشاطئكم؟، قتلتم أقربائي من الأسماك وآلافاً من أبناء عشيرتي! أطفالنا تسمّمت بمياهكم الآسنة، قضيتم على سلالات نادرة عاشت في مياهكم لمئات السنين، هناك في القاع أطناناً من نفاياتكم دَفنت معها آلافاً من السلاحف المائية، عارٍ عليكم إلى يوم الدين!.
وقبل أن تلفظ تلك السمكة الثائرة أنفاسها الأخيرة، حمّلتنا الوصية هذه لإيصالها لبني فينيقيا:
″لا تقولوا فقط سبحان الله على حدوث هذه المعجزة، بل استغفروا الله على ما دمّرت أيديكم″.
(د. داني عثمان.. أستاذ وباحث في علوم الخلايا والجينات في كلية العلوم، الجامعة اللبنانية)
مواضيع ذات صلة:
