الزواج المدني … وبعض الخفاء حياء… إيناس كريمة

من يعرف ريّا الحسن يعلم جيدا أن هذه السيدة ترفض أن تترأس منصباً دون أن تترك وراءها بصمة خاصة، وذلك من خلال مثابرتها في مجال عملها والتزامها بقواعد النجاح بحذافيرها، وبمعزل عن الملفات الأمنية الدسمة المحتجزة في جوارير الداخلية والمتوقع معالجتها بجدية تامة والتي يجب ان تكون على سلّم اولويات الوزارة في الحكومة الحالية، يبدو أن الحسن تتجه نحو ابتكار تعديلات في قانون الاحوال الشخصية يقضي بإعطاء الحق للمواطن في اختيار الزواج ضمن إطار ديني أو مدني.

واذ أثار إعلان وزيرة الداخلية ريا الحسن عن نيّتها فتح نقاش حول موضوع ″الزواج المدني″ بشكل جدّي في المستقبل القريب مع جميع المرجعيات الدينية والسياسية وبدعم من رئيس الحكومة سعد الحريري، انتفض جزء من الشارع اللبناني من خلال حملة قادها عدد من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي التي اشتعلت بين معارضة وتأييد وتحريم وتحليل حيث لم يتوانَ البعض عن وصف القرار ″بالتمرّد على الاديان″ واعتباره من قبل آخرين ″نقطة سوداء في تاريخ الحريري السياسي″ لأنه يتعارض مع تعاليم الأديان السماوية ومبادىء الإسلام.

لماذا تبدأ الوزيرة ريا الحسن اولى اصلاحاتها بطرح مناقشة مشروع الزواج المدني؟ في حين أن العديد من الملفات العالقة في وزارة الداخلية تبدو اكثر اهمية لجهة انعكاسها على يوميات المواطن ومستقبله؟.

من المؤكد أن الحسن كانت تدرك سلفاً أن الغوص في هذا الملف، الذي يطرح إشكالية تطبيق الزواج المدني داخل مجتمعات دينية، سيلقى ردود افعال غاضبة، الا أن من يتمعّن جيدا بحديثها حول هذا الموضوع، يستغرب جبهات الحرب المفتوحة، إذ أن الحسن اقترحت فتح باب الحوار والنقاش للبحث عن آلية واضحة ومحددة قد تمكّنها من طرح هذا القانون للتصويت دون استفزاز التزام شريحة من المجتمع اللبناني بأطر المفاهيم الدينية او إحراج مرجعياته الذين أبدوا حوله اعتراضا قاطعاً منذ بداية طرح فكرة اقراره في لبنان.

وإذ تحدثت بعض الاوساط السياسية عن رغبة الرئيس سعد الحريري السير بقانون الزواج المدني، الأمر الذي كان قد عبّر عنه في العام 2013 حيث أكد على رفضه تكفير الناس متمنيا تطبيق هذا القانون في رد على مفتي الجمهورية السابق محمد رشيد قباني الذي اعتبر آنذاك ان كل من يؤيد هذا القانون هو مرتد وخارج عن الاسلام”، الا ان الحريري يبدو اليوم متكئاً اكثر على عمق علاقته الوثيقة بمفتي الجمهورية الحالي الشيخ عبد اللطيف دريان، والتي قد تنزع فتيل الهجوم الشرس على الوزيرة ريا الحسن للمضي بمشروعها الذي يلقى تأييدا من بعض النواب والوزراء والاعلاميين الذين يدعمون هذا القانون بمواجهة عدد من النواب ورجال الدين والمواطنين الذين يعتبرون ان هذا الموضوع هو خط احمر لا يمكن ابدا تخطيه!

يبحث تيار المستقبل اليوم عن التغيير ويسعى لأن يكون عابراً للطوائف بكل المقاييس، وفيما انطلقت الحريرية السياسية من صلب المفهوم الوطني الجامع والهارب من زواريب الطائفية، استطاع وريثها الشرعي الخروج خطوة خطوة من عباءة التيار السنّي المرتبط بهوية الطائفة، رغم تتويجه لنفسه بيّ السنة في مرحلة ما قبل اعلان ولادة الحكومة. فهل يدعم الرئيس سعد الحريري علناً مبادرة الحوار حول امكانية اقرار قانون الزواج المدني؟ ضارباً عرض الحائط بعض الاحتجاجات الشعبية واعتراض رجال الدين؟ مع الاشارة الى أن الزواج المدني الذي يمارسه اللبنانيون خلف ستار قبرص، يلقى قبولا شرط عدم خروجه الى النور في لبنان، وفي بعض الخفاء حياء..

Post Author: SafirAlChamal