قراءة في جلسات الثقة: تقاذف كرة النار.. وجرم الفساد من دون مجرم… مصباح العلي

تُستأنف اليوم جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة ″الى العمل″، في يومها الثالث، حيث استعاد اللبنانيون مشهد المجلس النيابي ملتئما تحت مقصلة منح الحكومة الثقة أو حجبها وذلك بعد غياب طويل، فلم يخلو الامر من مغالاة في الاستعراض فكأن النواب الجدد يختبرون مهاراتهم أمام الرأي العام عبر الامعان في المزايدة بالمواقف الشعبوية، والمغالاة في إرضاء اللبنانيين بالحديث عن الفساد على قاعدة “الاعتراف بوجود الجرم لكن مع تجهيل المجرم” فيما مقصلة الضرائب تنتظر  الشعب اللبناني بلا رحمة ومن الجلسات الاولى لمجلس الوزراء.

الاحتشاد خلف منبر ساحة النجمة واضح، حيث بلغ  عدد طالبي الكلام  أكثر من نصف المجلس، وكأنه محاولة رضائية للقواعد الشعبية على في ظل مرحلة ملتهبة  تنذر بكوارث معيشية قد لا تقل مأساوية عن حادثة  احراق جورج زريق لنفسه،  ولعل اشارة رئيس الحكومة سعد الحريري أثناء تلاوته البيان الوزاري للمركب الواحد و الثقوب في قعره هي خير دليل الى ما ينتظر اللبنانيين من ضرائب ورسوم إضافية ما عاد بمقدورهم تسديدها فيما الفساد يفتك بالإدارة و المؤسسات.   

رغم ذلك، الحكومة الحالية خرجت من رحم المجلس الحالي وهي ترجمة عملية  لتكوين خريطة القوى السياسية في لبنان ومن باب المؤكد بأنها ستنال الثقة  بـ 100 صوت و أكثر، ورغم ذلك لا ضير عند النواب في محاولة الاسترضاء الشعبي ولو اقتضى الامر كسر الصورة النمطية والوصول الى مجلس النواب على متن  دراجة نارية أو حتى هوائية.       

 مداخلة النائب حسن فضل الله  رسمت إطارا واضحا حدد فيه طريقة تعامل كتلته في المرحلة المقبلة كون الحزب معنيا بإنجاح عهد حليفه الاستراتيجي ميشال عون وموسومة الحكومة بكونها حكومة حزب الله، ما يحتم عليه حكما التعامل بشفافية وبحنكة خارج إطار الوعود الجوفاء، حيث تجاوز النائب فضل الله بانتقاداته حالة الفساد التي تضرب الدولة ومؤسساتها  اعتى المعارضين الجدد النائب جميل السيد .

السقف المرتفع للنائب فضل الله مرده لإدراك حزب الله بأنه لا يمكن استمرار الوضع على هذا النحو من الفساد المستشري دون تأمين الخدمات الضرورية و أبسطها الكهرباء التي تعتبر أم المشاكل في لبنان، كما ما عاد يجوز السكوت عن نمط الزبائنية الذي بات يطبع علاقة المواطن بدولته و خلق ممر اجباري عبر احزاب السلطة وإلا حرمانه من ابسط حقوقه المعضلة الاساس التي من دونها سيختل التوازن الاجتماعي وينهار الهيكل فوق رؤوس الجميع.

 الفساد في لبنان اصبح  وحشا متفلتا ينهش لقمة الفقير ووظيفة المحتاج ما يسبب حكما بحالة فلتان شاملة، وعليه و وفق رؤية حزب الله ، من غير المجدي الاستسلام لفكرة  ضخ الامل من باب مؤتمر سيدر طالما أن الدولة تراكم الدين العام الذي بات يتجاوز قدرة لبنان على التسديد .

كرة النار التي تقاذفها الجميع بين بعضهم البعض دون معرفة من هو الطرف السياسي الذي قام بتعيين 5400 موظفا من خارج مجلس الخدمة المدنية نجمة الجلسات الحالية وغطت على ما عداها من قضايا شائكة، فيما تفرد النائب جميل السيد بالإضاءة على جملة ملفات مالية منها الاملاك البحرية وتعويضات الضمان الاجتماعي ما أثار انفعال وزير المال وخروجه من الجلسة، فيما نجحت النائب بولا يعقوبيان بإثارة موضوع مخاطر المحارق كما شبهة الفساد المالي، لولا سقطتها الانتخابية كونها حصرت المسألة في حي في الاشرفية ولولا اصطدامها مع فضل الله، فيما اسفرت معارضة النائب سامي الجميل عن إشتباك  بين النائبين نواف الموسوي ونديم الجميل لم يخلو من الدبابات والصواريخ سرعان ما انتقل الى الشارع.

من البديهي الاستنتاج  بان الاستعراض النيابي بات على مشارف المشهد الاخير قبل تحية الجمهور، حيث من المتوقع  اسدال الستارة لتواجه حكومة العهد الاولى كما هائلا من الازمات ومن الصعب ايجاد حلول فعالة في المدى المنظور فيما الجهود منصبة الان على كيفية تحميل الفئات الفقيرة كلفة فساد الطبقة السياسية والسياسات الخاطئة كما البحث عن مزيد من مكاسب السلطة وسط علاقة تشاركية مستجدة عنوانها حلف المستقبل مع التيار الوطني الحر.   


مواضيع ذات صلة: 

  1. أحداث الجاهلية تسفر عن توازنات.. ولا تفرج عن الحكومة… مصباح العلي

  2. السعودية توقف إيفاد سفيرها الى بيروت!… مصباح العلي

  3. السلطة لم تتعلم من درس ″نقابتي″!… مصباح العلي


 

Post Author: SafirAlChamal