درع ″منتدى الطائف″ للرئيس ميقاتي.. اعتراف بفضله في حماية الاتفاق… غسان ريفي

لم يكن تقديم درع ″منتدى الطائف″ الذي نظمته ″مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة″، بالتعاون مع سفارة المملكة العربية السعودية لمناسبة الذكرى الـ14 لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، الى الرئيس نجيب ميقاتي تكريما عاديا، بل شكل إعترافا واضحا من السعودية التي ترعى الاتفاق، ومن الرئيس سعد الحريري، بفضل الرئيس ميقاتي في حماية الطائف والحفاظ عليه في أحلك الظروف، وفي دعمه لتوجهات الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووقوفه الى جانبه لا سيما في المراحل الصعبة التي واجهها خلال فترة حكمه.

لطالما شكل الرئيس ميقاتي خط الدفاع الأول عن إتفاق الطائف، وعن موقع وهيبة رئاسة الحكومة وصلاحياتها وحضورها، وعن سائر الصلاحيات الأخرى، إيمانا منه بأن ذلك يحقق التوازن السياسي الذي نادى به الطائف، ويؤدي بالتالي الى الاستقرار السياسي والأمني وحتى الاقتصادي في البلاد.

لذلك، فقد شكل إتفاق الطائف خارطة طريق في الحياة السياسية للرئيس ميقاتي الذي يعارض ويوالي ويهادن وينطلق في علاقاته مع الأطراف والتيارات اللبنانية بمقدار إحترامها لهذا الاتفاق والعمل به، فضلا عن إلتزامه الكامل بثوابت وطنية لم يحد عنها، ولم يساوم عليها، ولم يفرط بها من أجل منصب هنا أو تحقيق مصلحة هناك..

كثيرة هي المحطات التي حمى فيها الرئيس ميقاتي لبنان وإتفاق الطائف والسلم الأهلي، ففي عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري شكل ميقاتي سندا وعضدا له، حتى عندما خرج من السلطة مع وصول العماد إميل لحود الى رئاسة الجمهورية وبعد تمديد ولايته وقف الى جانبه ودعم توجهاته، وبعد إستشهاد الحريري حمل ميقاتي كرة النار وشكل سدا منيعا أمام أي إختراق لاتفاق الطائف، ونجح في نقل لبنان الى بر الأمان وفي إعادة تكوين السلطة بانتخابات نيابية لم يترشح لها مع كل فريق حكومته، إعترف العالم بأسره بنزاهتها وبأنها الأكثر ديمقراطية في تاريخ لبنان.

لم يسبق للرئيس ميقاتي أن ترك رئيس حكومة يُستفرد، بغض النظر عن العلاقة السياسية معه، إنطلاقا من سعية الدائم لتأمين مظلة أمان فوق رئاسة الحكومة وفوق إتفاق الطائف، فكان الى جانب الرئيس فؤاد السنيورة في كل المراحل، والى جانب الرئيس سعد الحريري في حكومته الأولى، وعندما شعر بعد إسقاط حكومة الحريري بأن لبنان يتجه إنحدارا نحو الهاوية، وأن الفتنة المذهبية السنية ـ الشيعية إستحكمت به في إنعكاس واضح لأحداث المنطقة، حمل كرة النار مجددا وإبتكر شعار النأي بالنفس وحمى من خلاله لبنان وشعبه، بالرغم من الحرب الشعواء الذي شُنّت على هذا الشعار الذي تحول فيما بعد نهجا ودستورا وحكمة وطنية وأساسا للحكم، وكان ميقاتي وفيا لصديقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري بتمويل المحكمة الدولية مرتين متتاليتين، وأحدث التوازن المطلوب بين الحكم والصلاحيات والحفاظ على طائفته ومواقعها، وبعد تسليمه الأمانة، مارس الدور نفسه الى جانب الرئيس تمام سلام.

بعد إنتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل الرئيس سعد الحريري حكومة الانتخابات، بدأ الرئيس ميقاتي يستشعر خطرا حقيقيا يحيط باتفاق الطائف من خلال محاولة “تيار الرئيس القوي” فرض أعراف جديدة لا تمت الى الدستور بصلة، ومهادنة الرئيس سعد الحريري له، ما دفعه الى تشكيل معارضة هدفها حماية رئاسة الحكومة من أي تطويق أو إضعاف، والتأكيد على أن لا بديل عن إتفاق الطائف الذي ما يزال الصيغة الأمثل للحكم في لبنان، لكن سرعان ما تحولت هذه المعارضة الى مواجهة سياسية مع الحريري إمتدت الى الانتخابات النيابية التي أثبتت أن الناس مع ثوابت ميقاتي ومع وسطيته، حيث نجح بالرغم من كل أنواع الحصار الذي فرض عليه، في الحصول على أعلى رقم في الأصوات التفضيلية السنية في لبنان، وفي تشكيل كتلة نيابية قوامها نصف عدد نواب طرابلس أضيف إليها مؤخرا الوزير عادل أفيوني.

أسدل الستار على الانتخابات، وتكلف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة، فتجاوز ميقاتي كل الخلافات وسمّى الحريري وأعلن دعم مهمته في تشكيل الحكومة تحسبا من أية محاولة إستفراد له، وترجم ذلك بتشكيل شبكة أمان سنية حول الحريري حالت دون إبتزازه أو دفعه لتقديم تنازلات سياسية جديدة، فشعر الأخير أن محصّن برؤساء الحكومات وفي مقدمتهم ميقاتي الذي رفض أن يلعب أي دور من شأنه أن يضعفه أو يهمش دوره، وقد دفع رئيس كتلة الوسط المستقل ثمن ذلك حملات تهديد وتخوين ومحاولات تشويه صورته، لكنه لم يحد عن الثوابت التي رسمها لنفسه، الى أن تشكلت الحكومة وبقي إتفاق الطائف محصنا، لتعود القوى السياسية وتتنافس في تأكيد الحفاظ عليه، في وقت يتطلع فيه ميقاتي الى كيفية تطبيق كامل بنوده في المرحلة المقبلة، خصوصا أن نحو 27 بندا منه لم يطبق حتى الآن.


مواضيع ذات صلة:

  1. ميقاتي يعمّم نهج الوسطية.. ويبني جسور التلاقي بين المناطق… غسان ريفي

  2. بعد ″النأي بالنفس″.. عون يلاقي ميقاتي في رفض الأعراف الجديدة… غسان ريفي

  3. نجيب ميقاتي.. كاسحة ألغام لضمان سلامة البلد… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal