مفاجأة في الضنية.. مياه الينابيع تنفجّر قبل أوانها وتذهب هدراً… عبد الكافي الصمد

على نحو مفاجىء وغير مسبوق، ولم يعهده أهالي الضنية من قبل، تفجّرت مياه الينابيع في الضنية، وتدفقت المياه بغزارة من مصادر الينابيع الرئيسية والفرعية في المنطقة، وعلى وجه التحديد ينابيع جرود الضنية ومن أبرزها نبع السكر، وينابيع وسط الضنية ومن أبرزها: القسام وسير والزحلان، ما جعل مجاري الأنهر تشهد إرتفاعاً كبيراً وملحوظاً في منسوبها، وهو ما كان لافتاً في نهر البارد الذي تصبّ أغلب ينابيع مياه الضنية في مجراه، وجعل كمية المياه التي تختزن في سد مياهه الكائن في منطقة عيون السمك ترتفع وتفيض فوق الجدار الباطوني للسد، تعبيراً عن عدم قدرته على استيعاب كميات المياه التي تدفقت نحوه.

فقد اعتاد أهالي الضنية أن يبدأ تفجّر مياه الينابيع في منطقتهم خلال فصل الربيع، وتحديداً بين نهاية شهر آذار ومطلع شهر نيسان من كل عام، إلى حدّ أن بعضهم كان يربط تفجّر مياه الينابيع وخروجها من مصادرها وخزانات المياه الجوفية بظهور أزهار شجر الرمان الذي يوافق عادة مطلع شهر نيسان من كل عام.

لكن تفجّر مياه الينابيع في المنطقة باكراً، دفع الأهالي إلى طرح الأسئلة حول أسبابه، وهل أن هناك تغيراً مناخياً طرأ يستدعي منهم الإنتباه إليه، واتخاذ الإحتياطات اللازمة له، وأن تداعيات عديدة ستكون له خلال فصل الصيف المقبل؟

تحليلات عدّة قدّمها خبراء ومهندسون وناشطون وكبار في السنّ لهذه الظاهرة، وهم ردّوها إلى سبببن رئيسين، هما: أولاً الإرتفاع الملحوظ الذي شهدته درجات الحرارة في الأيام القليلة الماضية، والذي أدّى الى ذوبان الثلوج وتسرّبها إلى مصادر الينابيع وخزّانات المياه الجوفية؛ وثانياً الأمطار الغزيرة التي هطلت في الضنية هذا العام، والتي فاقت ما هطل العام الماضي وفاقت أيضا المعدل العام، ما جعل فوهات الجبال وأحواض المياه الجوفية غير قادرة على استيعاب المزيد منها، فكان تفجّرها وخروجها من مصادرها بغزارة في غير أوانها المعتاد.

هذا التفجّر لمياه الينابيع الذي جاء قبل أوانه، دفع كثيرين إلى التوجّس وإبداء القلق، خوفاً من أن يكون ذلك مقدمة لأن يشهد فصل الصيف المقبل فترة جفاف، لأن ذوبان الثلوج قبل أوانها الطبيعي، وانحسار رقعة الجنرال الأبيض التي كانت تغطي الجبال والمرتفعات، وهو مشهد غير مألوف في شهر شباط حيث كان الثلج الذي يغطي القرنة السوداء (أعلى قمة في لبنان والشرق الأوسط 3088 مترا فوق سطح البحر) “يشوف أخوه من سنة إلى سنة”، كما يقول معمّرون، ما يعني أن خزانات وأحواض المياه الجوفية ستشهد نقصاً في نزول مياه الثلوج التي تذوب نحوها، وسيبدأ موسم الشحّ باكراً وليس في منتصف شهر آب كما جرت العادة، لأنه كلما تأخّر ذوبان الثلوج كلما كان ذلك جيداً ومفيداً أكثر لجهة إستمرار تدفق مياه الثلوج نحو مصادر الينابيع بشكل طبيعي.

ما حصل من متغيرات طبيعية شكّل جرس إنذار بأن أزمة جفاف سوف يعانيها أهالي الضنية في فصل الصيف المقبل، سواء على صعيد أزمة مياه الشرب أو مياه الري، وسيؤثر ذلك سلباً على قطاع الزراعة الذي ازدادت معاناته في السنوات الأخيرة وشهد تراجعاً ملحوظاً، نتيجة تلوث مياه الريّ من جهة، وعدم وجود سدود وبرك مياه تستغل كميات الأمطار الكبيرة التي تذهب هدراً، بينما تعاني الأراضي الزراعية من جفاف ويباس وتقلص مساحاتها وهجرة الأهالي لأراضيهم التي عمّرها آباؤهم وأجدادهم منذ مئات السنين، وهو أمر يوضع برسم وزارة الطاقة والمياه، المطالبة بأن تلتفت للمنطقة وأن تقيم سدود مياه وبرك، لتستغل هذه الثروة المائية الكبيرة في الضنية، وتعتبر الأكبر في لبنان، إنما شرط أن لا يكون أي سدّ أو مشروع مائي مقبل على شاكلة سدّ بريصا الذي كلف خزينة الدولة أكثر من 20 مليون دولار، على أمل أن يتسع لنحو مليوني متر مكعب من المياه، ثم تبين أنه عبارة عن برميل مثقوب، وأن تربته غير صالحة لتخزين المياه!.

kassem lake


مواضيع ذات صلة:

  1. نورما تنحسر عن الضنية تاركة وراءها أضراراً كبيرة… عبد الكافي الصمد

  2. نورما ضيفاً ثقيلاً في الضنّية: أضرار ومحتجزين وكهرباء مقطوعة… عبد الكافي الصمد

  3. الجنرال الأبيض يُغطي الضنّية: إنقطاع كهرباء وإغلاق مدارس وجلسات سمر… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal