مثلث سياسي يقبض على السلطة… غسان ريفي

بعد إخماد نيران الخلافات التي إشتعلت إثر تشكيل الحكومة، بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبين الرئيس سعد الحريري، وتُرجمت بشكل حاد على تويتر قبل أن يلعب الرئيس نبيه بري دور الاطفائي بينهما، وأيضا بين وزراء اللقاء الديمقراطي وبين الوزير جبران باسيل، إحتجاجا على ″الطرطقة والحرتقة″، ورفضا لـ″الدلال السياسي الذي يمارسه الأخير على الدولة″، عادت الأمور الى نصابها وإجتمع مجلس الوزراء أمس وأقرّ البيان الوزاري الذي ستعرضه الحكومة على مجلس النواب مطلع الاسبوع المقبل لنيل الثقة على أساسه والانطلاق في العمل.

بغض النظر عن الحصص وموازين القوى داخل مجلس الوزراء، من الواضح أن ثمة أكثرية سياسية فيه منسجمة ومتناغمة، باتت قادرة على قيادة دفة الحكم وإتخاذ القرارات وهي تصر على الانطلاق بالعمل الحكومي بشكل سريع، متحصنة بالتنوع طائفيا ومذهبيا ما يجعل قراراتها وتوجهاتها ميثاقية، الأمر الذي قد يثير حفيظة تيارات سياسية أخرى بدأت تشعر بأنها غير قادرة على التأثير في القرارات الحكومية وأن إعتراضاتها هي لتسجيل الموقف فقط لا غير.

لم يعد خافيا على أحد أن الرئيس سعد الحريري، وحزب الله وحلفاءه، والتيار الوطني الحر هم أكثر الرابحين في تشكيل الحكومة، وهم اليوم يترجمون هذا الربح فعليا، بتشكيل ″لوبي″ وزاري قادر على التحكم بمفاصل العمل الحكومي والقرارات التي ستتخذ على كل صعيد، مع تأمين الميثاقية كون هذا ″اللوبي″ يضم وزراء سنة وشيعة ومسيحيين إضافة الى الوزير الدرزي المحسوب على قوى 8 آذار، ما يعني أن هذا المثلث السياسي سيحكم قبضته على السلطة من دون أن يتمكن أي طرف آخر مشارك في الحكومة من الوقوف بوجهه أو الاعتراض على قراراته، على أن يلعب الرئيس نبيه بري دورا توفيقيا كونه شريك حزب الله ضمن الثنائي الشيعي، وكونه المؤتمن على التوازنات التي من شأنها أن تشكل الضمانة لعمل حكومي خال من الألغام.

النموذج الأول لقبض هذا المثلث على السلطة، كان في إجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري حيث إعترضت القوات اللبنانية على بند المقاومة، وطالبت بتضمين البيان ″إطلاق يد الدولة في إتخاذ القرارات الاستراتيجية”، وقد تجدد الاعتراض من وزراء القوات مجتمعين في مجلس الوزراء، فتم تسجيله في المحضر من دون الأخذ به،  الامر الذي أثار حفيظة القوات وحلفائها خارج الحكومة، لكن ذلك لم يبدل شيئا، حيث تم إقرار البيان الوزاري تمهيدا لمناقشته في مجلس النواب.″

يشير مطلعون الى أن الحكومة لم تكن لتتشكل لولا التنسيق التام والتوافق الكامل بين الرئيس الحريري والوزير باسيل الذي أعاد بدوره إضاءة شعلة تفاهم مار مخايل في ذكراه الـ 13 قبل يومين، في وقت يبدو فيه حزب الله مرتاح لآداء الحريري ومستمر في دعم مهمته، وهو يتطلع الى مزيد من التعاون معه على غرار الحكومة السابقة حيث تمسك الحزب الى أبعد الحدود بعودة الرئيس الحريري من السعودية، وطي صفحة إستقالته، وهو اليوم يكمل هذا التعاون في ظل الهدنة التي يلتزم بها الطرفان.

ويقول هؤلاء: ربما يساعد هذا التعاون على مزيد من التضامن الحكومي، لكن ذلك لن يروق لبعض التيارات السياسية وخصوصا الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية اللذين قد يتجهان الى المعارضة من الداخل، إلا في حال نجح الرئيس بري في تقريب وجهات النظر بين جنبلاط والمثلث السياسي باعطائه ضمانات وتطمينات، عندها ستجد نفسها القوات اللبنانية مستفردة ووحيدة على طاولة مجلس الوزراء.


مواضيع ذات صلة:

  1. سفير الشمال.. تنشر البنود الرئيسية لـ″البيان الوزاري″ الذي تناقشه الحكومة اليوم… غسان ريفي

  2. مكونات الحكومة تضع يدها على ″الزناد″.. كيف يمكن الحد من الاشتباكات؟… غسان ريفي

  3. باسيل يُجبر وزراءه على توقيع استقالة مسبقة: ما هو موقف الرؤساء والمجلس؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal