مكونات الحكومة تضع يدها على ″الزناد″.. كيف يمكن الحد من الاشتباكات؟… غسان ريفي

لم تكد الحكومة الجديدة تبصر النور بعد تسعة أشهر من الانتظار، حتى رُفعت فيها المتاريس وإشتعلت الجبهات بقصف سياسي من العيار الثقيل، لا سيما من ″مدفعية″ زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باتجاه الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل اللذين لم يوفرا جنبلاط من الرد العنيف وبالعيار نفسه.

هذا الواقع يؤكد بما لا يقبل الشك، بأن طريق حكومة العهد الأولى لن تكون مفروشة بالورود، خصوصا أن كل الأطراف السياسية سوف تدخل الى مجلس الوزراء ويدها على الزناد، ما قد يؤسس الى إشتباكات سياسية سيكون لها تداعيات خطيرة، كيف لا والخلافات والتجاذبات إنطلقت بمجرد إعلان التشكيلة الحكومية، تارة إحتجاجا على شكل، وتارة أخرى رفضا لمضمون، فكيف ستكون عليه الحكومة عندما تنال ثقة مجلس النواب، وتغوص في مشاكل اللبنانيين، وتبدأ باتخاذ القرارات وإصدار التعيينات الادارية، وإقرار المشاريع، والتصويت على الاصلاحات المطلوبة.

تشير المعطيات الى أن مجلس الوزراء سيكون للمرة الأولى منذ العام 2005، أمام تحالفات جديدة، وذلك بفعل التموضع السياسي الجديد للرئيس سعد الحريري الى جانب الوزير جبران باسيل والتنسيق المتنامي بينهما الى حدود التماهي لا سيما بعد لقاء باريس الذي أسس لولادة الحكومة، وكان حلفاء الحريري المفترضين بعيدين عن أجوائه تماما، الأمر الذي أزعج زعيم الاشتراكي وليد جنبلاط فوجد نفسه أمام تشكيلة حكومية تحاصره، من وزير شؤون النازحين الدرزي المقرب الى المير طلال أرسلان والمحسوب على النظام السوري، الى وزير المهجرين المحسوب على التيار الوطني الحر الساعي الى تحقيق إختراقات متقدمة في الجبل من خلال أرسلان ووئام وهاب بهدف تطويق جنبلاط وإضعافه أو إستفراده في الانتخابات النيابية المقبلة، في وقت لم يسع فيه الحريري الى حماية حليفه الاستراتيجي وشريكه في قوى 14 تجاه التطويق الذي يتعرض له، لا بل كان يحاول دفعه الى مزيد من التنازلات بالتخلي عن وزارة الصناعة لمصلحة التيار الوطني الحر.

كذلك فإن ما يحصل يغضب القوات اللبنانية التي تعتبر أن الحريري وقف متفرجا على محاولات الوزير جبران باسيل إضعافها وإحراجها لاخراجها من الحكومة ودفعها الى المعارضة، ما جعلها تقبل بأقل الممكن من الحصة الحكومية، وصولا في نهاية المطاف الى إضطرارها للتخلي عن وزارة الثقافة وإستبدالها بوزارة دولة لشؤون التنمية الادارية بعدما أمضت أشهرا عدة تعكف على دراسة ملفات هذه الوزارة لتقديم أفضل آداء فيها.

لا شك في أن ″المصيبة″ قد تجمع جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في حلف معارض من داخل الحكومة، وهو سيكون مزعجا جدا لتحالف الحريري ـ باسيل، علما أن الرسالة تقرأ من عنوانها، وقد جاء العنوان متفجرا بمجرد تشكيل الحكومة، وقد يشتد عود هذا الحلف في حال وجد غطاء إقليميا ودوليا، لا سيما في ظل الحديث المتنامي عن عين حمراء خليجية تجاه الحكومة ورئيسها، عبر عنه موقع ″إيلاف″ نقلا عن مسؤول خليجي إنتقد الحريري بشدة، فضلا عن معلومات حول عدم رضى أميركي على تنامي حضور حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاء سوريا في الحكومة.

أما اللافت، فهو ما نقل عن مصادر الرئيس نبيه بري بأنه يشعر ان ″ثمّة من يسعى لتطويق جنبلاط سياسيا وشعبيا، وأنه مستعد للعب دور مانع لتطويق جنبلاط″، وقد جاء إستقبال جنبلاط أمس لعضوي كتلة التنمية والتحرير أنور الخليل وياسين جابر في دارته في كليمنصو ليترجم شعور الرئيس بري، ويعطي جنبلاط مزيدا من الدعم في المواجهة والمعارضة.

كل ذلك يؤكد أنه في حال إستمر الوضع على ما هو عليه من التأزيم السياسي ورفع المتاريس وإنقسام مجلس الوزراء بين موالاة ومعارضة، فإن الحكومة ستكون برمتها معرضة للانفجار في كل جلسة تعقدها، أما إذا نجحت الاتصالات التي بدأت على أكثر من صعيد في التخفيف من فوقية وعنجهية البعض، وتدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر والتوافق على قواسم مشتركة تحت سقف إتفاق الطائف، فإن الاحتقان قد يتراجع ويفسح المجال أمام الحكومة للعمل والانتاج وإستعادة ثقة اللبنانيين..


مواضيع ذات صلة:

  1. باسيل يُجبر وزراءه على توقيع استقالة مسبقة: ما هو موقف الرؤساء والمجلس؟… غسان ريفي

  2.  بعد خسارتها الحكومية.. القوات اللبنانية أمام حرب وجود… غسان ريفي

  3.  أزمات عصية على الحل على طاولة الحكومة الجديدة!… غسان ريفي


Post Author: SafirAlChamal