فيصل طالب يوقع جديده ″القلق في شعر بدر شاكر السياب″ في مركز الصفدي الثقافي

بدعوة من اتحاد الكتّاب اللبنانيين ومركز الصفدي الثقافي ودار نلسن، وقّع المدير العام السابق لوزارة الثقافة فيصل طالب كتابه الجديد ″القلق في شعر بدر شاكر السياب″، إثر ندوة أقيمت حوله أدارها الكاتب ميشال معيكي، وانتدى لها الدكتور وجيه فانوس الأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين، والدكتور هاشم الأيوبي عميد كلية الآداب في جامعة الجنان، والشاعرة والروائية والناقدة الأدبية الدكتورة مها خير بك، بحضور حشد من الشخصيات السياسية والأكاديمية والأدبية والثقافية والاجتماعية تقدّمهم الوزير الشاعر رشيد درباس، والوزير محمد الصفدي ممثّلاً بالدكتور مصطفى الحلوة، والوزير محمد كبارة ممثّلاً بالسيد سامي رضا، اللواء أشرف ريفي ممثَّلًا بالسيد خالد عيط، ونقيب المحامين في الشمال محمد المراد، والمدير العام للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الأسبق خضر طالب، ونائب رئيس المجلس الوطني للإعلام ابراهيم عوض، ومديرة الفرع الثالث في كلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتورة جاكلين أيوب،ورئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي، والرئيسة السابقة للجنة الوطنية للأونيسكو الدكتورة زهيدة درويش جبور، ورئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد،ورئيس بلدية بخعون زياد جمال، ورئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية طه ناجي، ورئيس نقابة موظفي وعمال مصلحة المياه في الشمال كمال مولود، ورئيس رابطة الجامعيين في الشمال غسان حسامي…

بعد النشيد الوطني وكلمة ترحيبية من مديرة مركز الصفدي الثقافي السيدة نادين العلي، استهل الأستاذ معيكي الندوة بمداخلة تمهيدية بدأها بالقول إننا أمام بحث متعمّق أضاء على بدر الإنسان في تكوينه النفساني/ العاطفي/ الوجودي، وانتظامه مناضلاً من أجل قمحة الحياة وكرامة الفرد والمجتمع وحقوق الطبقات المسحوقة، واستذكر فترة مجيء السياب الى لبنان، واحتضانه من قبل مجلة شعر وخميس″ يوسف الخال، وفؤاد رفقة والماغوط وأبي شقرا وأنسي الحاج وأدونيس، حيث كانت بيروت منصة لانطلاق الحداثة الشعرية في العالم العربي.

ثمّ تحدثت الدكتورة مها خير بك عن الكتاب ومؤلّفه، فأشارت إلى أنّ فيصل طالب امتلك أدوات نقدية خصّبها بفعل إبداعي خاص أنتج تفاعلهما قراءة معمّقة للقلق في شعر السيّاب أثبتت فرضية الخصوصية والتمايز.

لقد ذهب الكاتب إلى أن تكرار حالات الخطر التي تعرّض لها الشاعر كانت توقظ في نفسه قلقاً هاجعاً “بالقوة”، فتحيله في لحظات الاستشعار المتدفق بالاضطراب والتأزّم إلى قلق بالفعل ، وأنّ شعور السياب بالقلق تحوّل من الذاتية إلى الإنسانية الكونية، من خلال النزعة التي تبحث عن خلاص أرضي له طابع الكليّة والشمولية. وخاطبت الدكتورة خير بك الكاتب قائلة : أنت مبدع يا أستاذ فيصل لأنه لا يقرأ فكر المبدعين إلّا المبدعون، فمبارك لك هذا المولود الجديد الذي يستحق الحياة والاعتزاز بوالد كان له ولمّا يزل الدور الفاعل في فضاء الفكر الحر والثقافة الأصيلة .

ونوّه الدكتور أيوبي بفيصل طالب الذي أعطى وهو في مسؤولية الإدارة من شغفه بالثقافة زخماً قويّاً لمسار الوزارة في الارتقاء، ولم يغادره هذا الشغف بعد تحرّره من الإطار الوظيفي، معتبراً أنه “ينتمي إلى جيلنا وإن كان أكثر شباباً” مستذكراً الأجواء العامة في مرحلة أواخر الستينيات وهزيمة حزيران وموت عبدالناصر…، حيث حلّ القلق على جيل ذاك الزمان المتفاعل مع ما يجري حوله من مسببات لقلق وجودي. وتابع يقول إن المؤلف يدرك العلاقة بين القلق والشعرية، وإن لم يجعل من ذلك محوراً مستقلّاً، على قاعدة أن الاسترخاء لا يولّد شعراً والنفس المحايدة لا تبعث بالشرر في القصيدة، وهو لم يترك حالة من حالات القلق في شعر السياب إلّا وسجّلها، وما أكثر هذه الحالات وما أكثر مستوياتها. وتمنّى الأيوبي لو أن الكاتب توسّع في الإضاءة على لغة القلق في شعر السياب، مقترحاً أن يكون ذلك في كتاب جديد.

ورأى الدكتور وجيه فانوس أن فيصل طالب يرى في قلق السياب ما يمكن أن يذكّر المرء بمأساة سيزيف، في حمله الصخرة ومحاولاته الدائبة الصعود بها الى القمة، وأن الكاتب اعتمد في بحثه على منهج مركّب يقوم على عدة مناهج: النفسي والاجتماعي والجمالي، فضلاً عن البعد الذاتي في تفاعله مع السياب وشعره. لقد توصل الكاتب إلى أن الرومانسية التقليدية(الخيالية) لم تشكّل مفتاح الحل للقلق السيابي، بل الرومانسية الثائرة التي تجلّت في كون الثورة السيابية ثورة رد فعل وثورة رأي ورؤية، وأن الإحباط الذي وقع فيه الشاعر المنبثق عن واقع لا يمكن تغييره أوصل السياب الى اعتماد الأسطورة والرمز فِعلَيْ تعويض وثورة ، وتمنّى فانوس لو أن الكاتب حوّل جنين العمل إلى عدّة توجّهات ، خصّ كل منها بكتاب، وهوقادر على ذلك بالاستناد إلى عراقته الأكاديمية وغنى تجربته الثقافية.

وأخيراً ألقى صاحب الكتاب فيصل طالب كلمة قال فيها إنه على الرغم من أنّ الشعراء لم يفلتوا من براثن القلق، على قاعدة أن المعاناة أصل لكل إبداع، فإنّ للقلق السيابي سمة لا تشبه أيّاً من سمات القلق لدى كل شعراء الأرض، لأن عوامل القلق التي تجمّعت في نفس الشاعر ،من شخصية وعائلية واجتماعية واقتصادية وصحية وسياسية، ليس لها مثيل، وأن أزمة الشاعر كانت جزءاً من الأزمة العامة في بلاده والمنطقة. لقد كانت قصائد السياب مرآة لتجارب وجودية مبكرة في الأدب العربي الحديث، وإن لم يكن قلقه فلسفياً وجودياً يستند إلى مرتكزات فكرية واضحة. إن شعرية القلق هذه هي النذير العاطفي والتمثّل الحقيقي لرهاب المتاهات وعصف التحوّلات التي اجتاحت الشاعر في سعيه إلى الحضور الحي. وانتهى الكاتب إلى الربط بين زمان الشاعر والزمن الحاضر متسائلاً: تُرى هل اختلف زمان السياب عن زماننا، فغادرتنا أسباب القلق واقتربنا من آخر النفق، أم أننا ما نزال على حافة الهاوية نصدح من حنجرة مسكونة بالاحتضار، أو نقف على حدود النبض نرسم بكائيات الوجع المنتحب على الجدران المتهالكة لمدن الملح من المحيط إلى الخليج، نحن الطاعنون بالقلق منذ صرخات الولادة؟!..

faysal taleb 2

2 (8)

Post Author: SafirAlChamal