بعد خسارتها الحكومية.. القوات اللبنانية أمام حرب وجود… غسان ريفي

لا يختلف إثنان على أن حزب ″القوات اللبنانية″ هو أكبر الخاسرين بين التيارات السياسية في التشكيلة الحكومية الجديدة، ولو حاول بعض المقربين تغليف هذه الخسارة بالحديث عن ″التنازلات التي أنقذت الوطن وساهمت بأن تبصر الحكومة النور″، وذلك بعد التخلي في اللحظات الأخيرة عن حقيبة الثقافة وإستبدالها بوزارة دولة لشؤون التنمية الادارية.

فارق كبير بين الحكومة الماضية وحكومة اليوم بالنسبة لحزب القوات، فشريك التيار الوطني الحر في تفاهم معراب، حصل في حكومة ما قبل الانتخابات على خمسة مقاعد أي أكثر من نصف عدد ممثليه في البرلمان البالغين حينها ثمانية نواب، حيث شغل غسان حاصباني منصب نائب رئيس مجلس الوزراء مع حقيبة خدماتية أساسية هي الصحة العامة، وشغل بيار بوعاصي حقيبة خدماتية هي الشؤون الاجتماعية، وملحم رياشي وزارة الاعلام، وميشال فرعون وزير دولة لشؤون التخطيط.

أما في الحكومة الجديدة فإن حصة حزب القوات لم تتعد ربع عدد ممثليه في البرلمان وهو 15 نائبا، حيث حصل على أربعة مقاعد بحقيبة خدماتية واحدة وحقيبة ثانوية، فحصل غسان حاصباني على منصب نائب رئيس الحكومة من دون حقيبة، وبيار قيومجيان على حقيبة الشؤون الاجتماعية، كميل أبو سليمان على حقيبة العمل، ومي شدياق على وزارة دولة لشؤون التنمية الادارية، علما أن عدد نواب حزب القوات بعد الانتخابات النيابية الأخيرة أصبح ضعف عدد النواب سابقا، لكن المناصب الوزارية التي حصل عليها تراجعت بشكل كبير لدرجة أنه لم تنجح قيادته حتى في التمسك بوزارة الثقافة.

كثيرة هي التبريرات التي قدمها الدكتور سمير جعجع من أجل حفظ ماء الوجه، لجهة إعلانه القبول بالتنازل شرط أن تتشكل الحكومة فورا، وأن القوات كانت وما تزال تتنازل لمصلحة الوطن، وتقدم من نفسها وصولا الى الشهادة وغيرها الكثير من الشعارات التي لم يستطع جعجع أن يغطي فيها على حجم الخسارة التي دفعته في نهاية كلمته الى أن يعبر عن غضبه بتكرار عبارة: أنه لا يوجد حقائب حقيرة بل هناك أناس حقيرون داعيا الصحافيين الى أن يشغلوا مخيلاتهم لمعرفة من هو المقصود بهذه العبارة.

لا يختلف إثنان على أن حزب القوات كان أحد أبرز المساهمين في وصول العماد ميشال عون الى سدة رئاسة الجمهورية، وذلك من خلال تفاهم معراب الذي كان يتطلع إليه على أنه إنتصار سيفتح أمامه باب المناصب والمكاسب التي سيتقاسمها مع التيار الوطني الحر بحسب ما تضمنته ورقة التفاهم، لكن الرياح العونية جرت بعكس ما إشتهت السفن القواتية، فبدأت حرب الطموحات الرئاسية، وعادت معارك الالغاء لتطل برأسها من جديد، لدرجة أن باسيل ما يزال يعتبر حتى الآن وبالرغم من تراجع الحصة الوزارية القواتية الى أقصى الحدود بأن القواتيين حصلوا على أكثر من حجمهم، وهو الذي كان يسعى الى إحراج القوات تمهيدا لاخراجها من المعادلة الحكومية ودفعها نحو المعارضة، وهو أمر تلقفه جعجع قبل ساعات من تشكيل الحكومة، حيث وافق مرغما على التنازل عن حقيبة الثقافة وإستبدالها بالتنمية الادارية، لكي لا يفتح المجال أمام أي كان لاستبعاده عن التشكيلة الحكومة ولكي لا يتحول الى حزب كتائب جديد تتآكله الخلافات الداخلية بعيدا عن السلطة.

في الخلاصة، هي حكومة الخسارة بالنسبة للقوات اللبنانية، أمام خصم يتمسك شكلا بتفاهم معراب، ويمارس في المضمون شتى أنواع الاضعاف الى حدود الالغاء، ومع حليف (الرئيس سعد الحريري) لم يعد بمقدوره الدفاع عن حلفائه، ما يجعل القوات أمام معركة وجود في المرحلة المقبلة، سيكون لها كثير من التداعيات على الساحة السياسية، وداخل مجلس الوزراء.


مواضيع ذات صلة:

  1. أزمات عصية على الحل على طاولة الحكومة الجديدة!… غسان ريفي

  2. وُلدت الحكومة.. لكن الخوف من التشوّهات… غسان ريفي

  3. بين القوات والتيار.. ″أوعا خيّك″.. يا أخو…… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal