أزمات عصية على الحل على طاولة الحكومة الجديدة!… غسان ريفي

راحت سكرة ولادة الحكومة، وجاءت الفكرة، من صياغة البيان الوزاري والاستعانة بمفردات اللغة العربية لتمرير العبارات المختلف عليها بما يتعلق بالمقاومة وسلاحها، الى جلسة الثقة، وما بعد ذلك من أزمات وتحديات ومسؤوليات كبيرة ستواجه الحكومة التي جاءت متأخرة تسعة أشهر وعليها أن تعمل “أوفر تايم” أقله على مدار سنة كاملة لتعويض اللبنانيين ما فاتهم خلال فترة الفراغ الحكومي.

كثيرة هي التحديات التي ستواجه الحكومة، وهذا أمر لم يعد خافيا على أحد، وهي لا تقتصر على الوضع المعيشي أو مواجهة الفساد ومتابعة تنفيذ المشاريع وكل ما يتعلق بتفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، وإنما هي تحديات ذات أبعاد دولية وإقليمية ولها تداعيات كبيرة جدا على المستوى الداخلي، ومن أبرزها:

أولا: إستكمال تنفيذ إتفاق الطائف، ووضع حد لشهوة البعض في خلق أعراف جديدة لتحل مكان نصوص الدستور وهذا ما ظهر طيلة الفترة الماضية، وعبّر عنه أحد نواب التيار الوطني الحر الذي قال خلال الحملة الانتخابية: “لقد إستطعنا تعديل الطائف بالممارسة ما لم نستطع تعديله بالنصوص وهذه من مزايا الرئيس القوي”، كل ذلك يشير الى رغبة لدى بعض الأطراف في تعديل هذا الاتفاق الذي ما يزال كثيرون يرونه أنه الصيغة الأفضل والأنسب والأنظم للبنان، ومن المفترض أن يصار الى إستكمال تطبيقه، خصوصا أن 27 مادة فيه ما تزال معطلة.

ثانيا: تحريك العجلة الاقتصادية، والعمل على زيادة النمو، وتفعيل السياسات المالية والنقدية ومعالجة العجز في الموازنة بين النفقات والواردات، لكي يتمكن لبنان من الايفاء بالتزاماته، ومن وضع حد لحالة الانكماش التي تهدد المنظومة الاقتصادية برمتها، فضلا عن محاربة الفساد والتوقف عن حشو الادارات بالمحاسيب والأزلام ووقف الهدر المتعدد الأوجه، يضاف الى ذلك الاصلاح الاداري والعمل على إعادة تنظيم الهيكلية الادارية لكل الوزارات والمؤسسات في الدولة لوضع حد للفوضى غير المسبوقة التي تجتاحها.

ثالثا: الوضع في الجنوب وترسيم الحدود مع إسرائيل سواء عند الخط البري أو عند الخط البحري، إضافة الى الخروقات والتهديدات الاسرائيلية اليومية والمتنامية والتسريبات حول نية العدو الصهيوني بشن عدوان على لبنان، وما أشيع مؤخرا بأن فرنسا تدخلت لدى العدو لتأجيل أي إعتداء على لبنان الى حين تشكيل الحكومة.

رابعا: العلاقة مع سوريا، لا سيما بعد الانفتاح العربي عليها والسعي لاعادتها الى حضن الجامعة العربية، مقابل الاستمرار في رفع السقوف في مواقف بعض الأطراف اللبنانية، في وقت يشدد فيه كثيرون على ضرورة الاعتراف بالجغرافيا السياسية القائمة، وبالمنفذ البري الوحيد للبنان على العالم، وفي خرق هذا الجدار وبناء الجسور خصوصا في قضية النازحين والتوافق على آلية لعودتهم، فضلا عن تمرير البضائع اللبنانية من خلال معبر نصيب، وتمهيد الطريق أمام الشركات اللبنانية الراغبة بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا، وفي هذا الاطار تشير المعلومات الى أن التحضيرات جارية لقيام وزير الخارجية جبران باسيل بزيارة الى سوريا، وربما يمهد ذلك لقيام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بزيارة مماثلة ولقاء نظيره السوري بشار الأسد، فكيف سيكون موقف رئيس الحكومة سعد الحريري؟، وكيف سينعكس ذلك على مجلس الوزراء؟، وكيف سيتعاطى مع هذا الحدث ومع عودة سوريا الى الجامعة العربية؟.

خامسا: الاستراتيجية الدفاعية التي باتت مطلوبة دوليا وإقليميا، وصعوبة الوصول الى صيغة توافقية حيالها في ظل إقتناع البعض بأن حزب الله بات يتحكم بكل مفاصل الحكومة والدولة، وفي ظل تعاطي أطراف أخرى بمنطق النصر مقابل هزيمة الخصوم.

هذه التحديات اليوم هي أشبه بأزمات عصية على الحل تحتاج الى كثير من الوعي والى الحكمة السياسية والتعاون بين كل مكونات الحكومة للوصول الى القواسم المشتركة التي ترضي الجميع، أما في حال إستمر منطق الجزر السياسية ضمن الحكومة، ومحاولة كل طرف تسجيل النقاط على الآخر والتعاطي معه على طاولة مجلس الوزراء بمنطق الخصومة أو العداوة السياسية، عندها ستكون المخاطر كبيرة جدا.


مواضيع ذات صلة: 

  1. وُلدت الحكومة.. لكن الخوف من التشوّهات… غسان ريفي

  2. مصطفى علوش يدفع ثمن وفائه للحريري.. هل يغادر ″المستقبل″؟… غسان ريفي

  3. فشة خلق عونية بالرئيس بري.. من خلال أنور الخليل؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal