تشكيل الحكومة.. أشبه بلعبة 3 ورقات… غسان ريفي

لن يصدق اللبنانيون أن حكومتهم قد تشكلت، إلا عندما يصار الى توزيع صورتها التذكارية مع رئيس الجمهورية على وسائل الاعلام، وما دون ذلك، فإن كل التفاؤل الذي يحرص البعض على إشاعته بقرب الولادة، قد يتلاشى بلمح البصر وتعود الأمور مجددا الى المربع الأول كما حصل سابقا وأكثر من مرة.

ما تشهده المفاوضات والمشاورات الجارية بات أشبه بلعبة 3 ورقات، حيث يسعى كل طرف الى التذاكي على الطرف الآخر لانتزاع المكاسب التي يريدها منه، الأمر الذي يجعل البلد برمته في حفلة ″خداع وتكاذب″، و″ضحك على الذقون″، تارة لكي يحافظ هذا الفريق على ماء وجهه السياسي، وتارة أخرى كي لا يظهر ذاك الفريق بأنه خسر وتراجع عن موقفه، ولو كان ثمن ذلك شراء عدد من الأقنعة لوزير اللقاء التشاوري لكي يرتديها في المهمات المطلوبة منه حكوميا شكلا ومضمونا، سواء ضمن اللقاء، أو مع رئيس الجمهورية، أو مع كتلة لبنان القوي، أو ربما مع أي فريق آخر.

قد يحتاج اللبنانيون الى جرعة تفاؤل تعيد لهم الأمل بوطنهم، لكن العقد التي تتوالد ضمن كل بند خلافي ما تزال تعطي الأرجحية لكفة التشاؤم، إلا إذا صدقت النوايا وسعى المعنيون بالتأليف فعلا لا قولا الى الافراج عن الحكومة عندها فقط يخرج الدخان الأبيض وتصدر المراسيم، وهذا الأمر لا يبدو أنه متوفر الى الآن بالرغم من قرار الرئيس الحريري حسم الأمور في غضون الاسبوع الحالي.

لا يختلف إثنان على أن أولوية الوزير جبران باسيل كانت وما تزال الثلث المعطل الذي يجعله قابضا على الحكومة وإجتماعاتها وقراراتها، وشريكا في الحكم الى جانب رئيس الحكومة الذي سيفقد صلاحياته، وهذا أمر بات يدركه الجميع الذين يرفضون وبدون إستثناء أن يحصل رئيس كتلة لبنان القوي على 11 وزيرا، تحت شعار أنه “لا يجوز لأي طرف سياسي أن يحصل على هذا العدد”، ما يدفع باسيل الى أن يقترح ما هو أصعب لجهة تبديل الحقائب وحصوله على وزارة البيئة، علما أن هذا الأمر لا يتوقف عند هذه الوزارة فقط، بل سيفتح بابا لن يقفل بسهولة، وربما يؤدي الى إنهيار التركيبة الحكومية برمتها خصوصا أنه لا يمكن لباسيل أن يحصل على البيئة، من دون أن يطال التبديل الاشتراكي والقوات ومعهما الرئيس نبيه بري.

هذا من جهة، أما من جهة اللقاء التشاوري فحدث ولا حرج عن العقد، بداية بالخلاف الداخلي على حضور ممثل اللقاء إجتماعات كتلة لبنان القوي، ومن ثم كيفية تعاطي المعنيين بالتأليف مع الأسماء الثلاثة المطروحة: عثمان مجذوب، حسن مراد، وطه ناجي.

بالنسبة لمجذوب فإن الحريري ليس لديه مانعا في تسميته، لكن المانع عند رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل كونه مقرب من النائب فيصل كرامي شريك زعيم تيار المردة سليمان فرنجية في التكتل الوطني المستقل، لكن الأزمة التي سيواجهها الحريري هي أن المجذوب طرابلسي، وأن ثمة مقعدا وزاريا محسوما لكتلة الوسط المستقل في طرابلس، ما يعني أن الرئيس المكلف سيكون أمام وزيرين طرابلسيين، ولن يستطيع تسمية وزير من تياره في المدينة وهو أمر لن يُحمد عقباه ضمن التيار الأزرق، كما أن ذلك سيقطع الطريق بشكل نهائي على تمثيل النائب السابق محمد الصفدي الذي تتراجع حظوظ تمثيله يوما بعد يوم.

وبالنسبة لـ حسن مراد، فإن رئيس الجمهورية لا يمانع تسميته، لكن المانع عند الرئيس الحريري الذي يعتبر أن توزير نجل النائب عبدالرحيم مراد بالامكانات الضخمة التي يمتلكها، وتمثيله منطقة البقاع، سيؤدي الى سحب البساط السياسي من تحت أقدام تيار المستقبل في المنطقة، وسيحول أيضا دون توزير جمال الجراح الذي قد يزعج غضبه الحريري كثيرا، خصوصا أنه لم يترشح للانتخابات بناء على وعد رئيس تياره بتوزيره.

أما الحاج طه ناجي فينطبق عليه ما ينطبق على مجذوب لناحية حصة تيار المستقبل في طرابلس، كما أن توزيره سيضع الحريري في مواجهة مع دار الفتوى، ومع أطراف إسلامية أخرى نظرا للخلاف القائم مع جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية.

كل ذلك يشير الى أن الأمور تحتاج الى كثير من الجهد والوقت، إلا إذا كان في الأفق جرسا إقليميا أو دوليا يُقرع إيذانا بتشكيل الحكومة، عندها ستنهار كل هذه العقد تلقائيا، وتبصر الحكومة النور في شهرها التاسع.


مواضع ذات صلة:

  1. شروط باسيل تعجيزية.. والحريري أمام خيارات صعبة… غسان ريفي

  2. التفاؤل الحكومي ما يزال سراباً يحسبه الظمآن ماءً… غسان ريفي

  3. التفاؤل مصطنع.. وحركة تأليف الحكومة من دون بركة… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal