ميقاتي يعمّم نهج الوسطية.. ويبني جسور التلاقي بين المناطق… غسان ريفي

يُدرك الرئيس نجيب ميقاتي أن لبنان يحتاج اليوم الى ″الوسطية″ التي أرساها كنهج سياسي منذ أن أطلقها في مؤتمر دولي عُقد في طرابلس قبل عدة سنوات، غير آبه بكل الانتقادات التي تعرضت له من قبل الخصوم السياسيين الذين شيئا فشيئا أيقنوا أن هذا النهج يقدم حلولا كثيرة لكل الأزمات التي يعاني منها البلد، تماما كما شعار ″النأي بالنفس″ الذي تعرض لحرب شعواء خلال حكومته التي أنقذت لبنان، قبل أن يتحول بعد ذلك الى وصفة سحرية والى خشبة خلاص لكل النظام السياسي.

يبدو واضحا أن الرئيس ميقاتي إتخذ قرارا بتعميم نهج الوسطية كخط سياسي على كل الأراضي اللبنانية، وهو كان بدأ من بشري خلال الصيف الماضي، مرورا ببلدة سير عاصمة الضنية وصولا الى حاصبيا التي زارها أمس وجال فيها مع النائبين وائل أبو فاعور وأنور الخليل والنائب السابق علاء الدين ترو، حيث إلتقى مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلة، كما حرص على لقاء مشايخ خلوات البياضة الذين يشكلون المرجعية الأولى لطائفة الموحدين الدروز في المنطقة ككل، ومساحة يلتقي فيها كل أركان الطائفة الدرزية، وذلك في خطوة تؤكد أن ميقاتي يحرص دائما على أن يكون عامل جمع بين كل الأفرقاء.

حملت زيارة الرئيس ميقاتي الى حاصبيا  رسالة إنفتاح بأبعاد مختلفة، سواء لجهة التلاقي السني ـ الدرزي الذي يشكل صمام أمان للوطن، وأيضا لجهة حرص زعيم سني وطني على بناء جسور التواصل بين المناطق اللبنانية وطوائفها ومذاهبها، إضافة الى تأكيد العلاقة المتينة التي تجمع بين طرابلس وجبل لبنان بدعوة ميقاتي مشايخ خلوات البياضة الى زيارتها، فضلا عن محو صورة التعصب والتقوقع التي لا يزال البعض يحاول أن يعممها عن مدينة العلم العلماء، التي تحرص مرجعيتها السياسية على أن تلعب أدوارا توفيقية، من خلال التواصل مع كل المكونات اللبنانية، فضلا عن الدور الأساس في الدفاع عن إتفاق الطائف، والحفاظ على صلاحيات الرئاسات الثلاث بما فيها الرئاسة الثالثة، ودعم الرئيس المكلف سعد الحريري في إتمام مهمته في تشكيل الحكومة التي يرى ميقاتي أن أمامها مهمات كبيرة جدا على مختلف المستويات.

ثبت بالوجه الشرعي من خلال التجارب الكثيرة الماضية، أن التقوقع المناطقي والمذهبي لا يخدم البلد، كما أن التطرف والتشبث بالمواقف ورفع السقوف السياسية، كلها أمور لا يمكن أن تصل الى نتيجة، ومن شأنها أن تضع لبنان على فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة، وقد عانى اللبنانيون كثيرا من التوترات الأمنية بسببها ودفعوا أثمانا باهظة، قبل أن يعيد الحوار والتلاقي على قواسم وسطية مشتركة الأمور الى نصابها، ففي بلد يضم 18 طائفة لا يمكن أن تستقيم الأوضاع إلا بالنهج الوسطي الذي يخدم البلد ويجمع أبنائه ومكوناته باختلاف إنتماءاتهم وتوجهاتهم على كلمة وطنية سواء.

لا يختلف إثنان على أن أكثرية التوجهات والمناهج السياسية التي إعتمدت من أركان السلطة منذ الاستقلال وحتى الآن أنتجت أزمات من العيار الثقيل، في وقت يُظهر فيه النهج الوسطي قدرة على إجتراح الحلول وتدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر، وهو بدأ يسلك طريقه نحو مزيد من القبول والاعتمادية لدى الأطراف السياسية المختلفة التي بدأت تقتنع بأنه يشكل الحل الأمثل لكل المشاكل، خصوصا بعدما نجح الرئيس ميقاتي في تحويله من مجرد فكرة الى خط سياسي كفيل بتأمين شبكة أمان للبنان واللبنانيين، إنطلاقا من قناعته وقناعة كثيرين بأن خير القيادات هي التي تطرح الوسطية نظام حياة ومنصة لبناء الوطن، وعملا بالآية الكريمة وجعلناكم أمة وسطا.


مواضيع ذات صلة:

  1. بعد ″النأي بالنفس″.. عون يلاقي ميقاتي في رفض الأعراف الجديدة… غسان ريفي

  2. نجيب ميقاتي.. كاسحة ألغام لضمان سلامة البلد… غسان ريفي

  3. ميقاتي يدفع ثمن حماية الطائف.. وصلاحيات رئاسة الحكومة؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal