الحريري يسير خطواته بين تيارين.. بارد وحار… مرسال الترس

مئتان وسبعة واربعون يوماً طويت على تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات النيابية التي كان يعوّل على نتائجها كثيراً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيس المكلف يتأرجح بين التسرع بتحديد المواعيد، وبين المماطلة المقصودة عبر التطنيش أو السفر الى هذه العاصمة او تلك.

العديد من المراقبين مقتنعون بأن الحريري الساعي بجدية لتشكيل حكومته الثالثة منذ أن دخل نادي رؤساء الحكومات يواجه تيارين بالغي الصعوبة أمام حركته: الاول بارد ويتمثل في إتكاله على اتفاق باريس مع التيار الوطني الحر الذي أيد بموجبه ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية بعد رفض تام لنحو سنتين، والذي قيل حينها بان الاتفاق يحجز له تاليف حكومات العهد. وفي هذا السياق يبدو أن صبر رئيس الجمهورية بدأ ينفذ ولاسيما بعدما نُقل عنه مؤخراً أستياءه من التأخير الحاصل جراء عراقيل مصطنعة. وأنه اذا كان قد هضم بصعوبة عدم تشكيل الحكومة قبل إنعقاد القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية، فان دخول التشكيل في شهره التاسع مع ما يتردد عن دقة وحساسية الاوضاع المالية والاقتصادية سيشكل ضربة موجعة للعهد الذي كان يبني آمالاً كبار جداً على هذه الحكومة بالذات، الامر الذي قد يُفضي الى تعليق الشراكة المرحلية بين المستقبل والتيار الوطني الحر وطي الصفحة التي لم يُقرأ الاّ عنوانها!

 أما التيار الثاني الذي يواجه الحريري فهو حارٌ جداً ويتمثل بعدم إعترافه بان المشهد في الاقليم قد تبدل كلياً، أو على الأقل بصورة ملموسة، حتى الآن لمصلحة التيار الداعم لمقاومة اسرائيل والذي يتجه لفرض شروطه في هذا الجزء من الاقليم أوذاك كمحصلة طبيعية لتلك النتيجة. ولذلك تبدو حركة الرئيس المكلف متخبطة في العملية المعقدة لتشكيل الحكومة وسط جو من الضغوطات والتصعيد التي يصفها البعض بالخطيرة جداً، ارتباطاً بوضع الاقليم ككل وعدم رسو سفنه في ميناء هادئ حتى اللحظة. وآخرون يتحدثون همساً في الصالونات الضيقة عن سيناريوهات دقيقة ومحددة جداً على الساحة اللبنانية، لا بل انها تدخل في تفاصيل التفاصيل التي لا يتمناها اللبنانيون، خصوصاً وأنهم قد عاشوا اوضاعاً مشابهة لها في فترات سابقة كانت مؤلمة جداً.

 لذلك فإن الرئيس الحريري أمام خيارين لا ثالث لهما لحفظ ماء الوجه: إما القبول بالمطالب وتحمل التبعات مهما عظُمت. واما إتاحة الفرصة أمام أجواء مختلفة، وهو الامر الذي لا يبدو متاحاً له بسهولة في ظل التجاذبات الاقليمية التي تجد في الساحة اللبنانية أفضل ترجمة!..


مواضيع ذات صلة:

  1. بلد الطوائف.. إجتماع للدروز بعد السنّة والشيعة والموارنة… مرسال الترس

  2. محاولات لإحياء عظام 14 آذار.. وهي رميم… مرسال الترس

  3. في العراقيل الحكومية.. إسألوا جبران… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal