موت سريري يُخيّم على مساعي تأليف الحكومة… عبد الكافي الصمد

إذا كانت القمّة العربية الإقتصادية والإجتماعية التي يستضيفها لبنان يومي غد وبعده قد حجبت مؤقتاً أزمة تأليف الحكومة اللبنانية المعلقة على حبال الخلافات الداخلية والصراعات الإقليمية، فإن ما حفلت به الساعات القليلة الماضية من تطورات أعطت إنطباعاً أن تأليف الحكومة دخل في ″الكوما″، وأنه لا وجود لأي بصيص أمل يشير إلى أن ولادة الحكومة ستكون في المدى المنظور.

بعد مرور 239 يوماً على تكليف الرئيس سعد الحريري مهمّة تأليف الحكومة، يبدو من خلال العقد التي اعترضته والشروط والشروط المضادة التي وضعها سواء الحريري نفسه أو غيره من الفرقاء السياسيين، أن الأمور قد عادت إلى نقطة الصفر، وكشفت التطورات أن الجهود التي بذلت لإيجاد مخارج لتأليف الحكومة كانت مضيعة للوقت، إستناداً إلى مواقف وتصريحات كشفتها الأيام الأخيرة، وبيّنت حقيقة أهداف القوى الداخلية والخارجية بما يتعلق بالحكومة العتيدة المنتظرة.

أبرز هذه التطورات والمواقف الدّالة على ذلك تمثلت في الآتي:

أولاً: إعلان وكيل وزير الخارجية الأميركية دايفيد هيل، بعد لقائه الحريري يوم الإثنين الماضي خلال زيارته لبنان، أن واشنطن “تشجع حكومة تصريف الأعمال على المضي قدماً حيث يمكنها، وخصوصاً على الصعيد الإقتصادي، لتجنب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية”، ما أعطى إشارة واضحة إلى أن الإدارة الأميركية دخلت بوضوح على خط عرقلة تأليف الحكومة، لأن نوع الحكومة المختارة، كما وصف الحكومة المنتظرة، أمر يعني الولايات المتحدة من أكثر من جانب.

ثانياً: حمّل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، خلال اللقاء التشاوري الماروني الموسّع الذي عقد في بكركي، يوم أول من أمس، مسؤولية عدم تأليف الحكومة للتيار الوطني الحرّ، عندما خاطب البطريرك بشارة الراعي والحاضرين بقوله إن مشكلة عدم تأليف الحكومة متعلقة فقط بمسألة الثلث المعطل، متهماً التيار الوطني الحرّ بانه هو وراء هذه المشكلة، وموضحاً أن القصة عالقة هنا، فليتخلّ التيار الوطني عن وزير من الـ11 وزيراً، عندها تتألف الحكومة. قبل أن يرمي مسؤولية عدم تأليف الحكومة على الحريري أيضاً، عندما غرّد فرنجية أمس أن حزب الله متمسك بتمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين في الحكومة، ولن يتراجع، وغامزاً من قناة تحالف الحريري مع التيار البرتقالي بقوله: إذا كان الرئيس سعد الحريري مصراً وحريصاً على منح الثلث الضامن لرئيس الجمهورية – كما قرأنا في المستقبل اليوم (أمس) – فليتنازل من حصته عن وزير سنّي للقاء التشاوري، فتحل المشكلة.

ثالثاً: جاء نفض المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس يديه من مساعيه كوسيط في المبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية ميشال عون لتذليل العقبات أمام تأليف الحكومة، وتوضيحه بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنه لم أعد معنياً بهذا الموضوع أبداً لا من قريب ولا من بعيد، ليطلق رصاصة الرحمة على أي أمل بولادة الحكومة قريباً، وإعادة الأمور إلى المربع الأول، ما يشير إلى أن مرحلة عصيبة تنتظر لبنان بعد انتهاء أعمال القمة العربية، بعدما لم يعد ممكناً إعادة التفاوض على تشكيل الحكومة من جديد، ولا البقاء في حال من المراوحة، إثر وصول الإهتراء في البلد، على كل الصعد، إلى مرحلة تنذر بكثير من المخاطر.


مواضيع ذات صلة:

  1. نوّاب اللقاء التشاوري للحريري وباسيل: نحن هنا… عبد الكافي الصمد

  2. وقت ضائع يملأ الفراغ الحكومي بانتظار سين ـ سين جديدة… عبد الكافي الصمد

  3. ماذا يفعل الحريري بمقام رئاسة الحكومة؟… عبد الكافي الصمد


Post Author: SafirAlChamal